ثورة يناير التي غيّرت المصريين

ثورة يناير التي غيّرت المصريين

25 يناير 2022
تحيا مصر (فايد الغزيري/ Getty)
+ الخط -

"الثورة أجمل وأطهر تجربة عشتها في حياتي، وستبقى كذلك"، تقول الثلاثينية سارة عبد العزيز. تستذكر الأيام الأولى للثورة وهي تدندن أغنية للشيخ إمام: "صباح الخير على الورد اللي فتح في جناين مصر". وتقول إن الأغنية تعبّر "حرفياً عن ثورة يناير/ كانون الثاني، رغم أنها سبقتها بأكثر من ربع قرن. الثورة أثبتت بالفعل أن مصر ولّادة وشعبها يستطيع أن يحقق النصر". وتقول: "ما أحدثته الثورة من تغيير جذري في المجتمع لهو أمر عظيم، فقد أثبتت أن الأمل في التغيير ممكن"، مضيفة: "مصر الآن ليست كما كانت قبل الثورة. صحيح أن هناك غلاء، إلا أن بعض الفئات زادت رواتبها. بات لدينا مترو الأنفاق، كما أنّ الاستجابة إلى الشكاوى تتم سريعاً. وصار لدينا برنامج تكافل وكرامة (برنامج التحويلات النقدية المشروطة الذي أطلقته وزارة التضامن الاجتماعي تحت مظلة تطوير شبكات الأمان الاجتماعي). صحيح أنّ المبلغ هزيل، لكن أشعر أنّ هناك من يفكر في الفقير".
تتابع سارة: "عشت خلال الثورة أجمل أيام حياتي، على الرغم من تأثيراتها السلبية والإيجابية في آن. مصر التي نحب تستحق منا جميعاً التضحية. كما أن الشهداء الذين ضحوا بدمائهم فعلوا ذلك لأنّ مصر تستحق". وتؤكد أنّ "ثورة يناير/كانون الثاني حققت هدفها وأسقطت نظام حسني مبارك، بعدما رفع الشعب المصري شعار الشعب يريد إسقاط النظام، ونجح بالفعل في تحقيق الهدف خلال 18 يوماً فقط، وأوصل رئيساً بقي مسيطراً على الحكم لمدة 30 عاماً إلى المحاكمة". تضيف: "انتخب المصريون ثلاثة رؤساء (ثانيهم عدلي منصور لم يُنتخب بل عيّن رئيساً مؤقتاً) ما بين عامي 2012 و2020، وهو ما يعد إنجازاً تاريخياً". 

بدورها، تقول العشرينية مرام بدوي إنه على الرغم من أن عمرها لم يكن يتجاوز الرابعة عشرة حين اندلعت الثورة، وبالتالي لم تتمكن من المشاركة فيها، إلا أن تأثيرها كان كبيراً عليها. وتشير إلى أن "الثورة كانت علامة مضيئة في تاريخ الشعب المصري في وجه الاستبداد والفساد. كما ساهمت في زيادة الوعي السياسي والتخطيط للمستقبل".  
أما الأربعيني أحمد إمام، الذي شارك في الثورة منذ يومها الأول، فيقول إن "العالم كله شهد أن ما حدث كان أعظم ثورة في التاريخ، بسلميتها ومبادئها وشهدائها الأبرار الذين ضحوا بحياتهم في سبيل مستقبل الوطن"، مضيفاً أن "شهداء الثورة ومصابيها وجنودها المجهولين والمعتقلين هم أهم وأعظم إنجاز للثورة. ومن أجلهم، سنبقى مخلصين لمصر ومبادئ ثورتنا حتى تتحقق كل أهدافها، وينال ثوارها الحرية".

الصورة
ذكرى لا يمكن نسيانها (أحمد إسماعيل/ الأناضول)
ذكرى لا يمكن نسيانها (أحمد إسماعيل/ الأناضول)

من جهته، يقول الباحث والكاتب المصري محمد جبريل إن أهم إنجاز حققته ثورة يناير/كانون الثاني هو "تشكيل الوعي". ويوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "عودة الناس للعمل السياسي فضيلة من فضائل الثورة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الوعي السياسي وفهم تكوين السلطة ومواقع النفوذ في الدولة". يضيف أن "الثورة تسببت أيضاً في زيادة إثارة العديد من القضايا الاجتماعية، مثل قضية الحريات الشخصية، وتشكيل تيارات اجتماعية جديدة". 
ويرى جبريل أنّ "استعادة القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب تعد من أهم إنجازات الثورة". ويذكر غناء طلاب كلية الطب في كلية المنصور الجامعة: "أنا دمي فلسطيني، خلال تخرجهم". ويوضح أن الثورة "نقلت القضية من جماعة الإخوان المسلمين إلى عموم التيارات السياسية"، مضيفاً أنّ "القضية الفلسطينية باتت ملكاً للناس أنفسهم وهذا جيد، وإن كان ينقصها التأطير السياسي من خلال تشكيل لجان وتنظيم ندوات". ويشير إلى أن هذا الوضع "يبقى مؤقتاً ولو طال، إذ إنّ القضايا الوطنية ليست ثابتة، بل إنها في صعود وهبوط"، مؤكداً أن "الثابت الوحيد هو أن فلسطين ستظل قضية مصرية ومصيرية بالنسبة للعرب". 

وفي ما يتعلق بالوعي، يقول جبريل: "لم نعد كما كنا قبل الثورة، إذ اكتسبنا خبرات عملية على الأرض بدأت بالتراكم منذ اللحظة التي نزلنا فيها إلى الشارع". يضيف: "الجميع أصبح يفكر ويسأل ويعي كيف كان الرئيس المخلوع حسني مبارك متحفظاً جداً على شروط صندوق النقد الدولي، فنفذ أبطأ برنامج إصلاح اقتصادي في التاريخ". 
ويؤكد: "مع ذلك، فإن تشكيل الوعي يعد في حد ذاته إنجازاً عظيماً، وسيستمر إلى أن يؤمن الشعب بأن التغيير مسألة ضرورية"، مشيراً إلى أن الثورة منحت كل من شارك فيها من ناشطين وشباب وتيارات سياسية مختلفة خبرات عملية لم تكن لتكتسب لولاها. يتابع: "الأثر الذي تركته الثورة سيستمر إلى حين استكمال المشروع. وهذا ما يدركه الجميع سواء من هم في السلطة أو يمارسون العمل السياسي من خلال التيارات السياسية".

المساهمون