الأمراض الجلدية تنتشر في مخيمات الشمال السوري

23 مايو 2024
أطفال سوريون نازحون وسط نفايات إدلب، 14 مارس 2024 (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في مخيمات شمال غربي سورية، يواجه النازحون انتشار الأمراض الجلدية بسبب الاكتظاظ، نقص المياه، وتراجع المساعدات، مع تأثير خاص على الأطفال.
- الطبيب أحمد دعدوش يؤكد على أهمية التوعية الصحية، تأمين المياه ومستحضرات التنظيف، والعلاج المبكر للأمراض الجلدية لقطع سلسلة العدوى.
- تقرير يكشف عن انتشار الأمراض الجلدية في 31% من المخيمات، مع نقص في مياه الشرب والخدمات الصحية، مما يستدعي تحسين الاستجابة الإنسانية والخدمات الصحية.

يعاني النازحون في مئات المخيمات الواقعة شمال غربي سورية من انتشار الأمراض الجلدية بينهم، ولا سيّما بسبب اكتظاظها بالسكان وكذلك تراجع المساعدات ونقص المياه. والأمراض الجلدية تنتشر خصوصاً في الأمكان المكتظة من قبيل مخيمات اللاجئين والنازحين، ووسط عدم توفّر مياه نظيفة ووسائل نظافة، وعند ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف خصوصاً. 

ممدوح القاسم نازح سوري في مخيم بالقرب من مدينة الدانا في محافظة إدلب، يخبر "العربي الجديد" أنّ ابنه البالغ من العمر سبعة أعوام أُصيب بمرض جلدي أخيراً، وبعد مراجعة الطبيب نصحه بعزله عن بقية الأطفال حتى يُشفى كلياً. أضاف: "لم يكن ابني قادراً على النوم ليلاً بسبب الحكّة، علماً أنّ الأمر لا يتعلّق بالجرب. وبعد أيام من استخدام العلاج الذي وصفه له الطبيب، تحسّن وضعه وشفي".

بدورها، تشكو النازحة السورية سلمى الحسون المقيمة في مخيم عند أطراف بلدة البدقلي شمالي إدلب من أنّ اثنَين من أولادها يعانيان من مشكلات جلدية. وتشير بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الأمر بدأ بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه في المخيم. تضيف أنّ "عدم توفّر المياه المدعومة والاضطرار إلى شرائها على نفقتنا الخاصة، دفعاني إلى تقنين استخدامها إلى أقصى حدّ". وتوضح الحسون أنّ "أسعار المياه مرتفعة في حين أنّ زوجي غير قادر على إيجاد عمل ثابت يؤمّن لنا مصدر دخل دائماً. بالتالي، أعمد إلى استخدام المياه في أكثر من مرّة، وأقلّل عدد مرّات استحمام أبنائي الأربعة".

وتلفت الحسون إلى أنّ بثوراً حمراء راحت تظهر على جسدّي طفلَيها المصابَين وقد تبعت ذلك حكّة شديدة. تضيف أنّ أحد الصيادلة القريبين من المخيم أفادها بأنّ الطفلَين مصابان بعدوى الجرب، ووصف لها علاجاً طويلاً، وقد أوضح لها أنّ الجرب من الأمراض التي تحتاج إلى وقت لتشفى. وترى الحسون أنّ لا بدّ من أن يتحرّك المعنيون لإنقاذ الوضع الصحي في المخيمات عبر تأمين المياه النظيفة، خصوصاً مع اقتراب فصل الصيف وزيادة الحاجة إلى المياه في الوقت الذي يعاني فيه النازحون في المخيمات من الفقر.

في الإطار نفسه، تحكي النازحة السورية براءة العلوش عن الأمراض الجلدية المنتشرة، خصوصاً بعد إصابتها باللشمانيا، وذلك مع توقّف مشاريع الإصحاح في المخيم الذي يؤويها في حيّ الجامعة بمدينة إدلب. وتشير العلوش بحديثها لـ"العربي الجديد" إلى "انتشار النفايات في كلّ مكان في داخل المخيم، في حين تغزو الحشرات الخيام"، مشدّدة على أنّ "المشهد مأساوي بسبب الذباب". ولا تخفي العلوش أنّها أُصيبت كما جميع أفراد أسرتها باللشمانيا، في الوقت الذي يعرفون فيه ظروفاً صعبة، حتى على مستوى تأمين الغذاء، مبيّنةً أنّ المرض الجلدي فاقم ظروفها مع الحاجة إلى توفير العلاج اللازم.

تعليقاً على ذلك، يقول الطبيب المتخصص في الأمراض الجلدية أحمد دعدوش إنّ "المخيمات بيئة مناسبة لانتشار الأمراض الجلدية بسبب الازدحام". ويشرح لـ"العربي الجديد" أنّ "تفشّي الأمراض يعود إلى سوء الأحوال عموماً، لجهة طبيعة المسكن وانتشار النفايات والصرف الصحي السيئ وقلّة التنظيم". ويتحدّث عن "إمكانية الوقاية من الأمراض الجلدية من خلال التوعية الصحية وتأمين المياه ومستحضرات التنظيف وإزالة النفايات باستمرار"، لافتاً إلى ضرورة "علاج الأمراض الجلدية مبكراً من أجل قطع سلسلة العدوى، بالإضافة إلى رشّ المبيدات الحشرية وتوفير ظروف صحية مناسبة للحياة". ويشدّد على أنّ "النظافة الشخصية أمر أساسي لقطع سلسلة العدوى".

وفي تقرير صادر اليوم الخميس، أشار فريق منسقو استجابة سورية إلى انتشار الأمراض الجلدية في أكثر من 488 مخيماً شمال غربي سورية، بنسبة 31 في المائة من إجمالي عدد المخيمات في المنطقة. وعزا الفريق أسباب ذلك إلى الاكتظاظ السكاني الكبير والصرف الصحي المكشوف في المخيمات، علماً أنّ 34 في المائة فقط من المخيمات تستفيد من خدمة الصرف الصحي. أضاف الفريق في تقريره أنّ لا خدمات إزالة نفايات في كلّ المخيمات، مبيّناً أنّ ذلك يشمل 716 مخيّماً، إلى جانب عدم توفّر مياه نظيفة وصالحة للشرب في 53 في المائة من مخيمات المنطقة. وتابع فريق منسقو استجابة سورية أنّ أكثر من 991 مخيماً من دون مياه بالمطلق، فيما لا تتوفّر نقاط طبية ولا عيادات متنقّلة في 87 في المائة من المخيمات. وأكمل أنّ تراجع مستويات الاستجابة الإنسانية التي كانت توفّرها المنظمات الفاعلة وسوء الأحوال المادية للنازحين يؤدّيان كذلك دوراً في عدم ضبط انتشار الأمراض.

المساهمون