الأردن: تراخٍ بإجراءات مكافحة كورونا

الأردن: تراخٍ بإجراءات مكافحة كورونا

27 سبتمبر 2021
حركة طبيعية في الشوارع (دانيل شامكين/ Getty)
+ الخط -

 

تسير دورة الحياة العادية في الأردن وسط اطمئنان المواطنين إلى انحسار خطر وباء كورونا، بعدما خلق حالات رعب حقيقية لهم في السابق. وترى الحكومة أن "الأمور مستقرة" ما يزيد التراخي.

منذ بداية سبتمبر/ أيلول الجاري، ألغت الحكومة الأردنية كل القيود المفروضة لمكافحة فيروس كورونا الجديد، وسمحت بعودة القطاعات إلى العمل في شكل اعتيادي وفي جميع الأوقات، واستئناف التعليم الوجاهي في كافة مراحل التعليم المدرسي والجامعي ورياض الأطفال، شرط حصول الكوادر العاملة في هذه المؤسسات على اللقاح المضاد لكورونا، ومرور شهر على تلقي الجرعة الأولى، مع الاستمرار في التزام البروتوكولات الصحية المعتمدة. وتشير الإحصاءات الأخيرة لوزارة الصحة بأن عدد الإصابات يناهز 100 يومياً، مع تسجيل 10 وفيات يومياً، علماً أن ذروة الجائحة شهدت نحو 7 آلاف إصابة و100 وفاة يومياً. 

في الوقت ذاته، أقرّت الحكومة بوجود تراخٍ كبير في التزام تدابير السلامة العامة للحدّ من انتشار الوباء، وربطته بالشعور بالاطمئنان، وتدني نسبة الفحوص الإيجابية للفيروس عن 5 المائة، واستنتجت بعد فتح كل القطاعات ضمن شروط المعتمدة بأن "الأمور تحت السيطرة ومستقرة". 

وأوضح وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة، صخر دودين، في تصريحات صحافية، أن "استئناف العمل في القطاع الخاص يشترط إحضار العاملين الذين لم يتلقوا الجرعة الأولى من اللقاح أو تخلّفوا عن موعد الجرعة كشفاً بفحص كورونا "بي سي آر" تكون نتيجته سلبية صباح يومي الأحد والخميس من كل أسبوع. ولا يسمح لأي عامل يخالف تعليمات التطعيم بالالتحاق بالعمل، في حين تحسم أيام غيابه من رصيد إجازاته السنوية. وفي حال استنفادها، تحسم هذه الأيام من أجره. أما المؤسسة التي تخالف أحكام أمر الدفاع 32 فتغلق في اليوم ذاته لرصد المخالفة، ولمدة أسبوعين في حال تكررت".

كوفيد-19
التحديثات الحية

ميدانياً، عادت الحياة الى مسارها المليء بالحركة من خلال تنظيم المهرجانات والحفلات الغنائية، وحضور الجماهير الى الملاعب، والسماح بإجراء انتخابات النقابات، وتنظيم مناسبات الزواج وحفلات النجاح مع نشر دعوات لحضورها، وفتح أبواب المشاركة في مراسم تقديم العزاء.

يقول الموظف الحكومي كمال العبادي لـ"العربي الجديد": "تلقى جميع زملائي في العمل تقريباً اللقاح من أجل تجاوز العراقيل الإدارية المرتبطة بالتخلف عن عدم فعل ذلك. والموظفون مجبرون على تلقي اللقاح، لكنّ المشكلة تكمن في أن الملتزمين بالتلقيح في الحياة اليومية وخارج الدوائر الرسمية لا تزيد نسبتهم بحسب اعتقادي عن 20 في المائة، خصوصاً أولئك الذين يشاركون في المناسبات الاجتماعية مثل تقديم العزاء والمباركة بالأفراح". ويرى أن "الحكومة لا تراقب بشكل دقيق التزام إجراءات السلامة العامة التي تحدّ من انتشار فيروس كورونا خارج الدوائر والمؤسسات، لأسباب عدة بينها صعوبة إخضاع عدد كبير من المواطنين للمراقبة، وعدم رغبتها في العودة الى الإغلاق".

الصورة
جمهور كبير في مهرجان جرش (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
جمهور كبير في مهرجان جرش (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

من جهتها، تقول الموظفة في القطاع الخاص، هديل محمد لـ"العربي الجديد" إن "الالتزام جيد بإجراءات السلامة العامة للحدّ من انتشار فيروس كورونا في العمل، لكن القيود تتحلل حين أجلس مع صديقاتي خلال فترة الاستراحة". وتعتبر أن "الأمور أصبحت مطمئنة نوعاً ما، حتى أن الغالبية لم تعد تتابع أخبار الإصابات والوفيات، بعدما بلغت في بداية الوباء درجة تشكيل حال رعب للأردنيين". وتلفت إلى أن "لا التزام بإجراءات السلامة العامة خلال مناسبات الخطوبة والزواج وحفلات النجاح، في حين يرتفع عدد المشاركين فيها، رغم أنه لم يبلغ بعد الأرقام السابقة، ويقتصر على عشرات". 

في السياق، يعزو أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، السبب الرئيسي للتراخي في اتخاذ إجراءات السلامة العامة إلى أن "الناس يرون أن تلقي اللقاح يشكل فقط وسيلة للوقاية من الإصابة بالوباء ومنع حصولها، وأنّه لا داعي للإجراءات التي فرضتها الحكومة مع بدء الجائحة مثل لبس كمامة وتطبيق التباعد الجسدي، خصوصاً بعدما أعادت الحكومة فتح كل القطاعات".

ويلمّح الخزاعي أيضاً إلى أن "سلوك التراجع عن التزام إجراءات السلامة يرتبط بنزعة الناس إلى تقليد آخرين يسيرون في شوارع مناطق المحافظات والعاصمة عمان ويحضرون المناسبات الاجتماعية خصوصاً مناسبات العزاء والأفراح، من دون أخذ إجراءات السلامة في الاعتبار. ولا ننسى الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في هذا المجال، فما تبثه وينشره بعضها يساهم في التحلل من تطبيق إجراءات الوقاية، خصوصاً تلك التي تسوّق بأن الوباء عبارة عن مؤامرة، أو تلك التي ترى أنه غير خطير ويمكن التعافي منه بسهولة، أو التي تعتبر أن تطعيم نسبة من السكان يكفي لخلق مناعة مجتمعية". ويرى الخزاعي أنّ "قرار الحكومة فتح القطاعات خلق نوعاً من الشعور المزيف بالطمأنينة لدى عدد كبير من المواطنين بأن خطورة المرض انتهت في البلاد، وأن لا معنى حقيقياً لمواصلة التزام إجراءات السلامة في ظل إعادة فتح قطاعات العمل واستئناف نشاطات المهرجانات الثقافية والفنية، والتراجع عن تشديد الإجراءات المتخذة في المناسبات الاجتماعية".