أزمة التعليم عن بعد في الكويت

أزمة التعليم عن بعد في الكويت

12 أكتوبر 2020
الأساتذة مجبرون على الحضور إلى المدارس (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

ما يعيشه أولياء الأمور في الكويت ينسحب على آخرين في مختلف دول العالم التي اعتمدت نظام التعليم عن بعد، في ظلّ تدابير مكافحة كورونا. بعض هؤلاء اضطروا إلى ترك أعمالهم ليكونوا قادرين على مواكبة أولادهم 

انطلق العام الدراسي الجديد في الكويت بشكل مختلف هذا العام، وسط إجراءات غير مسبوقة لمواجهة تفشي فيروس كورونا. وأعلنت وزارة التربية إلزام كل المراحل الدراسية بالتعليم عن بعد وإغلاق كافة المدارس في وجه التلاميذ، إضافة إلى إلزام المعلمين والمعلمات بالحضور إلى المدارس وتدريس التلاميذ عن بعد التزاماً بالشروط الصحية. 
في المقابل، يواجه التعليم عن بعد انتقادات كبيرة داخل الكويت من قبل بعض أولياء الأمور الذين قالوا إنّ وزارة التربية لم تراع صغر عمر التلاميذ (رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية) وعدم قدرتهم على استخدام الأجهزة الإلكترونية، بالإضافة إلى عدم مراعاتها قدرة العائلات الكويتية والوافدة على شراء الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة، خصوصاً لدى العائلات التي لديها أكثر من 3 أو 4 أطفال. 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وعُدّت مشكلة التعليم عن بعد بالنسبة لمرحلة رياض الأطفال والصفين الأول والثاني ابتدائي كارثة، بحسب ما تقول هيا الظفيري، وهي معلمة سابقة في وزارة التربية، تتابع دراساتها العليا في صعوبات التعلم في بريطانيا. وتقول لـ "العربي الجديد": "ما يحدث مع الصغار في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية كارثة على كل المستويات. ففي هاتين المرحلتين، وخصوصاً رياض الأطفال، لا يحتاج الطفل إلى تعلم الحروف أو الكلمات بل إلى النشاط والتعرف على الزملاء والألعاب. ولا يمكن للطفل الحصول عليها من خلال التعليم عن بعد". تضيف: "لا أعرف ما الذي سيتعلمه الطفل الذي يبلغ عمره 4 أعوام من التعليم عن بعد"؟
وتشير منيرة الحمد، وهي والدة طفلة في الصف الأول ابتدائي، إلى أن معاناة أولياء الأمور زادت نتيجة التعليم عن بعد، وذلك بسبب اضطرارها إلى تعليم أبنائها كيفية تشغيل برنامج الدراسة والحرص على التواجد مع الطفل، مما يضطر الكثير من الأمهات والآباء إلى أخذ إجازات من أعمالهم حتى يتمكنوا من التواجد مع أبنائهم. وتقول الحمد لـ "العربي الجديد": "فضلاً عن عملي والأعباء المنزلية، بات لزاماً عليّ اليوم أن أجلس مع ابنتي كل يوم وأحرص على متابعة دروسها. وهذه الحالة لا تقتصر عليّ بل تشمل جميع الأمهات في الكويت. ونكاد ننهار نفسياً من حجم الضغوط، ولا أعلم كيف تفكر وزارة التربية، وهي تظن أنه في إمكان تلاميذ لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات أن يتأقلموا مع أسلوب تعليم لم يستطع طلاب الجامعات التأقلم معه". 
من جهتها، تشير عائشة الفضلي، وهي والدة لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، إلى صعوبة متابعة الأبناء في وقت واحد، وصعوبة السيطرة عليهم، بالإضافة إلى عدم الجدية من قبل الصغار. وتقول: "لا أحد يأخذ الأمر بجدية، حتى وزارة التربية، التي قررت إلقاء العبء الكامل على أولياء الأمور، وتحميلهم حملاً كبيراً يفوق طاقاتهم وقدراتهم النفسية والجسدية". 
أما سعود العنزي، وهو ولي أمر ستة تلاميذ في المرحلتين المتوسطة والثانوية، فيطالب بعودة التعليم في المدارس أسوة بدول خليجية وأوروبية، مع الالتزام بالشروط الصحية. ويسأل: "هل نحن أحرص على أبنائنا من الدول التي اعتمدت التدريس في المدارس"؟ ويؤكّد أن التعليم عن بعد بات يشكّل صداعاً مزمناً للأهالي، متهماً وزارة التربية بـ "نقل المعركة من أروقة الوزارة إلى داخل بيوت العائلات الكويتية والوافدة". 
إلى ذلك، يقول المسؤول في جمعية المعلمين الكويتية أحمد العنزي، لـ "العربي الجديد": "الواجب هو التفكير بحجم الكارثة الصحية التي ستتسبب بها لو قمنا بفتح المدارس، إذ يبلغ عدد التلاميذ في المدارس الكويتية أكثر من 750 ألف تلميذ أي ما يقارب 20 في المائة من سكان الكويت. وفي حال انتشار كورونا بين هؤلاء التلاميذ، فإن كارثة صحية كبرى ستحدث". يضيف: "على العائلات أن تعي أن الجميع يقدم تضحيات كبيرة خلال هذه الأزمة، وتضحية بسيطة مثل متابعة التعليم مع الأبناء أمر سهل، مقارنة بالكارثة الصحية التي ستحدث في حال ذهبوا إلى مدارسهم". 
لكن الخبيرة التربوية هيا الظفيري تقول إن السلطات الصحية قررت فتح المجمعات التجارية والأندية الصحية الرياضية ومحلات الحلاقة والمساج، في وقت ترفض فتح المدارس على الرغم من الحاجة الشديدة لها، وتعثر عملية التعليم عن بعد، وفشلها حول العالم في هذا الظرف، خصوصاً للصغار. 
وتعد الكويت واحدة من أوائل الدول في العالم التي عمدت إلى تعليق الدراسة عقب انتشار فيروس كورونا حول العالم خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، وترفيع جميع تلاميذ المراحل الدراسية عدا الثانوية العامة، الذين استمروا في الدراسة عن بعد حتى موعد تخرجهم في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وتعرّض وزير التربية الكويتي سعود الحربي لاستجوابين في مجلس الأمة (البرلمان) بسبب اتهامات له بالتقصير في ملف التعليم عن بعد، والإضرار بالعملية التعليمية في البلاد والفشل بإدارتها خلال أزمة فيروس كورونا. لكن الحربي يقول إنه قام بما يلزمه للحفاظ على صحة التلاميذ والمعلمين، وإن كافة الإجراءات التي قام بها كانت بمشورة السلطات الصحية في البلاد، التي شددت على ضرورة عدم العودة للدراسة خوفاً من انهيار النظام الصحي.

المساهمون