تعلم عن بُعد في مدارس "أونروا"

تعلم عن بُعد في مدارس "أونروا"

16 ابريل 2021
لا تتخلى عن عبوة المواد المعقّمة (العربي الجديد)
+ الخط -

يواجه التلاميذ الفلسطينيون في المدارس التابعة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في لبنان صعوبات في التعلم عن بُعد، كما هي حال تلاميذ آخرين، وذلك لأسباب خارجة عن إرادتهم، من قبيل ضعف خدمة الإنترنت، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، بالإضافة إلى ضيق حال الأهل غير القادرين على شراء أجهزة كومبيوتر، أو هواتف ذكية.
يوضح المسؤول الإعلامي في وكالة "أونروا" في لبنان فادي الطيار أنّ "العدد الإجمالي للتلاميذ الفلسطينيين اللاجئين المسجّلين في مدارس أونروا يبلغ 37 ألفاً و590 تلميذاً للعام الدراسي 2020-2021، وهذا يشمل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية. أمّا نسبة التلاميذ الذين يتلقون التعليم عن بُعد من بينهم، فتصل إلى 85 في المائة (31 ألفاً و951 تلميذاً)، علماً أنّ حضور التلميذ يُسجّل على أساس مشاركته الأسبوعية". وعن الآلية المتبعة في التعليم عن بُعد، يقول الطيار: "لقد توجهت أونروا ابتداءً من مارس/ آذار 2020، على خلفية وباء كورونا، إلى استخدام تطبيقات إلكترونية عدّة، وبشكل رئيسي تطبيق واتساب لتزويد التلاميذ بمواد التعلم الذاتي، تحديداً في المرحلتَين الابتدائية والمتوسطة. أمّا في المرحلة الثانوية، فقد استخدمت الوكالة برنامج زوم. وقد أنشأت أونروا برنامجاً خاصاً لها على مستوى الرئاسة، يهدف إلى إشراك التلاميذ بطريقة أكثر كفاءة وأماناً في مواد تُصمَّم وتُوزَّع بشكل مدروس".
ويحكي الطيار عن الصعوبات التي يواجهها المعلمون وكذلك التلاميذ في عملية التعليم والتعلم عن بُعد، مشيراً إلى أنّ الأمر "يمثّل تحديات للتلاميذ لأنّ البنية التحتية للاتصالات في لبنان عموماً وكذلك في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، غير مؤاتية للتعلم الذاتي بسبب انقطاع الكهرباء وضعف تلقي إشارات الخدمة. بالتالي، لا يتمكن التلاميذ دائماً من تلقي المواد عبر الإنترنت". يضيف الطيار أنّ "التلاميذ يواجهون كذلك التحديات بسبب نقص في الأجهزة الذكية وعدم القدرة على تغطية تكلفة الإنترنت مالياً، بسبب الظروف الاقتصادية المتدهورة في البلاد وارتفاع معدلات البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين. فلم يعد في إمكان العائلات، التي كانت تملك القدرة في السابق، تحمّل تكاليف خدمة الإنترنت اللاسلكي. بالتالي، فإنّ عدداً كبيراً من تلاميذنا غير قادر على التعلم عن بُعد بسبب نقص الأجهزة الذكية، أو ضعف الاتصال بالإنترنت".

الصورة
تلاميذ فلسطينيون لاجئون وتعلم عن بعد في لبنان 4 (العربي الجديد)

ويشير الطيار إلى أنّ "التعلم الذاتي مفهوم جديد نسبياً للتلاميذ اللاجئين، بالتالي من الصعب عليهم تعلم المواد عبر الإنترنت من دون دعم تعليمي في المنزل، نظراً إلى أنّ كثيرين من أولياء أمورهم لم يصلوا إلى مراحل تعليمية متقدمة أو قد يكونون أميين". وعن الآلية المتبعة في احتساب العلامات، يشرح الطيار أنّ "ثمّة طريقتَين للتعلم عن بعد وهما التعلم الإلكتروني والمواد المطبوعة. ففي كلّ أسبوع، تُوزَّع الخطط الدراسية على التلاميذ ومقدّمي الرعاية من خلال مجموعات واتساب أو الموقع الإلكتروني لبرنامج التعلم الذاتي. في الوقت نفسه، تُوزَّع المواد المطبوعة على مستوى المدرسة والتي تغطي الأسبوع التالي، وهذا ما يسمح لنا بالوصول إلى التلاميذ الذين لا يمكنهم التعلم عبر الإنترنت وإشراكهم في العملية". ويتابع الطيار أنّ "تقييم التلاميذ يعتمد على مشاركتهم وحضورهم والأنشطة (المهام والمشاريع) والواجبات المنزلية والاختبار الإلكتروني والاختبارات القصيرة".

