أحياء طرابلس التاريخية... جولات لإعادة اكتشاف عمارة المدينة القديمة

أحياء طرابلس التاريخية... جولات لإعادة اكتشاف عمارة المدينة القديمة

طرابلس

صهيب جوهر

avata
صهيب جوهر
طرابلس ــ صهيب جوهر
13 أكتوبر 2022
+ الخط -

حصل المهندس المعماري اللبناني باسم زودة (28 سنة) على الماجستير في الترميم الهندسي، وهو يركز حالياً على ترميم آثار العمارة الإسلامية في مدينته طرابلس (شمال)، والتي تمثل مصدر جذب كبيرا للمهتمين بالعمارة التاريخية، ويقول إن "الخوف والموت ليسا قدر طرابلس، فقدرنا أن نخرج من النفق المظلم، وأن تعود مدينتنا كما كانت عاصمة للجمال والحضارة".
يضيف زودة لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الإرث التاريخي العظيم مادة علمية مهمة، وثروة لا تقدر بثمن، وقد تطوعت لإعادة رسم كل الزخارف والرسوم التاريخية على الأبنية والمساجد والمدارس والجدران القديمة، وهذا العمل بطبيعة الحال من واجبات الدولة، وتحديداً وزارة الثقافة والسياحة، وأيضاً لجان التراث في البلديات، لكن إهمال المدينة دفعني للشروع بهذه المبادرة".

ويشير إلى أن مشروعه قائم على هدفين أساسيين، الأول هو إعادة رسم الزخارف وحفظها بشكل تشرف عليه لجان علمية متخصصة، وبالتالي فإنه "في حال حصول أي طارئ، مثل انهيار المباني أو زوال الزخارف، ستكون ممكنة إعادة رسمها مجدداً كونها مرسومة بشكل علمي، وأطمح إلى تحويل ما أرسمه إلى كتاب يباع حول العالم للمهتمين بالعمارة الإسلامية، لتصبح الزخارف الموجودة في طرابلس في متناول العلماء والخبراء".
لم يكتف زودة بالصيغة العلمية، بل بات يتوق بشكل أكبر إلى اكتشاف الكنز المعماري في المدينة، وتحويله إلى مشروع سياحي يستقطب اللبنانيين والأجانب، وبالفعل بدأ ينظم بشكل أسبوعي، رحلات تراثية داخل المدينة، تستقطب المهتمين، وعدد كبير منهم حسب قوله، يحرصون على تسجيل معلومات تاريخية تتعلق بالآثار والمباني، كما زاد الاهتمام بأطروحته التي نال عنها الماجستير، كونها حول الإرث الإسلامي لمدينة طرابلس، والتي توثق تفاصيل الآثار القائمة منذ قرون.

الصورة
يجهل كثير من سكان طرابلس تاريخ مدينتهم (العربي الجديد)
يجهل كثير من سكان طرابلس تاريخ مدينتهم (آمن أيوبي)

يقول: "الرحلات التي نظمتها شارك بها حتى الآن أكثر من ألف شخص، لبنانيين وأجنبي، وجميعهم تأثروا بما شاهدوه من فن العمارة التاريخية في طرابلس، وتحديداً في المدينة القديمة التي تحوي مساجد ومدارس وحمامات وزوايا وجدرانا، وكلها مهملة، وتحولت إلى بقعة للعشوائيات التجارية، وباتت مقرونة بالفقر بدل أن تسعى الدولة إلى إنقاذها من هذا العبث الاجتماعي، وتطوير أعمال سكان المنطقة ليكونوا جاهزين لاستقبال السياح".
يتابع زودة: "هناك مدن لا تضم ربع ما تمتلكه طرابلس من آثار معمارية، لكنها بسبب السياسات السياحية للدول، باتت محط اهتمام السياح، فيما الدولة اللبنانية، ولحسابات سياسية وطائفية، تستثني طرابلس حتى من إعلانات وزارة السياحة، وشركات التسويق والطيران، وتعتبرها منطقة غير آمنة بدلاً من توفير الأمن لاستجلاب السياح إليها للاستمتاع بالجولات في شوارعها القديمة، وإنعاش أسواقها، وخصوصاً المأكولات التي تشتهر بها المدينة منذ مئات السنين".

الصورة
يعود تاريخ بعض زخارف طرابلس إلى قروت مضت (العربي الجديد)
يعود تاريخ بعض زخارف طرابلس إلى قرون مضت (آمن أيوبي)

وفي الجولات، لاحظ المهندس المعماري اللبناني خلال تجربته أن أبناء مدينته ليست لديهم معلومات كافية عما تحتويه من كنوز، وهو يعزو أسباب ذلك إلى الأزمات التي تُسأل عنها الدولة، والتي فصلت المدينة إلى قسمين، الأول هي المناطق الفقيرة التي تشمل المدينة القديمة، فيما القسم الثاني يصنف على أنه مناطق الأغنياء، وهو معزول عن الجانب الأول.
ويؤكد أن إقناع سكان شوارع ومناطق الأغنياء بزيارة المدينة القديمة، وشوارعها ومعالمها التاريخية مقرون بمناسبات تتكرر مرة أو مرتين خلال السنة، موضحاً أنه يسمع خلال جولاته مع سكان طرابلس في المدينة التاريخية معلومات مغلوطة تثير استغرابه، وتزيد من إحساسه بالمسؤولية عن ضرورة التعريف بهذه المساحة المغيبة من قاموس المسؤولين الذين يزورون أحياء الفقراء فقط خلال المآتم والأعياد، أو في فترات الانتخابات.

يتحدث زودة عن مشروع تسويقي يعده مع أصدقائه من الناشطين ومسؤولي جمعيات محلية، هدفه القيام بحملة تسويق للمدينة التاريخية في طرابلس، وجذب اللبنانيين للمشاركة في رحلات إليها للتعرف إلى المدينة العريقة، وإرثها الحضاري والتاريخي، مؤكدا أن توحيد جهود المؤسسات المحلية واجب كبير، وقد يكون السبيل الوحيد لعودة طرابلس بشكل تدريجي إلى الخريطة السياحية الوطنية والدولية، وأن ذلك لا ينفي أهمية الضغط على الجهات الرسمية للقيام بواجباتها الأساسية الخاصة بالترميم، والنظافة، وتهيئة الأجواء لاستقبال السياح والزائرين، على غرار ما يحدث في مدن لبنانية أخرى.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بـ"عملية هجومية" في جنوبيّ لبنان بأكمله.
الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.
الصورة
تضررت مخيمات النازحين السوريين في لبنان من الأمطار الغزيرة (فيسبوك/الدفاع المدني)

مجتمع

أغرقت الأمطار التي يشهدها لبنان والتي اشتدت أول من أمس (السبت)، العديد من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، لا سيما تلك الواقعة في المناطق المنخفضة.

المساهمون