الفلسطيني مهدي حشاش...شهيد عبوة ناسفة

حكاية الشهيد الفلسطيني مهدي حشاش...قاوم الاحتلال بالعبوات الناسفة

10 نوفمبر 2022
موكب تشييع جثمان الشهيد حشاش (تويتر)
+ الخط -

"رغم صغر سنّه حمل سلاحه وروحه على كفّه وواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي بصدره العاري، هذا شرف كبير لنا"، بهذه الكلمات نعى جدّ الفتى مهدي محمد حشاش (15 عاماً)، حفيده، الذي استشهد فجر الأربعاء، متأثراً بإصابته بجروح خطيرة ناتجة من شظايا أصابت مناطق متفرقة من جسده خلال اقتحام الاحتلال مدينة نابلس.

يقول الجدّ حمدان حشاش لـ"العربي الجديد": "إنني فخور بما فعله حفيدي الذي استشهد وهو يواجه الاحتلال بالسلاح، ما فعله مهدي يعجز عن فعله الرجال، فتى في مقتبل العمر يحمل سلاحه وروحه على كفه ويواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي بصدره العاري. هذا شرف كبير لنا".

ويضيف الجد أنه فوجئ بما سمعه عن حفيده من قصص ومغامرات تتحدث عن مقاومته وتأثيره الكبير على ساحة الميدان، "كثير من أصحابه رووا لي قصصاً عن مهدي، اعتقدت في بادئ الأمر أنها من الخيال أو تحمل مبالغات، لكن تبين لي أنها كانت حقيقية، وأن الشهيد كان يطارد الاحتلال في كل مكان يوجد فيه".

 كان حشاش يُلقّب بين رفاقه بـ"ملك العبوات الناسفة"، التي كان يصنعها بيديه ويلقيها تجاه قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها للمخيم، أو يزرعها في طريقها لتنفجر محدثة أضراراً كبيرة بآلياتها وأفرادها. لكن آخر عبوة ناسفة حاول أن يلقيها الشهيد باتجاه قوات الاحتلال، هي التي سببت استشهاده، وفق شهود عيان.

يقول محمد زهد لـ"العربي الجديد"، وهو يسكن قرب مكان استشهاد الفتى حشاش: "كان مهدي مقداماً، ولا يهاب الاحتلال، نحو الساعة الواحدة والنصف من فجر الأربعاء، اشتبك معهم من مسافة قصيرة على مدخل المخيم، ثم اقترب أكثر متستراً بالأشجار المزروعة على جانب الطريق وحاول إحداث فجوة في الشارع ليزرع عبوة ناسفة محلية الصنع، لكن قناصاً كان على سطح بناية عالية أطلق عليه الرصاص، فأصابه بقدمه وبطنه، فوقع الشاب على الأرض مضرجاً بدمائه، ليواصل القناص إطلاق الرصاص مستهدفاً العبوة التي كانت بحوزة الشهيد فانفجرت بين يديه، وارتقى على الفور".

بقي حشاش وفق شاهد عيان، ينزف على الأرض لأكثر من عشرين دقيقة، قبل أن تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليه، وكان قد فارق الحياة، فيما يشير إلى أن أهل مخيم بلاطة يشهدون لمهدي بجرأته وبسالته، لذلك فالمخيم حزين على رحيله.

وتناقل نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي صوراً للفتى حشاش برفقة عدد من الشهداء من مجموعة "عرين الأسود" التي تتخذ من البلدة القديمة في نابلس مقراً لها، وهم يحملون السلاح، كما نعته "كتيبة بلاطة"، مؤكدة أنه أحد عناصرها.

 

ويشير أحد المقاومين الذي طلب عدم الكشف عن هويته في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن مهدي كان واعياً ومثقفاً، وكان يقاتل الاحتلال عن عقيدة، وليس فقط من باب إثبات الوجود.

ويقول المقاوم: "لم يكن يعترف الشهيد مهدي بالتقسيمات السياسية، ولم أسمعه يوماً قال أنا "فتح" وهذا "حماس"، بل رجل الوحدة الوطنية على الأرض، وكان يقول إن فلسطين أكبر من الجميع".

ويتابع: "سمعته في مرة عقب استشهاد مجموعة من الشبان في مخيم جنين يقول إن الدم الفلسطيني والبندقية هما ما يوحد الشعب، لأن عليهما إجماعاً شعبياً مطلقاً، في حين أن الخلاف الفصائلي هو الذي قسم الشعب إلى طوائف متناحرة". ويؤكد قائلاً: "لا يخرج هذا الكلام إلا على لسان مقاوم حرّ وشريف، حمل بندقيته في سبيل الوطن، وقد نال ما تمناه، ألا وهي الشهادة في سبيل الله".