الزلزال ضرب التعليم التركي

الزلزال ضرب التعليم التركي

01 ابريل 2023
يحتاج التلاميذ إلى دعم نفسي لتجاوز الأزمة (فولكان كايك/الأناضول)
+ الخط -

أصاب الزلزال الذي ضرب تركيا القطاع التربوي في الصميم، وهو ما يحتاج إلى جهود كثيفة من السلطات، ودعم من الخارج لتجاوز آثاره على صعيد التعليم الأساسي والجامعي. 
من المعلوم أن اتساع رقعة التدمير التي طاولت أكثر من عشر ولايات وقرابة عشرين مليون نسمة ستترك مضاعفاتها حتى على الولايات التي لم يصل إليها الزلزال، بالنظر إلى أن حركة نزوح كثيفة اتجهت إليها، ومن شأنها أن تترك مضاعفاتها على المدارس والجامعات في المناطق التي نجت من الدمار. أي أن تلك المناطق ستعاني من إرباك في استيعاب الأعداد الزائدة التي قذف بها الزلزال إليها، وإدراج أعداد كبيرة من التلاميذ في صفوفها، ناهيك عمن تستطيع أن تستقبلهم في مدارسها، وكذا ترتيب اندماجهم في العملية التعليمية.
المؤكد أنه على الرغم من الجهود الحثيثة في تقدير الخسائر وحجم التدمير الذي أصاب منشآت حكومية وخدماتية، لم يجر بعد حصر كامل لعدد المدارس المدمرة أو المتضررة، ما يعني صعوبة تقديم أرقام دقيقة تحدد المدة الزمنية المطلوبة للخروج من مناخ الكارثة، وما تركته من مخلفات على صعيد الأبنية ومتطلبات عودة المدارس، مع ما يتطلبه ذلك من تجهيزات ومرافق.

لا تقتصر الأزمة على أيام تعطيل لطلاب المدارس الذين كانوا يستعدون لدخول الفصل الدراسي الثاني، بل يتجاوزه إلى صعوبات لوجستية أمام العودة للانتظام الإداري والخدماتي المدرسي، وما يرتبط به من مجتمعات محلية تزعزعت بفعل ما حدث، باعتبار أن المدرسة لا يمكن لها أن تنفصل عن محيطها، ولا عن الوضع العام للبلاد.

كما أن هناك الجانب النفسي للتلاميذ صغار السن الذي يحتاج إلى علاج حقيقي، إذ من المعلوم أن فقدان الأهل والمعلمين ورفاق المدرسة والبيئة المحيطة، وسيطرة مخاوف تجدد الزلزال بفعل الهزات الارتدادية، من شأنها أن تترك بصماتها على عمليات التدريس استيعاباً واكتساباً، والواقع أن هؤلاء التلاميذ لدى عودتهم سيكونون مثخنين بالجراح النفسية التي تتطلب المعالجة للعودة إلى السوية الطبيعية.
تتطلب عودة الأوضاع إلى سويتها جهوداً جبارة، وهو ما لا تستطيعه الحكومة التركية وحدها، رغم إعلانها العزم على إعادة بناء ما تهدم في غضون عام. هنا تستطيع أن تطرق باب المنظمات الدولية كـ"يونيسكو" و"يونيسف" ممن تمتلك خبرات في إدارة التعليم وسط الكوارث.
وفي ضوء الاحتضان العام الذي تجلى في تدفق المساعدات وفرق الإنقاذ من مختلف الدول والجهات، يمكن القول إن تركيا ستجد أشكالاً من مد يد العون لطي صفحة المأساة، والعودة إلى حياة طبيعية، خصوصاً ونحن نتحدث عن ملايين التلاميذ ومئات ألوف المعلمين وعشرات ألوف المدارس.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون