الضفة الغربية: الاحتلال يوسع الحزام الاستيطاني

الضفة الغربية: الاحتلال يوسع الحزام الاستيطاني

22 يناير 2024
رفض للاستيطان في قرية قريوت (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -

من شرفة منزله، يشير رئيس مجلس قرية قريوت جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية، نضال البوم، إلى سيطرة المستوطنين مؤخراً على نبع قريوت الذي يعد مصدراً رئيسياً لتغذية القرية بما يلزمها من مياه للشرب، معرباً عن خشيته من نقص حاد في المياه ستعاني منه القرية بعد إكمال المستوطنين سيطرتهم على الينابيع الخمسة التي ترفد المواطنين باحتياجاتهم اليومية.  
واستولت سلطات الاحتلال بشكل تدريجي خلال العقود الماضية على أكثر من 75 في المائة من أراضي "قريوت" وحولتها إلى مستوطنات، وتعمل حالياً على ربط المستوطنات ببعضها لإقامة حزام استيطاني يصل إلى غور الأردن.

في عام 1978، أنشأت قوات الاحتلال مستوطنة "شيلو"، وبعد ستة سنوات، أنشات مستوطنة "عيليه" إلى الغرب منها، وهي تمتد على 9 تلال، ثم مستوطنة "شفوت" شرقاً في 1995، وصادرت هذه المستوطنات ما يزيد على 14 ألف دونم، ويسعى الاحتلال إلى شق طرق بينها لتشكل تجمعاً سكنياً كبيراً يصل إلى أطراف مستوطنة "أرئيل"، وهي ثاني أكبر المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية من الجهة الغربية، وإلى الأغوار شرقاً.
وعلى تلك الطرق الرابطة، أنشأ الاحتلال أربعة بؤر استيطانية هي "هيوفال" و"جيفعات أرائيل" و"كيدا" و"عادي عاد". يقول نضال البوم: "تحيط المستوطنات بقرية قريوت من كل الجهات، وتعمل على خنقها، وقتل أي إمكانية للتوسع والعيش الطبيعي الذي يشكل أبسط الحقوق الإنسانية".
يقول الناشط ناصر القريوتي لـ "العربي الجديد"، إن المستوطنين استولوا على نحو 50 ألف متر مربع من أراضي قريوت، وعلى نبع "سيلون التاريخي"، ونبع "قريوت"، وتم سابقاً السيطرة على 3 ينابيع كانت تمد أهالي القرية بالمياه، ويعتمدون عليهما في ريّ مزروعاتهم واستخداماتهم المنزلية.
ويلفت القريوتي إلى أن "الاعتداء الأخير شهد مهاجمة مستوطنين نقطة تعبئة المياه في القرية، وأضرموا النار فيها، ما أدى إلى إتلاف جميع المعدات والمضخات وأنابيب التعبئة بها، كما حوّل الاحتلال متنزه القرية الوحيد إلى ثكنة عسكرية، وأغلق كافة الطرق الرئيسية التي تربط قريوت بمحيطها، وبتنا ندخل عبر الطرق الفرعية. يهدف الاحتلال من وراء عملية التوسع الاستيطاني الممنهج في القرية إلى تهجير الأهالي بعد جعل أسباب العيش مستحيلة".

مستوطنون وجنود إسرائيليون على مقربة من جالود (جعفر اشتيه/ فرانس برس)
مستوطنون وجنود إسرائيليون قرب جالود (جعفر اشتيه/ فرانس برس)

ما يجري في قريوت ينطبق تماماً وبصورة أكثر سوداوية على جارتها جالود، ويُسابق الاحتلال الزمن لتهجير أهلها لموقعها الاستراتيجي، وتحديداً حي "الشيخ بشر" المقام على آخر تلة صامدة في وجه المستوطنين من بين 7 تلال احتلوها، تتوزع فوق جبال جالود والقرى المجاورة، وتعرف باسم "الرؤوس الطوال"، ويدفع الاحتلال بقوة وبمخطط أُعد سلفاً للسيطرة عليها.
يعيش في جالود نحو ألف نسمة فقط، وهي تقاوم للبقاء في مواجهة يومية مع 10 مستوطنات وبؤر استيطانية ومعسكرات للجيش منذ عام 1975. يقول رئيس المجلس القروي، رائد حج، لـ "العربي الجديد": "يمنع الاحتلال أعمال البناء أو تشييد المنازل، ويلاحق المزارعين حال اقتربوا، ويصل على الفور حراس المستوطنات المسلحين لإجبارهم على المغادرة، وبالتالي باتت الأراضي بوراً. يكشف الاحتلال عن نواياه باستغلال تلك المنطقة الواسعة لإقامة مستوطنة جديدة على مساحة تزيد عن أربعمائة دونم ستربط بين جميع المستوطنات والبؤر الاستيطانية، لتشكل تجمعاً استيطانياً كبيراً يمتد على مساحة تزيد عن 16 ألف دونم".
وتمتاز أراضي جالود بأنها مسجلة وموثقة بالسجلات الرسمية (الطابو) خلال الحكمين العثماني والإنكليزي بأسماء أصحابها، ما يدحض افتراءات الاحتلال بأنه يقيم المستوطنات والمعسكرات على الأراضي "المشاع"، أو التي تعد "ملكاً للدولة"، ولجأ الأهالي إلى المحكمة العليا الإسرائيلية التي أقرت بحقهم في أراضيهم، غير أن جيش الاحتلال والمستوطنين يرفضون التعاطي مع تلك القرارات.
يضيف رائد حج: "الخطير في الأمر أننا نلاحظ وجود أعمال زراعية، وبيوتاً متنقلة، وخزانات للمياه في الأراضي التي صادرها جيش الاحتلال وحولها إلى مناطق عسكرية مغلقة، ما يدل على التنسيق مع المستوطنين لتسريبها إليهم تدريجياً".
وتقع قرية جالود إلى الجنوب من مدينة نابلس، وتبعد عنها نحو 27 كم، وهي من أقدم قرى المنطقة، ولا تزال تحتفظ بالكهوف الكنعانية والآبار الرومانية، كما أنها مقامة على أنقاض قرية قديمة لا تزال منازلها موجودة تحت الأرض.

ويحذر المختص بمناهضة الاستيطان، محمود الصيفي من أن تهويد جالود من شأنه فصل شمال الضفة الغربية عن وسطها وجنوبها، وفي حال استكمل الاحتلال مخططاته بضم البؤر مع المستوطنات، سنكون أمام تجمع استيطاني كبير يصل بين التجمعين الاستيطانيين "أريئيل" و"بركان"، ويصل إلى حدود الداخل المحتل عام 1948. 
ويقول الصيفي لـ"العربي الجديد": "هذا جزء رئيسي من الحزام الاستيطاني الذي يسعى لاستكمال ربط المستوطنات من منطقة رأس العين الواقعة على حدود عام 1967، إلى مستوطنة بركان المقامة على أراضي محافظة سلفيت، ومنها إلى إحدى أكبر مستوطنات شمال الضفة الغربية، وهي أرئيل، إلى مستوطنة تفوح المقامة بالقرب من حاجز زعترة، ومنها إلى جبل صبيح الذي يشكل موقعاً استراتيجياً مطلاً على معظم قرى وبلدات جنوب وشرق نابلس، وصولاً في المحصلة إلى مستوطنات أريحا والأغوار".

المساهمون