أجهزة الإنذار المبكر... وسيلة ضرورية لتقليص تبعات الكوارث

أجهزة الإنذار المبكر... وسيلة ضرورية لتقليص تبعات الكوارث

30 سبتمبر 2023
كان من الممكن تقليص الخسائر البشرية في درنة (كريم صهيب/ فرانس برس)
+ الخط -

أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، أنه لو وجدت أنظمة إنذار مبكر في المناطق الليبية التي ضربتها العاصفة دانيال، لأمكن تقليل الخسائر البشرية الناجمة عن الفيضانات والسيول المدمرة.
وسلطت الفاجعة الليبية الضوء على العواقب المدمرة لكوارث التغير المناخي على الدول ضعيفة البنية التحتية، وأظهرت أهمية وجود أجهزة إنذار مبكر بشأن المخاطر. فما هي هذه الأجهزة؟ وكيف تعمل؟ ومن هي أبرز الدول التي تمتلكها؟
يقول الخبير البيئي وأستاذ الجيولوجيا، جورج متري، لـ "العربي الجديد": "أنظمة الإنذار المبكر باتت وسيلة علمية ضرورية يمكن من خلالها التنبؤ بتوقيت ومكان الكوارث الطبيعية، وهي تساعد في إتاحة معلومات حول حالة الطقس، إذ ترصد كميات الأمطار، ومناطق سقوطها، وسرعة الرياح، وتمتلك غالبية دول العالم أنواعا مختلفة من هذه الأجهزة، لكن هناك تفاوت كبير بينها، فبعض الدول تمتلك أنظمة قديمة أو متهالكة، ودول أخرى تعتمد على أجهزة حديثة متطورة، عادة ما تكون مرتبطة بمنصات متابعة المناخ العالمية التابعة للأمم المتحدة، أو وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)".
يضيف متري: "أجهزة الإنذار المبكر مرتبطة دائماً بالخرائط، وهي ترصد بيانات الضغط الجوي، وحالة الغيوم، وتوثق المعلومات حول حركة الرياح، ما يمكنها من تحديد توقيت وصول العواصف، ومدى قوتها بالاعتماد على القواعد الأساسية في علوم الرياضيات والفيزياء، ومع التطور التكنولوجي الحاصل، باتت الخوارزميات تساعد في تحديد تفاصيل العواصف والفيضانات، وحتى دراسة تأثيراتها على منطقة معينة، ويتوقع من جميع الدول تجهيز مكاتب الأرصاد الجوية التابعة لها بتلك الأنظمة المتطورة، لكن الدول النامية والفقيرة يصعب عليها الحصول على تلك التقنيات، كما يؤثر ضعف بنيتها التحتية في قدرات تلك الأجهزة حال توفرها".

وتؤكد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة أن أهمية وجود أنظمة الإنذار المبكر ترجع إلى كونها وسيلة ناجعة للكشف عن الأخطار، ما يتيح اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من التأثيرات الضارة لها.
وتوصلت دراسة نشرها موقع info 360 المتخصص بالشؤون البيئية، إلى أن عدد الكوارث المناخية زاد بمقدار خمسة أضعاف خلال السنوات العشرين الماضية، لكن بفضل تحسن أنظمة الإنذار المبكر لم يشهد العالم عدداً كبيراً من الوفيات بسببها. صحيح أن تلك الأجهزة لا تمنع حصول الكوارث الطبيعية، لكنها تعطي إشعاراً مسبقاً بحدوث الكارثة ما يسمح للمجتمعات بالاستعداد. قبل الفيضانات في ليبيا، أصدر المركز الوطني للأرصاد الجوية تحذيرات مبكرة بشأن المخاطر المناخية، كما أصدر تحذيرات بشأن هطول أمطار غزيرة، وحدوث فيضانات، لكن الكارثة حصلت بسبب عدم معالجة المخاطر التي كانت تشكلها السدود القديمة، والتي انهارت مخلفة دماراً مروعاً.

الفيضان المفاجئ تسبب في فاجعة درنة (فرانس برس)
الفيضان المفاجئ تسبب في فاجعة درنة (فرانس برس)

وتم الكشف عن ثغرات كبيرة في أنظمة المركز الليبي للأرصاد الجوية، فبعضها لا تعمل بشكل جيد، وهناك نقص مزمن في الموظفين، وقدرات المركز على أداء وظيفته محدودة، كما تعطلت سلسلة إدارة الكوارث. ويعلق جورج متري: "البنى التحتية السيئة لعبت دوراً في التسبب بهذه النتائج الكارثية، إذ لم تكن قادرة على تصريف المياه، أو حتى مواجهتها في ظل وجود سدود قديمة تفتقر إلى الصيانة".
وتعد إدارة الفيضانات في هولندا نموذجاً مهماً للتكيف مع تغير المناخ، خاصة أن أكثر من 50 في المائة من مساحة البلاد واقعة تحت مستوى سطح البحر، ما يشجع الهولنديين على البحث عن حلول مبتكرة لإدارة المياه. ونجحت البلاد إلى حد كبير في التخفيف من تأثيرات الكوارث الطبيعية المتعلقة بالأعاصير أو الفيضانات عبر استخدام أدوات واستراتيجيات من ضمنها أجهزة الإنذار المبكر، وتقنيات بناء السدود.

وقد شهدت مدينة دوردريخت أكثر الفيضانات كارثية في التاريخ بسبب موقعها المنخفض عند تقاطع البحر مع ثلاثة أنهار رئيسية، حين ضربت عاصفة كبيرة المدينة في عام 1421، ودمرت السدود، وأغرقت 23 قرية.
وأدرك مخططو المدن مع تسارع التغير المناخي أنهم يحتاجون إلى نهج متعدد المستويات لإدارة الفيضانات، يتضمن استراتيجيات للوقاية، وأجهزة إنذار مبكر تساعد على تأمين الاستعداد. في عام 2016، استضافت هولندا مؤتمر "مستقبل التكيف"، ومن بين المواقع الـ 13 التي تم اختيارها في البلاد، استضافت دوردريخت جولة للمشاركين للتعرف على سبل إدارة الفيضانات، إذ قامت المدينة ببناء عدة سدود لحماية المنازل، كما قامت بوضع جذوع الأشجار على مداخل الشوارع لإبقاء المياه خارجها في حال حدوث فيضان، واعتمدت استخدام التكنولوجيا لرصد الأحوال الجوية.

المساهمون