السويسري هانزجورك هوبر.. أيقونة العمل الإنساني في المغرب

السويسري هانزجورك هوبر.. أيقونة العمل الإنساني في المغرب

06 سبتمبر 2022
هانزجورك هوبر مؤسس "أطلس كيندر" ترك خلفه كلّ شيء ونذر نفسه لأطفال المغرب (فيسبوك)
+ الخط -

قبل أيام، وتحديداً في الثالث من سبتمبر/الحالي، لفظ هانزجورك هوبر أنفاسه الأخيرة، ليوارى الثرى في اليوم التالي في المقبرة الأوروبية بمدينة مراكش غربي المغرب. بذلك، انتهت قصة رجل أعمال سويسري كرّس سنوات عمره الأخيرة ونصف ثروته لخدمة عشرات الأطفال اليتامى والمُتخلّى عنهم وتخفيف وطأة واقعهم الأليم. وقد رثت جمعية "أطلس كيندر" (أطفال الأطلس) رئيسها لافتة إلى أنّ أبناءه سوف يواصلون المهمة الإنسانية التي ربطتهم بقرية "أطلس كيندر"، ومؤكدة أنّه كان أباً لـ200 طفل.

على مدى عقد من الزمن تحوّل هوبر إلى أيقونة العمل الإنساني في منطقة تحناوت (تبعد 35 كيلومتراً عن مراكش) وفي المغرب ككلّ، نظراً إلى الخدمات التي قدّمها لعشرات الأطفال في منطقة الأطلس الكبير، الذين قست الحياة عليهم وتُركوا من دون معيل. فهو ترك حياة الترف والرغد خلفه في بلاده، ساعياً إلى تحقيق هدف حياته الأسمى الذي اختار فيه التعهّد برعاية أطفال متروكين وإشعارهم بالأمن والأمان، حتى لو اضطر إلى التضحية بنصف ثروته (مليونا يورو أو 197 مليوناً و500 ألف دولار أميركي) وفاء بوعد كان قد قطعه على نفسه في شبابه.

في عام 2008، اختار هوبر بعد تقاعده من عمله  في مجال التأمين، الاستقرار في مدينة مراكش المغربية وإطلاق مجموعة من المبادرات الخيرية التي تُعنى بالأطفال المتخلّى عنهم، فترأس جمعية "أطلس كيندر". ثمّ شرع في عام 2013 في ترجمة مشروعه الإنساني بوضع أسس قرية أطفال حملت اسم الجمعية نفسه في منطقة تحناوت بإقليم الحوز، ضمّت مجموعة من المنازل ومدرسة ابتدائية لتعليم الأطفال أربع لغات ومسجدا ومستوصفا.

وبعد عامَين من انتهاء أشغال التشييد، استقبلت قرية "أطلس كيندر" الدفعة الأولى من قاطنيها والمكوّنة من 30 طفلاً، فيما يناهز عدد الذين تؤويهم القرية حتى اليوم 200 طفل تشرف عليهم 60 أمّاً بالتبني ونحو 40 عاملاً.

في واحد من تصريحاته الصحافية، قال هوبر: "لم أحضر إلى المغرب لأطعم هؤلاء الأطفال. أتمنى أن أشاركهم بعض الحظ الذي حظيت به طوال حياتي... لقد جئت لإعطاء مثال عن الإنسانية. أنا في بلد أجنبي، قمت بإنشاء قرية، بمسجد يسيّره إمام، يهدف إلى نقل القيم الأخلاقية والفلسفية والدينية... الهدف هو الإظهار للبشرية بأنّ لهؤلاء الأطفال قدرات للذهاب إلى أبعد مدى مثل الأطفال الذين وُلدوا في بيئتنا".

طوال السنوات الماضية، كان هوبر مفعماً بالطاقة والعزم للبذل والعطاء بهدف توفير جنّة وملاذ آمن للأطفال اليتامى والمتخلّى عنهم. وهو ما جعله ينال في عام 2020  لقب "شخصية السنة" من ضمن فئة "العمل الاجتماعي والمبادرة المواطنة والتنمية البشرية" التي تمنحها وكالة المغرب العربي للأنباء (رسمية) للشخصيات التي تتميّز بمسارها المهني أو ومبادرات المواطنة في مختلف المجالات.

اليوم، يرقد هانزجورك هوبر بسلام في المقبرة الأوروبية بعد أن حقّق حلمه في خدمة ومساعدة عشرات الأطفال المتخلّى عنهم ولفت الانتباه إلى مأساتهم، فيما تُلقى على عاتق "أولاده" مسؤولية مواصلة مهمة إنسانية لا تعترف باللون ولا بالدين، وهمّها الوحيد زرع الابتسامة على الوجوه.

المساهمون