أداة فضائية جديدة ستتولّى قياس تلوث الهواء فوق أميركا الشمالية

أداة فضائية جديدة ستتولّى قياس تلوث الهواء فوق أميركا الشمالية

07 ابريل 2023
تتيح هذه الأداة العلمية متابعة انتشار الملوثات بدقة (بول هينيسي/ الأناضول)
+ الخط -

أُطلِق ليل الخميس من فلوريدا قمر اصطناعي محمّل بجهاز جديد تابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، يوفّر قياسات لتلوث الهواء فوق أميركا الشمالية ساعة بساعة وحياً حياً.

ومن المُفترَض أن تتيح هذه الأداة العلمية التي اُطلقت عليها تسمية "تمبو" (TEMPO) متابعة انتشار الملوثات بدقة أكبر بكثير مما كان ممكناً حتى الآن، بدءاً من مصدر انبعاثها وطوال انتشارها بواسطة الرياح.

أما البيانات التي ستوفّرها "تمبو"، فستسخدمها كل من وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) والإدارة الأميركية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي التي توفّر توقّعات بشأن نوعية الهواء في الولايات المتحدة. ويمكن استخدام هذه البيانات في تطبيقات متعددة، كتحسين التنبيهات للسكان في حال رداءة نوعية الهواء، وتحديد الأماكن التي ينبغي تركيب أجهزة كشف جديدة فيها على الأرض بشكل أفضل، والمساعدة في البحث عن تأثير ملوثات الغلاف الجوي على الصحة، إضافة إلى تتبع التلوث الناجم عن الحرائق التي تزداد تواتراً بسبب الاحترار المناخي.

وتشير "أميركن لَنغ أسوسييشن" (جمعية الرئة الأميركية) إلى أنّ نحو 40 في المائة من الأميركيين (137 مليون شخص) يقطنون مناطق ذات نوعية هواء رديئة، وخصوصاً الأحياء الأكثر فقراً. ويتسبب تلوّث الهواء في تسجيل نحو 60 ألف حالة وفاة مبكرة سنوياً في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كونه يضرّ بالاقتصاد من خلال تأثيره سلباً على إنتاجية العمّال والمحاصيل.

ساعة بساعة

تتموضع الأقمار الاصطناعية المستخدمة حتى الآن لتوفير هذا النوع من البيانات المتعلقة بالولايات المتحدة على ارتفاع نحو 700 كيلومتر، وتدور حول الأرض نحو 15 مرة في اليوم.

وتقول عالمة الفيزياء المتخصصة في الغلاف الجوي لدى مركز الفيزياء الفلكية كارولين نولان، في مؤتمر صحافي: "يمكننا يومياً الحصول على قياسات عن نوعية الهواء فوق نيويورك عند الساعة الأولى والنصف بعد الظهر مثلاً. لكنّ أموراً كثيرة قد تحدث في نيويورك في يوم واحد. وثمّة فترة ذروة لساعتين لا يمكن خلالها قياس نوعية الهواء".

وسيكون "تمبو" الذي يزن أقل من 140 كيلوغراماً بقليل متصلاً بقمر اصطناعي في مدار ثابت بالنسبة للأرض، يقع على ارتفاع يفوق 35 ألف كيلومتر. لذلك، سيدور حول الأرض بالتزامن مع دورانها على نفسها، مما يمكّنه من البقاء دائماً فوق أميركا الشمالية. وتقول نولان: "سنتمكّن للمرة الأولى من إجراء قياسات على مدار الساعة فوق أميركا الشمالية".

ويُعدّ المدار الثابت بالنسبة للأرض شائعاً جداً للأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات، وحُمّل "تمبو" على أحد هذه الأقمار وهو "آي إس-40 إيه" من شركة "إنتلسات"، وأُطلِق في صاروخ "فالكون 9" تابع لشركة "سبايس إكس" من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا.

ويوضح نائب رئيس "إنتلسات" جان لوك فروليجيه أن القمر الاصطناعي سيدفع نفسه للوصول إلى الموقع المداري المقرر له، متوقعاً أن تستغرق هذه العملية نحو أسبوعين. ثم يمكن للأداة أن تباشر بعمليات القياس. وسيتمحور عمل "تمبو" على تحليل الضوء المنعكس على سطح السحب باستخدام مقياس طيف.

وتشرح كارولين نولان أنّ كل غاز يمتص الضوء بطريقة مختلفة، لذلك "يمكننا أن نرصد الغازات الموجودة في الغلاف الجوي من خلال الألوان أو الأطوال الموجية للضوء الذي تمتصه هذه الغازات".

وستجري الأداة ثلاثة قياسات رئيسة. الأول قياس ثاني أكسيد النيتروجين الناجم عن عمليات الاحتراق، وتحديداً تلك المتعلقة بالمركبات التي تعمل بالبنزين أو الديزل، بالإضافة إلى محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم أو الغاز. أما عملية القياس الثانية، فستشمل الأوزون الذي عندما يكون موجوداً في أعلى الغلاف الجوي، يوفّر حماية للبشر من أشعة الشمس، إلا أنّه يصبح مضراً بالصحة عندما يكون موجوداً على الأرض.

وترمي العملية الثالثة إلى قياس الفورمالديهايد الذي يُستخدَم للدلالة على وجود مركبات عضوية متطايرة تتسبّب في إعطاء عدد من المواد رائحتها كالطلاء أو المحروقات، بحسب نولان. وانضم "تمبو" الذي ستستمر مهمته عامين على الأقل ولكن ستطول أكثر على الأرجح، إلى أسطول "ناسا" المؤلف من نحو 25 مهمة لرصد الأرض.

وأُطلقت عام 2020 أداة مشابهة لـ"تمبو" هي "جيمز" في المدار الثابت بالنسبة للأرض، وهي موجودة حتى اليوم لقياس تلوث الهواء فوق آسيا. ويُفترض أن تُطلَق أداة "سينتينيل- 4" لتولّي المهمة نفسها فوق لأوروبا.

(فرانس برس)

المساهمون