تقرير حقوقي يرصد أزمات وعقبات تعيشها مهنة المحاماة في مصر

تقرير حقوقي يرصد أزمات وعقبات وقمعاً شديداً تعيشهما مهنة المحاماة في مصر

25 يناير 2023
أزمات عدة عاشها ويعيشها المحامون في مصر (فرانس برس)
+ الخط -

قالت منظمة "كوميتي فور جستس" إن الاحتفال هذا العام باليوم العالمي للمحامين، في 24 يناير/ كانون الثاني من كل عام، يأتي بالتزامن مع أزمات عدة عاشها ويعيشها المحامون في مصر، إما بسبب تعنت السلطات، سواء التنفيذية أو القضائية، معهم رغم أنهم جناح مهم وفعال من أجنحة العدالة، أو لأنهم كجزء من الشعب المصري يعاني معه من آثار القمع والاستبداد، اللذين أدمنتهما السلطات المصرية في تعاملها مع كافة فئات المجتمع.

ويحتفل العالم باليوم العالمي للمحامين المعرضين للخطر، والذي يعتبر تاريخاً لإحياء ذكرى مقتل أربعة محامين وزميلهم بمكتبهم في مدريد سنة 1977، ولتسليط الضوء على وضع المحامين الذين يعانون من القمع والتعذيب وحتى القتل بسبب ممارستهم لمهنة المحاماة.

وأكدت المؤسسة أن أزمة محامي مطروح "مثال واضح على ما يعانيه المحامون في مصر أثناء مزاولتهم لمهام مهنتهم، وهي تلك الأزمة التي بدأت مع نشوب مشادة فيما بين محامٍ وأحد موظفي المحكمة، الأمر الذي تطور إلى اعتداء لفظي ثم تشابك بالأيدي بين عدد من المحامين الذين تدخلوا لمساندة زميلهم من ناحية، وموظفي المحكمة الذين ساندوا زميلهم من الناحية الأخرى".

وجاء قرار النيابة "التي من المفترض أن تكون حكماً موضوعياً بين الطرفين، بحبس المحامين لمدة أربعة أيام، فيما تقرر إخلاء سبيل موظفي المحكمة بضمان وظيفتهم، مع صدور قرار بضبط 4 محامين آخرين وتحويل الأمر للقضاء، الذي حكم على المحامين بالحبس لمدة عامين لتتفاقم الأزمة".

من ناحيته، علق المدير التنفيذي لـ"كوميتي فور جستس"، أحمد مفرح، على ذلك بقوله: "الأزمات تتوالى على المحامين في مصر، فبين قمع مطلق، واستهداف متعمد، وتعنت في مزاولة مهام المهنة، يعيش المحامون في مصر أسوأ فترات القمع، والتي رصدت المؤسسة جزءاً بسيطاً منها، وما خفي أعظم".

وكانت "كوميتي فور جستس" قد بدأت منذ سنة 2018، بجمع وتصنيف حالات انتهاك حقوق الإنسان بحق 519 ضحية من المحامين ومن المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين استهدفتهم السلطات بالحرمان من الحرية تعسفياً والحبس الاحتياطي المطول والتدوير والتعذيب وسوء أوضاع الاحتجاز التي أفضى بعضها للوفاة، إذ توفي 11 محامياً، منهم اثنان من ضمن المدافعين عن حقوق الإنسان، وتوفوا جميعاً داخل مقرات الاحتجاز.

كما شهد شهرا سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2019 أكبر حملة من النظام المصري ضد المحامين والناشطين الحقوقيين طاولت أكثر من 31 فرداً في محافظات القاهرة، وكان هذا على خلفية تظاهرات جمعة الغضب في سبتمبر/ أيلول التي أعقبت انتشار فيديوهات المقاول المصري والممثل السابق محمد علي عن فساد النخبة العسكرية الحاكمة وسيطرتها على السوق المحلي المصري.

