تحسين جودة الهواء في الأماكن المغلقة أداة لمواجهة كورونا

تحسين جودة الهواء في الأماكن المغلقة أداة لمواجهة كورونا

02 يوليو 2022
يدعو الخبراء إلى تهوئة الأماكن المغلقة كالمدارس وغيرها (دوناتو فاسانو/Getty)
+ الخط -

بعد مرور أكثر من عامين على بدء المعركة ضد فيروس كورونا الجديد، لم يحظ تحسين جودة الهواء في الأماكن المغلقة بالاهتمام اللازم رغم أهميته كأداة في مكافحة انتشار الفيروس.

ويقول مدير معهد الصحة العالمية في كلية الطب بجامعة جنيف وعالم الأوبئة أنطوان فلاهو: "لكي يكون لدينا أمل في القضاء على الوباء وتقليل الوفيات، سيكون من الضروري تقليل مستوى التلوث، وهو ما لا يستطيع اللقاح وحده فعله اليوم"، يضيف: "نحتاج إلى مرحلة جديدة... مرحلة تحسين جودة الهواء الداخلي".

وينتشر فيروس سارس-كوف-2 عن طريق الهواء، وتحديداً عبر الهباء الجوي، أي تلك السحب من الجزيئات التي نطلقها عندما نتنفس ونتحدث ونصرخ أو نغني. ففي غرفة مغلقة وسيئة التهوئة، يمكن لهذا الهباء الجوي أن يبقى عالقاً في الهواء لفترة طويلة وأن يتراكم ويتحرك في جميع أنحاء المكان، ومن ثم فهو يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة.

في حين يتفق العلماء عموماً على أنّ انتقال الفيروس المسبب لكوفيد-19 من مسافة مترين، يمكن أن يحدث عن طريق الرذاذ والهباء الجوي، لا يوجد إجماع على مدى خطورة انتقاله جواً من مسافة أطول في الداخل.

وكتب باحثون من جامعة بريستول وهيئة السلامة الصحية البريطانية، في أحدث إصدار من المجلة الطبية البريطانية (British Medical Journal)، أنّ انتقال الفيروس من مسافة تزيد عن مترين ممكن في الداخل تبعاً لتصاميم الغرف. ولكن عملهم الذي يستند إلى 18 دراسة قائمة على الملاحظة في العديد من البلدان لا يمكن تعميمه.

10 دقائق على الأقل

لكن العلماء يتفقون على أنّ التهوئة الكافية تجعل الهباء الجوي يتبدد كما يتبدد الدخان. على المستوى الفردي، قد يعني هذا أن نفتح نافذة لفترة كافية. ولكن الجهود الجماعية لتنقية الهواء الداخلي ما زالت غير كافية، وفقاً للمتخصصين.

والتهوئة هي من الإجراءات الموصى بها. وعليه، قالت الهيئات الصحية الإقليمية في فرنسا عبر رسالة على "تويتر": "تهوئة غرف معيشتكم أمر بالغ الأهمية صباحاً وظهراً ومساءً وطوال اليوم. كل ساعة دعونا نهوي الغرفة 10 دقائق على الأقل".

لكن فلاهو يقول إنّ "الحكومات، بشكل عام، لم تولِ هذه المشكلة الأهمية التي تستحقها بعد". ويدافع فلاهو عن الاستثمار بقوة من أجل ضمان تهوئة المباني الحديثة ووسائل النقل العام بدءاً على سبيل المثال بالمدارس ودور رعاية المسنين والمستشفيات والمكاتب والمطاعم ووسائل النقل.

يضيف: "مثلما عرفنا كيف ننقي مياه الشرب ونعالجه بمركب البرمنغنات الكيميائي في المنازل في بداية القرن العشرين، يمكننا أن نتخيل أنّ بعض المنازل ستكون مزودة بأجهزة لتنقية الهواء وسنفكر في فتح نوافذها. لكن هذا ليس الحل الذي نتوقعه على مستوى القرارات الجماعية".

وحتى اليوم، لم يعلن سوى عدد قليل من البلدان في آسيا وأميركا وأوروبا عن خطط لتنقية الهواء الداخلي.

مبادرة بلجيكا

في الولايات المتحدة، دعت حكومة جو بايدن مالكي ومديري المباني والمدارس والمؤسسات الأخرى، في منتصف مارس/ آذار، إلى "وضع استراتيجيات لتحسين جودة الهواء الداخلي في مبانيهم والحد من انتشار كوفيد-19".

هذه الخطة التي حصلت على تمويل من خلال برنامج التعافي بعد الجائحة، تتعلق أيضاً بالمباني العامة، وتشمل فحص أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء، وشراء وحدات محمولة لتنقية الهواء وفلاتر الهواء التي تمتص الجسيمات بكفاءة عالية (من نوع HEPA) ومراوح.

وفي أوروبا، لم يصدر الاتحاد الأوروبي أي معايير ملزمة لتحسين جودة الهواء الداخلي. ولم تعلن سوى بلجيكا في الربيع عن خطة للأماكن المفتوحة أمام الجمهور مثل المقاهي والمطاعم ودور السينما والقاعات الرياضية، تشمل قياس معدل ثاني أكسيد الكربون وتحليل المخاطر. لكن هذه الإجراءات الطوعية حتى نهاية عام 2024 ستصبح إلزامية بعدها. ولكن ما زالت العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك فرنسا، متخلفة عن ذلك، كما تقول لجان أولياء أمور الطلاب.

إلا أنه بعد كوفيد-19، يمكن أن تشكل معركة الهواء مرحلة جديدة في تحسين الصحة العامة، وفقاً للخبراء. ومن ثم، يمكن بهذه الطريقة التخلص من مسببات الأمراض وأيضاً تقليل عمليات نقل العناصر الأخرى الضارة، بما في ذلك الملوثات.

أخيراً، نقل مركز الإعلام العلمي البريطاني عن أستاذ الطب المشارك في جامعة "ليدز" ستيفن غريفين أنّ "مثل هذه الإجراءات من شأنها أيضاً أن تخفف بشكل كبير من تأثير الأمراض الأخرى. فتحسين التهوية سيعمل أيضاً على تحسين الإدراك عن طريق تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون، ويمكن أن يقلل، جنباً إلى جنب مع الترشيح، من تأثير حبوب اللقاح والحساسية على سبيل المثال". 

(فرانس برس)

المساهمون