تونس: التلاميذ العائدون من المهجر يعانون للتأقلم في المدارس الحكومية

تونس: التلاميذ العائدون من المهجر يعانون للتأقلم في المدارس الحكومية

15 فبراير 2022
يعاني التلاميذ العائدون من المهجر من صدمة تقبّل الفضاءات الجديدة (ياسين جعيدي/الأناضول)
+ الخط -

أظهرت دراسة بحثية لمنتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس، أنّ المدرسة التونسية تعاني ضعفاً كبيراً في إدماج أبناء التونسيين العائدين من المهجر، حيث إنّ هؤلاء التلاميذ الذين يفوق عددهم الـ20 ألفاً، يواجهون صعوبة في التكيّف في دول المهجر كما صعوبة في التأقلم في بلادهم، ما ينعكس سلباً على مستوى تحصيلهم الدراسي.
وبالرغم من أنّ آلاف التونسيين المقيمين في دول أجنبية يفضّلون العودة إلى بلادهم من أجل تعليم أبنائهم، إلاّ أنهم غالباً ما يصطدمون بعثرات كبيرة تنعكس سلباً على نتائج أبنائهم، بحسب الدراسة التي طلبت ضرورة أخذ وزارة التربية هذه الحالات بعين الاعتبار في مشروع الإصلاح التربوي الذي تعتزم تنفيذه.
وتكشف بيانات وردت في الدراسة البحثية للمنتدى، أنّ عدد أبناء التونسيين العائدين من المهجر المسجّلين في المدارس الحكومية الابتدائية، يقدّر بـ12899 تلميذاً فيما يبلغ عددهم في المستوى الإعدادي والثانوي 9043 تلميذاً.
وشخّصت الدراسة الصعوبات التي يتعرّض لها أبناء التونسيين العائدين من المهجر، استناداً إلى شهاداتهم، بصدمة تقبّل الفضاءات الجديدة، حيث غالباً ما يجدون فرقاً كبيراً بين الفضاءات المدرسية في دول الإقامة السابقة ووضع المدارس الحكومية التونسية التي تشكو من تردي البنية التحتية عموماً ونقص فضاءات الترفيه.
ويقول أولياء في شهادات أوردتها الدراسة، إنّ أبناءهم كانوا يحصلون في بلدان الإقامة السابقة على علامات جيدة، غير أنّ مستواهم تراجع عند العودة إلى تونس بسبب صعوبة التأقلم مع الفضاءات الجديدة، ما يسبّب لهم أزمات نفسية ينتج عنها الانطواء والانغلاق دون أن تأخذ المؤسسات التربوية ذلك بعين الاعتبار.
وينتقد الأولياء غياب الإحاطة النفسية بالتلاميذ في النظام التعليمي في بلدهم، فيما تحضر هذه الرعاية بقوة في المدارس الأوروبية أو دول الخليج العربي، حيث يتعزز حضور الجاليات التونسية.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويذكر المتحدثون أيضاً أنّ أبناءهم يواجهون الوصم، وهو ما يشعرهم بالاغتراب ويؤثّر على قدراتهم ونتائجهم الدراسية، مجمعين على أنهم يضطرون إلى إعطاء أبنائهم دروساً خصوصية من أجل إنقاذ مسارهم الدراسي، في غياب خطط حكومية لاحتواء هؤلاء التلاميذ.
ويقول الباحث المختصّ في التربية، علي السياري، إنّ "المدرسة التونسية إقصائية في أغلبها رغم كل محاولات الإصلاح التي حاولت تقليص الإقصاء للمختلفين".
وأفاد السياري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "أبناء التونسيين العائدين من المهجر يصنفون أيضاً ضمن "المختلفين"، باعتبار أنّ بعضهم قد لا يجيد حتى اللغة الأم، وهو ما يجعلهم في مواجهة صعوبات لا يستطيع المدرّس تجاوزها باجتهاد فردي، حتى وإن توفّرت لديه الإرادة لذلك لأسباب عديدة، أهمها كثرة عدد التلاميذ داخل الفصل الواحد وضغط الزمن المدرسي" .
وطالب السياري بأن تكون الإحاطة بكل الفئات المختلفة، ضمن مشروع الإصلاح التربوي الذي تنوي وزارة التربية القيام به"، مشدداً على أن "يكون الإصلاح قريباً من الواقع ولا يعتمد على نظريات لا يمكن تطبيقها داخل مؤسسات تعليمية تفتقر أحياناً إلى أبسط المقومات".
كذلك طالب الخبير في التربية أن يشمل التأهيل، المدرّسين، وكلّ المتدخلين في العملية التربوية، باعتبارهم الأداة التي ستنفذ أي عملية إصلاح تنوي السلطات القيام بها.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن وزير التربية فتحي السلاوتي، قرار الانطلاق في العمل على برنامج لإصلاح المنظومة التربوية الإبتدائية بالشراكة مع الجامعة العامة للتعليم الأساسي والنقابة العامة لمتفقدي الابتدائي.
ويضمّ البرنامج الإصلاحي المناهج والبرامج والمقاربات والكتب المدرسية، والزمن المدرسي والحياة المدرسية والفضاء والموارد وظروف العمل والتكوين وتطوير الكفاءات الفاعلة في المجال.

المساهمون