شهد شهرا سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2019 أكبر حملة من النظام المصري ضد المحامين والناشطين الحقوقيين

كذلك تأتي من بين أبرز وقائع استهداف المحامين الحقوقيين وتجاوز السلطات في حقهم أثناء أداء عملهم حالة اعتقال المحامي الحقوقي محمد الباقر، مدير مركز عدالة" للحقوق والحريات، والمعروف بتفانيه في تقديم الحماية القانونية للضعفاء، إذ أُلقي القبض عليه في سبتمبر/ أيلول 2019، أثناء دفاعه عن موكله الناشط علاء عبد الفتاح، في القضية 1356/2019 حصر أمن الدولة، ليتم ضمه إلى نفس القضية بتهم مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وغيرها من التهم.

ورصدت "كوميتي فور جستس" أيضاً في الفترة نفسها توقيف المحامية الحقوقية البارزة ماهينور المصري، من قبل قوات الأمن الوطني فور خروجها من مقر نيابة أمن الدولة في القاهرة، حيث حضرت التحقيقات بصفتها محامية مع عدد من الذين تم توقيفهم خلال التظاهرات سبتمبر/ أيلول 2019.

وفي 16 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، سجلت المؤسسة إلقاء القبض على المحامي الحقوقي البارز عمرو إمام من منزله في القاهرة، حيث أخفته السلطات قسرياً، ليظهر أمام النيابة العامة بتهم كمشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.

وفي يناير/ كانون الثاني 2021، سُجّل اختفاء المحامي إسلام سلامة، قسرياً للمرة الثالثة، بعد أن أحالته نيابة أمن الدولة العليا في مايو/ أيار 2020 على القضية 1375/2018 حصر أمن الدولة العليا، ثم قامت بتدويره في قضايا متلاحقة كلما حصل على قرار بإخلاء السبيل، منها القضية 7869/2020 إداري التي تم تدويره بها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.

كما لفتت المؤسسة إلى أنه من أبرز القضايا التي عمل فريق "مراقبة المحاكمات" لديها على تحليلها قضيتان فاصلتان في تاريخ وممارسة المحاماة، أولهما قضية "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، والأخرى قضية المحامي الحقوقي البارز وعضو مجلس الشعب السابق زياد العليمي، قضية "معتقلي الأمل".

وأضاف مفرح: "أضف لكل ما سبق الحمل الاقتصادي الذي وضعه النظام في مصر على كاهل المحامين؛ من خلال تطبيقه لنظام ضرائبي جديد "الفاتورة الإلكترونية"، الذي أضاف عبئاً على المحامي في تعاملاته المادية مع موكليه، ليكمل النظام في مصر إحكام الخناق على مهنة المحاماة".

وكان آلاف المحامين قد تظاهروا أمام مقر نقابتهم بوسط القاهرة، في بلد يحظر التظاهرات؛ للاحتجاج على منظومة الفاتورة الإلكترونية الجديد التي أدخلتها وزارة المالية حيز التنفيذ، حيث ندّد المحامون بالمنظومة التي ستجعلهم يدفعون تكاليف باهظة باعتبارهم مقدمي خدمات، وهو ما اعترض عليه المحامون بوصفهم لا يبيعون سلعة وليسوا تجاراً، مستشهدين بدستور 2014، الذي ينصّ على أن "المحاماة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة".

وطالبت "كوميتي فور جستس" السلطات المصرية بتوفير الجو الملائم الذي يسمح بممارسة مهنة المحاماة، ولضمان تمكن جميع المحامين من ممارسة جميع وظائفهم المهنية دون ترهيب أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق.

كذلك دعت المؤسسة السلطات في مصر لبدء حوار مفتوح مع المحامين بشأن منظومة الضرائب الجديدة "الفاتورة الإلكترونية"، والتي من المزمع تطبيقها عليهم، للوصول إلى حل يسهم في تطوير مهنة المحاماة والحفاظ على حقوق المحامين، وتحقيق الدعم الاقتصادي للدولة المصرية في الوقت ذاته.

دلالات

المساهمون