إيمان حسن، أمّ لولدين، أحدهما في المرحلة التمهيدية، والثاني في الأساسية، وتقيم مع عائلتها في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا، جنوبي لبنان. تقول لـ"العربي الجديد": "نجد صعوبة كبيرة في عملية تلقي ولدَينا التعليم، وذلك بسبب عدم شرح الدروس وجاهياً. فالمعلمة ترسل الدرس مسجلاً بصوتها عبر تطبيق واتساب، والتلاميذ يرفضون عادة متابعة الدروس بهذه الطريقة لأنّهم يشعرون بالملل". تضيف حسن أنّ "الصعوبة الأخرى تكمن في أنّني، على سبيل المثال، لا أجيد اللغة الإنكليزية ولا أستطيع أن أدرّسها لابني. فأنا وصلت في تعليمي فقط إلى الصف التاسع الأساسي، وكنت حينها في سورية. لذا، قررت إرسال ابني الكبير إلى معهد خاص، حيث تعيد معلمة هناك شرح الدروس التي يتلقاها عبر واتساب. وفي الوقت نفسه، يتفاعل مع رفاق له في الصف". وتؤكد أنّها تحرص على الالتزام بالإجراءات الوقائية الخاصة بكورونا عند إرسال ابنها إلى المعهد، متمنية أن "يعود التلاميذ إلى المدارس، لأنّ أبناءنا سيصيرون فاشلين إذا بقينا على هذه الحال في عملية التعليم".

الصورة
تلاميذ فلسطينيون لاجئون وتعلم عن بعد في لبنان 2 (العربي الجديد)

من جهتها، تخبر فاطمة رامي وهي تلميذة في الصف الثالث الأساسي في مدرسة الناقورة، بمخيم عين الحلوة، أنّه "منذ انتشار فيروس كورونا، أغلقت المدرسة أبوابها. فصار المعلمون يرسلون لنا الدروس عبر تطبيق واتساب. ونحن لا نرى معلمتنا ولا نعرفها، فهي ترسل لنا فقط تسجيلات صوتية بالدروس". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّه "في ما يتعلق بالامتحانات، ترسل لنا المعلمة الأسئلة بالطريقة نفسها، ونعمل أنا ورفيقات لي على الإجابة عنها بمساعدة معلمة في المعهد. بعدها نصوّر الإجابات ونرسلها بالطريقة ذاتها. وفي بداية كلّ أسبوع، نقصد المدرسة فنحصل على أوراق مصوّرة تتضمّن واجباتنا". وتقول "أنا أرغب في العودة إلى المدرسة لأنّها أفضل بكثير من التعلم أونلاين. فيها أتعرّف على معلمتي ويكون الشرح أفضل، فلا أحتاج إلى معلمة أخرى في البيت. كذلك ألتقي برفاقي وألعب معهم في الملعب". وتلفت إلى أنّها تتابع دروسها من خلال هاتف والدتها في حين أنّ أخاها يتابعها من خلال هاتف والدها.

الصورة
تلاميذ فلسطينيون لاجئون وتعلم عن بعد في لبنان 3 (العربي الجديد)

في سياق متصل، تقول المعلمة حنان التي تقيم في مدينة صيدا، وتعلّم في معهد "زيتونة": "أنا متخصصة باللغة الإنكليزية، وحائزة على إجازة تعليمية ولديّ خبرة 15 عاماً في المجال. في المعهد، ندرّس التلاميذ اللغتَين الإنكليزية والعربية ومادتَي الرياضيات والعلوم، لكنّهم يجدون صعوبة كبيرة في التحصيل لأنّ الدروس تُرسل عبر تطبيق واتساب. فالتلميذ لم يعد يذهب إلى المدرسة، بالتالي صار مهملًا لدروسه. وسلطة الأهل عليه تختلف عن سلطة المعلم". تضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "الدروس التي تُرسَل إلى التلاميذ تكون في جزء منها مكتوبة باليد، وهذا أمر قد يشكّل صعوبة إذ لا يتمكّنون من قراءتها بسهولة. والأمر الأخطر هو في عملية التقييم في الامتحانات، إذ إنّ العلامات تأتي بمجملها مرتفعة، لأنّ التلميذ يعتمد في حلّها على أهله أو معلميه، بالتالي سوف تتدنّى علاماته بالتأكيد عند عودته إلى المدرسة".

المساهمون