الشرطة البريطانية تعتقل 4 نشطاء بيئيين

الشرطة البريطانية تعتقل 4 نشطاء بيئيين وسوناك يدعو إلى المزيد من التنقيب في بحر الشمال

03 اغسطس 2023
تظاهرة اليوم من مجموعة أمهات البيئية لرفض السياسة البيئية المعتمدة (فرانس برس)
+ الخط -

أوقفت السلطات البريطانية أربعة نشطاء من منظمة "غرينبيس" المدافعة عن البيئة، بعد أن تسلّقوا القصر الصيفي لرئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك، شمالي منطقة يوركشاير، وتغطيته بقماش أسود احتجاجاً على سياساته البيئية.

وتأتي واقعة تسلّق القصر الريفي لزعيم "حزب المحافظين" الحاكم وتغطيته بـ200 متر مربع من القماش الأسود على خلفية إعلان سوناك، في وقت سابق، دعمه استخراج النفط في بحر الشمال ومنحه مائة رخصة جديدة للشركات الراغبة باستخراج النفط والغاز قبالة سواحل اسكتلندا.

وبعد أن تسلق النشطاء الأربعة القصر باستخدام السلالم والحبال، جلسوا على سطحه أكثر من 3 ساعات رافعين شعار: "لا لنفط جديد"، بينما رفع ناشطان آخران في حديقة القصر يافطة: "ريشي سوناك: ما الذي يهمّك أكثر عوائد النفط أم مستقبلنا؟".

وتعليقاً على حركة الاحتجاج وعلى اعتقال الشرطة للنشطاء الأربعة، أعلن "داونينغ ستريت" أن الحكومة "لن تعتذر عن النهج الصحيح الذي اتبعته لضمان أمن الطاقة عبر استخدامها الموارد المتوفرة لدينا"، مضيفاً أن نهجها هذا يتيح لها "عدم الاعتماد على المعتدين من أمثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين"، كما أنها تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة بما يدعم آلاف الوظائف في بريطانيا.

وأعلنت الناشطة أليكس ويلسون، عبر رسالة مصوّرة من على سطح القصر، أن منظمتهم قرّرت الاحتجاج بعد أن فتح سوناك الباب أمام موجة جديدة من التنقيب في بحر الشمال، بينما "تشتعل النيران في رقع كبيرة من عالمنا"، في إشارة إلى موجة الحرّ الأخيرة التي ضربت العديد من البلدان متسبّبة بحرائق ودمار وخسائر بشرية.

أما الناشط فيليب إيفانز فقد أشار إلى أن منظمتهم تأكدت من عدم وجود عائلة رئيس الحكومة في القصر قبل أن "تقتحم" المكان لتنفيذ احتجاجها السلمي.

يُذكر أن سوناك يمضي في هذه الأثناء إجازة الصيف في كاليفورنيا برفقة عائلته ونائبه أوليفر دودن، الذي أعلن عقب الحادثة عن دعمه الكامل لقرار الحكومة التنقيب عن النفط والغاز لأنهما ضروريان وأساسيان في "الطاقة" لدينا.

واعتبرت منظمة "غرينبيس" أن حكومة سوناك هي "أسوأ حكومة مرت علينا في ما يتعلق بقضايا المناخ"، وأن هذه الخطوة "تتعارض مع التحذيرات التي أطلقها مستشارو المناخ التابعون للحكومة ووكالة الطاقة الدولية والأمين العام للأمم المتحدة بأن أي مشاريع جديدة للوقود الأحفوري تخاطر بدفع العالم إلى منطقة الخطر فوق 1.5 درجة مئوية من الاحترار"، وتعيق الجهود للوصول إلى صافي صفر بحلول العام 2050. كما اتهمت المنظمة الزعيم البريطاني بتبنّيه شعارات من دون العمل على تنفيذها قائلة: "نحن بحاجة إلى رئيس وزراء قائد للمناح وليس ناشطاً مناخياً"، مشيرة إلى أن سوناك "يروّج للأسطورة القديمة حول قدرة النفط والغاز على مساعدة الناس العاديين العاجزين عن تسديد فواتير الطاقة، إلا أن ذلك ليس صحيحاً، فالمزيد من التنقيب في بحر الشمال لن يصب إلا في مصلحة عمالقة النفط ممن يريدون تحقيق المزيد من المليارات".

ونقلت "سكاي نيوز" عن رئيسة حزب المحافظين التي تترأس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم أليسيا كيرنز قولها إن "الاحتجاج غير مقبول"، وإن "منازل عائلات السياسيين يجب ألا تتعرّض للاعتداء"، أما النائب المحافظ أليكس بورغارت فاستخدم لوصف النشطاء مصطلحاً بذيئاً، بينما اعتبر النائب برندان كلارك سميث أن لدى أعضاء البرلمان وعائلاتهم ما يكفي من القلق بشأن "أمنهم وسلامتهم"، متهماً نشطاء البيئة بـ"التطرّف" وبإثارة الشغب للترويج لمطالب "غير واقعية" ترقى باتحادات الطلبة.

الحكومة تتراجع عن تعهداتها السابقة

تراجع "حزب المحافظين" الحاكم خلال الأشهر القليلة الماضية عن معظم تعهداته البيئية بحجة "الزمان غير المناسب" وغلاء المعيشة والضائقة الاقتصادية. حيث إن الوصول إلى "صافي صفر"، وهي النقطة التي تتطابق فيها انبعاثات الكربون مع الجهود المبذولة لامتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، كان هدفاً رئيسياً للحكومة الحالية، قبل أن يتراجع عنها سوناك لأن الحكومة لن تعتمد "الإجراءات الأيديولوجية وستعمل على تحقيق تلك الأهداف بطرق ميسورة التكلفة وعملية". يضاف إلى ذلك منح المزيد من التراخيص للشركات الراغبة في استخراج النفط والغاز من بحر الشمال على الرغم من أن تلك الإعفاءات الضريبية والتراخيص لا تتماشى مع الوعود والتعهدات السابقة. هذا عدا عن غياب الخطط المناخية في زمن يعيش العالم فيه أكبر تحديات ومخاطر فعلية متعلقة بالتغير المناخي وبفشل سياسات الدفاع عن البيئة.

وكشفت دراسة استقصائية أجرتها حديثاً شركة "إيبسوس" لاستطلاعات الرأي أن "8 بريطانيين من أصل عشرة قلقون بشأن التغير المناخي وأن 7 من أصل 10 يشعرون بآثار ذلك التغير"، بينما يعتقد نصفهم أن هدف "صافي صفر" يجب أن يتحقق. ووجد استطلاع آخر أن معظم الناخبين يجمعون على أن "الحكومة الحالية لا تفعل ما يكفي لمواجهة أزمة تغير المناخ".

قوانين مجحفة في وجه الاحتجاجات السلمية

انتقادات كثيرة وجهها نشطاء حقوقيون وجمعيات غير حكومية لوزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، بعد أن مررت قانون النظام العام الجديد في شهر مايو/أيار قبل يوم واحد فقط من مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث. إذ يتيح القانون الجديد للشرطة ممارسة صلاحيات التفتيش العشوائي والتقييد والاعتقال في حال "اشتبهت" مجرد اشتباه باحتمال وقوع "اضطرابات خطيرة". ويأتي القانون بعد أشهر قليلة من إعلان حكومة المحافظين عن تشريع أساسي يجري تعديلات جوهرية على قوانين الاحتجاج في المملكة المتحدة بما يتيح إطلاق أحكام سجن بحق المحتجين تتراوح بين سنة و3 سنوات.

المساهمون