الصيد يُهدد السياحة في الأهوار العراقية وطيورها

الصيد يُهدد السياحة في الأهوار العراقية وطيورها

03 مارس 2021
تجذب الأهوار الطيور المهاجرة (حيدر محمد علي/ فرانس برس)
+ الخط -

يعدّ الصيد الجائر أحد أبرز المشاكل التي تواجهها الأهوار جنوبي العراق، ما يفقدها ميزة أساسية، يرى خبراء أنها لا تساهم فقط في فقدان أعداد كبيرة من أصناف الطيور، لكنها قد تفقد خصوصيتها أيضاً، كونها منطقة جاذبة للسياح.

والأهوار  عبارة عن مجموعة من المسطّحات المائية التي تغطي الأراضي المنخفضة الواقعة في جنوبي السهل الرسوبي العراقي، وتقع ضمن حدود محافظات ميسان والبصرة وذي قار، وتمتد على مساحة تصل إلى 40 ألف كيلو متر مربع، وتعيش فيها قبائل تعتمد في معيشتها على تربية الجواميس وصيد الأسماك.

وتمتاز  الأهوار بوجود عدد كبير من الطيور التي تعيش في هذه البيئة الغنية بالمياه والغذاء، بل تعد محطة مهمة للطيور المهاجرة. ويقول الخبير البيئي فاضل السعيدي إن الأهوار تشكّل بيئة مهمة لنمو وتكاثر عشرات الأنواع من الطيور التي قد تنقرض في حال لم تعد البيئة آمنة لها، خصوصاً أنّها تعد "جاذبة للطيور المائية المهاجرة".

يضيف، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن الأهوار تتميز بكونها منطقة دافئة بالنسبة للطيور المائية المهاجرة في فصل الشتاء، وتبقى فترة طويلة فيها، هرباً من المناطق الباردة في أوروبا في فصل الشتاء. ويشير إلى أنّ الأهوار بطبيعتها منطقة غنية بالغذاء وآمنة، في ظل قلة أعداد الحيوانات الضارية والجوارح، موضحاً أن نحو 140 نوعاً من طيور الماء موجودة في الأهوار، أي ما يمثل نحو 45 في المائة من مجموع أنواع هذه الطيور في العالم، ومنها طيور نادرة.

ومن بين أبرز  أنواع الطيور التي تستوطن الأهوار، الغواص والصيومي والرخيوي وصياد السمك والبرهان والبيوض، والكثير  غيرها. أما أبرز الطيور المهاجرة التي تستقر في الأهوار لفترة محددة من السنة، فتشمل الخضيري والنورس الأرميني والثرثار والحذاف والغطاس ودجاج الماء والبجع الأبيض والزركي والأوز  الأغر والفلامنكو.

ويؤكد السعيدي أن الأهوار مهدّدة بأن تفقد خصوصيتها نتيجة "الصيد الجائر"، موضحاً أن "عمليات صيد جائرة تستهدف الطيور المستوطنة والمهاجرة على حد سواء". ويوضح أن "الصيد يجري في أوقات يمنع فيها صيد الطيور، خصوصاً في فترة تكاثرها، فضلاً عن استخدام وسائل ممنوعة في الصيد مثل الشباك الكبيرة والسموم التي تقتل أعداداً كبيرة من الطيور".

وأدرجت لجنة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" في عام 2016، أهوار العراق ضمن لائحة التراث العالمي. وأطلق فنانون وناشطون وإعلاميون حملات ترويجية في مختلف الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لإنعاش الأهوار وجذب السياح، وما زالوا يسلطون الضوء على البيئة الساحرة في الأهوار والطيور المائية التي تزيد المنطقة جمالاً.

وتبدأ الطيور المهاجرة بالقدوم إلى الأهوار نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام. وباستمرار، تطلق الجهات الرسمية تحذيرات لوقف الصيد الجائر. ومؤخراً، حذرت مديرية بيئة محافظة ذي قار، في بيان، من تداعيات استمرار الصيد الجائر في الأهوار. وأشارت إلى أن "الطيور تتعرض إلى مخالفات الصيد غير القانوني والمتاجرة بها في الأسواق وعلى الطرقات".

يلهوان في منطقتهما الأهوار (حسين فالح/ فرانس برس)
يلهوان في منطقتهما الأهوار (حسين فالح/ فرانس برس)

وهذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها جهة رسمية تحذيراً بشأن الصيد الجائر. بل تتكرر التحذيرات بشكل مستمر،  سواء من الجهات الرسمية أو المنظمات المدنية. ويتوجب على  الجهات الأمنية  أن تساعد في وقف هذه التجاوزات والانتهاكات ضد البيئة، إلا أنها تتغاضى عن هذه التجاوزات لحصولها على منفعة مالية.

إلى ذلك، يقول عضو جمعية الصيادين العراقية، محمد النداوي، لـ "العربي الجديد"، إن من يمارس الصيد الجائر هم سكان الأهوار أنفسهم، مضيفاً أنهم "ينتهكون التحذيرات ويعتدون على البيئة ويمارسون الصيد الجائر بشتى أشكاله، خصوصاً طيور الماء مثل الخضيري والإوز والبط وغيرها".

ويوضح أن طريقة الصيد التي ينتهجها سكان الأهوار تجري من خلال "إغلاق المنطقة أمام الصيادين الغرباء وجعلها حصرية لهم. هؤلاء يمارسون الصيد بواسطة الشباك لصنع الفخاخ ومصائد يدوية". ويشير  إلى أن هؤلاء يطلق عليهم بالعامية "الدواشة"، موضحاً أنه "عندما تأتي الطيور المهاجرة يصطادونها من خلال إعداد الفخاخ أو تسميم حبوب القمح ونشرها في المواقع التي تهبط فيها الطيور ويبيعونها بعد ذبحها".

يتابع: "هؤلاء الدواشة يصيدون بشكل بشع وبأعداد كبيرة جداً"، موضحاً أنه "في حال اصطادوا بواسطة الشباك يبيعون طيوراً حية في الأسواق بأسعار تعد مرتفعة، إذ لا يقل سعر الطائر الواحد عن 15 ألف دينار (10 دولارات)". ويقول إنّ "من يساعدهم في ذلك رجال أمن في مفارز قريبة من هذه المناطق، حيث يمنعون دخول الصيادين الغرباء الذين يصطادون بشكل نظامي"، مؤكداً أن "رجال المفارز الأمنية لهم نصيب من أرباح الصيد الجائر في مقابل حماية الصيادين الذين ينتهكون البيئة".

كذلك، يؤكد النداوي أن جمعية الصيادين تصدر باستمرار تعليمات بشأن الصيد، لافتاً إلى أن جميع الصيادين يعلمون بالأوقات والوسائل المقبولة للصيد. ويشير  إلى أن الصيادين الهواة يقصدون مناطق مختلفة من البلاد لممارسة هواية الصيد، التي تعتبر أيضاً "سياحة داخلية".  يضيف: "نزور مناطق برية عدة للصيد، حيث نجد عائلات قدمت من مناطق مختلفة من البلاد للتنزه. والأهوار  هي إحدى هذه المناطق التي قد تخسر ما يميزها في حال استمرار الصيد الجائر". 

المساهمون