العلاقة بين الطيور والديناصورات

العلاقة بين الطيور والديناصورات

27 ابريل 2022
وجدت دراسات أنّ الديناصور من نوع "ثيروبودا" له منقار كالذي للطيور (لقمان إلهان/ الأناضول)
+ الخط -

 

بعد الإعلان عن العثور على جنين ديناصور، في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021، وهو نوع الثيربودا الذي ينتمي إلى فئة الأوفيرابتور، والذي عاش في الفترة ما بين 130-60 مليون سنة مضت في بيضة متحجرة، كان هناك تساؤل لدى العديد من الناس حول علاقة الطيور بالديناصورات. هذا التساؤل محق طالما أنّ الناس بمعظمهم لا يعلمون سوى القليل عن دراسات التطور والتكيف لدى المخلوقات. 

وما لا يعلمونه أيضاً أنه كان قد تم العثور على هذه البيضة في عام 2000، من قبل شركة تعمل في مجال المناجم في منطقة تقع في جنوب الصين. وبعد مرور 15 عاماً، حاول بعض الباحثين الكشف عن عدد قليل من العظام الهشة، من خلال شق في سطح البيضة، فتوصلوا إلى معرفة قيمة ما هو داخل هذه البيضة. ودام الكشف حتى أواخر عام 2021 من قبل متخصصين في فروع مختلفة من العلم. ومهما يكن من أمر، فإنّ علم التطور عند الكائنات الحية ما زال حتى اليوم يُبنى على الاحتمالات المستندة إلى التشابه بين الطيور في أيامنا هذه والديناصورات التي عاشت لـ 200 سنة ما بين 160 إلى 60 مليون سنة قبل أن تنقرض.

ومن العلماء من قال إنّ انقراض الديناصورات كان بسبب حجمها الضخم. لكن يبقى السؤال مطروحاً عندما نعلم أنه كانت هناك ديناصورات صغيرة ومع ذلك انقرضت. ومنهم من قال إنها انقرضت بسبب نقص في الغذاء، وهذا أمر لا يستند إلى أي برهان علمي. وما يهم هو أن العلماء في مختلف أنحاء العالم، حيث كانت تنتشر الديناصورات، انقسموا حول نظرية أصل الطيور. وبما أن الأكثرية وجدت بعد دراسات مطولة أن الديناصور من نوع "ثيروبودا"، والذي له منقار وأصابع قدم كالتي للطيور، هو النوع الذي تطورت منه الطيور خلال العصر الجوراسي المتأخر منذ حوالي 160 مليون سنة، فيجدر بنا أن نشير إلى أنّ الثيروبودا له فعلاً منقار مثل الطيور وله ريش ويتشارك مع الطيور أيضاً بحوالي 100 ميزة، منها الجيوب الهوائية والعظام المجوفة التي تملأ بالهواء تخفيفاً لوزن الجسم، والحجارة التي يأكلها لطحن المواد الغذائية في "القانصة" وطريقة بناء الأعشاش، وطريقة حضن البيض. أضيفت إلى هذه الميزات ميزة جديدة، وهي أنّ جنين الديناصور هذا يتقوقع في البيضة تماماً كما تتقوقع أجنة الطيور الحديثة بوضع رأسها بين أصابع قدميها. 

في العادة، يجد الباحثون بيض ديناصورات متحجراً لكن من دون أجنّة. وحتى لو حصلوا على بيض فيه أجنة فيكون هذا أمراً نادراً جداً وتكون الأجنة غير مكتملة النمو. وبعد مشاهدة العظام من خلال الشقوق في البيضة التي وصل طولها إلى 17 سنتمتراً، أي أكثر قليلاً من طول بيضة النعام التي يصل طولها إلى 15 سنتمتراً، أدركوا أنّه جنين، ففتحوا البيضة بطريقة مدروسة وأزالوا الطين الذي قد يكون هو الذي ساعد في المحافظة على مكونات الجنين ومنعت رائحته من الوصول إلى أكلة الجيف، وساعدت على ثبات وضعيته في البيضة، ومن ثم شاهدوا أنّ رأس الجنين على طول البطن مع الركبتين منحنيتين بالقرب من منبت الذراعين. 

أما الظهر فهو يستند على أحد طرفي البيضة (الجزء الذي يحتوي على الغرفة الهوائية). إنّها الوضعية النهائية لفراخ الطيور الحالية قبل الفقس تماماً. هذه الميزات التي تتعدى المائة لا تتوفر مجتمعة سوى في نوع الثيروبودا، علماً بأنّ هناك ما بين 20 و30 نوعاً من الديناصورات الأخرى لها ريش، ولكنها لا تشارك الطيور سوى بعدد صغير من هذه الميزات. بعد هذا الاكتشاف، هل سيبقى طائر الأركيوبتركس الذي عثر عليه متحجراً بداية في بافاريا (جنوب ألمانيا) صلة الوصل بين الطيور والديناصورات، خصوصاً الثيروبودا، وهو ذلك الطائر الذي انقرض قبل نحو 150 مليون سنة، وهو من أنواع الطيور ذات الأسنان الذي يجمع بين صفات الزواحف وصفات الطيور. لذلك، اعتبر من الحلقات المتوسطة بين طائفتي الطيور والزواحف، وهو أول طائر يظهر له ريش في جسمه، مع أنه لم يكن قادراً على الطيران بشكل جيد نسبة إلى مواصفات جسمه وذيله الطويل نسبياً. والأركيوبتركس يعد أقدم حيوان متحجر يعرف كطائر كان قد عثر عليه في عام 1860. عاش الطائر خلال الفترة الجوراسية المتأخرة قبل 159 إلى 144 مليون عام سابقاً. وتشير النماذج المتحجرة إلى أنّ حجم الأركايوبتريكس يتراوح ما بين الصغير كأبو زريق والكبير كالدجاج. وكانت للأركايوبتريكس خصائص مشابهة للطيور مثل الأجنحة المتطورة وجمجمة الطيور. 

وعلى الرغم من كلّ ذلك التقارب بين الطيور والديناصورات، تجدر الإشارة إلى أنّ العلم بمرور الزمن لا بد أن يجد الحلقات الضائعة من أجل تحديد صحة ومسيرة التطور والتكيفات لدى الكائنات الحية. 

(اختصاصي في علم الطيور البرية)

المساهمون