تونس: لجان مجابهة الكوارث تتحسب للفيضانات والتقلبات الجوية

تونس: لجان مجابهة الكوارث تتحسب للفيضانات والتقلبات الجوية

09 يناير 2024
تخلف الفيضانات خسائر سنوية في تونس (ياسين جايدي/الأناضول)
+ الخط -

مرت أكثر من أربع سنوات على الفيضانات المدمرة التي شهدتها مدينة نابل، ولم ينس التونسي أحمد السعيداني فاجعة تصدع منزله بعد تدفق مياه الأمطار إلى داخله، وجرفها كل أثاثه. كان المشهد مرعباً، وكاد أن يؤدي بحياة عائلته.
يقول السعيداني: "منذ تلك الكارثة، أصبحت أستعد في أواخر شهر أغسطس/آب من كل عام، تحسباً لتكرار الفيضانات. لا أثق في التدخلات المسبقة للجان مجابهة الكوارث، لذا أجهز أكياساً كبيرة من الرمال لسد المنافذ، ومنع تسرب مياه الأمطار. بنى أغلب السكان جداراً بارتفاع نحو ربع متر في مدخل البيوت لمواجهة مياه الأمطار، ونستعد سنوياً حتى وإن لم يصدر معهد الرصد الجوي تحذيرات، فلن ننتظر حتى يفاجئنا فيضان الأودية، واقتحام المياه الأحياء والبيوت، خصوصاً أن العديد من المنازل بنيت في المنخفضات".
ولا يشغل هاجس الفيضانات بال المواطنين وحدهم، فعلى الرغم من أزمة الجفاف وشح الأمطار خلال السنوات الأخيرة، إلا أن لجان مجابهة الكوارث تعقد بداية من شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام اجتماعات لاتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الفيضانات قبل حلول موسم الأمطار.
وشهدت العديد من المناطق والجهات فيضانات سنوية تتسبب في خسائر مادية كبيرة، خصوصاً في محافظات الشمال والوسط. وتعتمد الجهات الرسمية مثل وزارة التجهيز ووزارة الفلاحة ووزارة البيئة، على تحذيرات معهد الرصد الجوي، لتحديد مهام كل إدارة وفق صلاحياتها وإمكانياتها، وتفادي نقص المعدات.
وشهدت عدة مناطق خلال الآونة الأخيرة، كميات كبيرة من الأمطار التي تسببت في أضرار بالأراضي الزراعية، ما أثار مخاوف سكان الأرياف والقرى، وبعض المدن التي تشهد فيضانات في فترات مختلفة من فصل الشتاء.
يقول أحمد شرف الدين، من سكان محافظة نابل، إنه هناك عدة أودية في الجهة، ورغم أنه تم تجهيز أغلبها، إلا أن نزول كميات كبيرة من الأمطار قد يؤدي إلى فيضانها، وبالتالي دخول المياه إلى المساكن والمحال التجارية وغيرها، ما يتسبب في خسائر مادية للسكان وللتجار.
يضيف شرف الدين: "شهدت المنطقة خلال السنوات الأخيرة كوارث عدة بسبب الفيضانات التي نتجت عن فيضان الأودية وبعض السدود. تتدخل فرق الإنقاذ المدني عادة، لكن نتيجة نقص المعدات ونقص الموارد البشرية يكون التدخل بطيئاً في أغلب الأحيان".

الصورة
تستعد السلطات التونسية مبكرا لموسم الأمطار (ياسين جايدي/الأناضول)
تستعد السلطات التونسية مبكرا لموسم الأمطار (ياسين جايدي/الأناضول)

وركزت لجان مجابهة الكوارث في اجتماعاتها حول موسم الأمطار الحالي على "النقاط الزرقاء"، وهي المناطق التي تتطلب تدخلات عاجلة وتدابير استباقية، إضافة إلى محاولة تجاوز الصعوبات والعراقيل، كما دعت أغلب اللجان إلى ضرورة الإسراع في تنظيف الأودية ومجاري المياه، وتنظيف البالوعات، وصيانة الطرق التي تشهد انزلاقات خلال الموسم الشتوي، إضافة إلى تجهيز المخططات الجهوية لتفادي الكوارث، وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية لسبل النجدة.
وتمت خلال جلسات اللجان دعوة البلديات ومصالح التجهيز والفلاحة، إلى مواصلة جهود تنظيف الأودية، ومجاري المياه، وقنوات تصريف مياه الأمطار، وإزالة البقايا التي يمكن أن تسد مجاري الأودية، والتي تتطلب تدخلاً مستمراً من قبل البلديات لإزالتها.
وأكدت اللجان، خاصة في المناطق الريفية، على ضرورة التثبت من سلامة الوسائل والمعدات الخاصة بمجابهة الكوارث، وتنظيم النجدة، وصيانة التالف منها استعدادا لأي تدخل طارئ، كما باشرت بعض اللجان معاينات ميدانية، خاصة في المناطق التي تشهد تجمع كميات كبيرة من مياه الأمطار بسبب وجود منخفضات تنجرف إليها المياه مكونة بركاً مائية، ما يجعلها يمكن أن تتسرب إلى المنازل والمحال في حال هطول أمطار غزيرة، إضافة إلى تفقد الجسور التي تتقاطع مع الأودية.

ونفذت لجان مواجهة الكوارث تدريباتها السنوية على مهام التدخل السريع لاحتواء مخاطر الفيضانات، أو تدفق كميات كبيرة من المياه إلى الأحياء السكنية، واعتمدت استراتيجيات إنقاذ المنازل، واستعمال التجهيزات الجديدة الخاصة بالتدخل في مثل هذه الحالات. كما تم تفقد شبكات الكهرباء والغاز ومياه الشرب والاتصالات، والتأكد من سلامتها، وقدرتها على مجابهة الأمطار، خصوصا في المناطق النائية.

المساهمون