الشابة الفلسطينية سيما الطويل تتحدى الاحتلال بالثانوية العامة

الشابة الفلسطينية سيما الطويل تتحدى الاحتلال بالثانوية العامة

22 يوليو 2023
نجاح بتفوق (العربي الجديد)
+ الخط -

بين أنقاض منزل عائلتها وذكرياتها الجميلة فيه، تقف الشابة الفلسطينية سيما الطويل (18 عاماً)، إلى جانب والديها، وتتحدث بطلاقة عن نجاحها في امتحان الثانوية العامة وحصولها على معدل 90.4 في المائة في الفرع التجاري، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها العائلة خلال الأشهر الماضية، والتي تمثلت باعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لأشقائها ولاحقاً تفجير منزلهم الواقع في مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، في فترة تقديمها الامتحانات النهائية قبل أكثر من شهر.

سيما هي شقيقة الأسير أسامة الطويل الذي اتهمه الاحتلال الإسرائيلي بالتخطيط وتنفيذ عملية إطلاق نار تجاه جنود الاحتلال قرب قرية دير شرف، شمال غرب نابلس، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، والتي أدت إلى مقتل أحد جنود الاحتلال. ومنذ ذلك الوقت ومنزل العائلة يتعرض بشكل دائم للمداهمة والاقتحام. وفي محاولة للضغط عليه، أقدم الاحتلال على اعتقال شقيقيها الأكبر خالد والأصغر مؤمن، قبل أن يصل إلى أسامة ويعتقله جريحاً في فبراير/ شباط 2023.

تقول سيما لـ"العربي الجديد": "عندما أعلن عن مسؤولية أخي عن قتل الجندي، كان العام الدراسي في بدايته، لكن ذلك سبب لنا توتراً شديداً في العائلة، وبات أسامة مطارداً من قبل قوات الاحتلال التي حاولت الوصول إليه إما بالقتل أو الاعتقال. وبعد أسابيع قليلة، اعتقل أخي خالد من داخل المنزل، وبعدها أخي مؤمن، وكل ذلك كان يترك أثره البالغ علينا جميعاً وعلى دراستي، لكنني اعتبرت ما يجري تحدياً شخصياً لي".

وبعد نحو 4 أشهر، اعتُقِل أسامة ومعه رفيقه الأسير كمال جوري، بعد محاصرة منزل كانوا يتحصنون فيه في نابلس. وتقول سيما: "ليلتها والليالي التي تلتها لم ننم، لأننا كنا نجهل مصيره، وبعد ذلك بفترة قصيرة اقتحم الاحتلال منزلنا، وأخذ قياساته، حينها أدركنا أنهم سيهدمونه لا محالة". كان ذلك خلال الفترة التحضيرية التي تسبق الامتحانات النهائية. لكن التفجير حصل في تلك المرحلة الحساسة وتحديداً في 15 يونيو/ حزيران الماضي، بينما كانت سيما تقدم اختبارات الثانوية العامة. تصف سيما تلك الأيام العصيبة بالقول: "فجّر منزلنا فجر الخميس، وكان امتحان الرياضيات يوم السبت الذي يليه. لكن لم يعد لنا بيت ننام فيه، ولا غرفة خاصة بي أغلق بابها وأغوص بين الكتب والمراجع".

كان قرار العائلة بأن تقطن مؤقتاً في البيت المقابل تماماً لمنزلها الذي فجره الاحتلال، وفيه شحنت سيما طاقتها وواصلت تقديم الاختبارات حتى النهاية. وتقول: "بذلت قصارى جهدي حتى أدخل الفرحة لأسرتي الصغيرة، وأرفع من معنويات إخواني الأسرى وأمي التي تعبت جداً معنا جميعاً، وأبي الذي لم يفارقنا دقيقة. وكذلك رسالتي كانت للاحتلال: مهما فعلت فلن تنال من عزيمتنا ولن تنغص علينا، وسنواصل الحياة وندرس ونتفوق ونكمل المشوار".

الوالدة هدى فطوم، والتي كانت توزع العصائر والحلويات على المهنئين في بيتها المهدم، تؤكد أن مستوى سيما العلمي متقدم، ولولا الظروف التي مرت بها العائلة لكانت قد حصلت على علامات أعلى من ذلك. تقول لـ"العربي الجديد": "قهرنا الاحتلال كما سيقهر أبنائي السجّان. نجاح وتفوق ابنتي يصنع روح تحد، وهو أكبر رد على محاولة الاحتلال تنغيص حياتنا وبث روح الفشل في صفوف الطلبة والأهالي".

الصورة
سيما الطويل (العربي الجديد)
إصرار على الفرح (العربي الجديد)

وتشير فطوم إلى أنهم أصروا على الفرحة رغم كل شيء، فجلبوا لكافة أفراد العائلة ملابس جديدة، وخصوصاً سيما، كما علقوا الأعلام على شرفة المبنى الذي يقطنون فيه، وصدحت الأناشيد في كل ركن فيه، وسط إطلاق الزغاريد والمفرقعات النارية تأكيداً على مواصلة الحياة وتحقيق النجاح والصمود رغم الدمار. وتلفت إلى أن النتائج المتقدمة دليل على حب وعشق الفلسطينيين للتعليم بصفته إحدى أدوات مقاومة الاحتلال والتفوق عليه.

المساهمون