"هيومن رايتس ووتش": الإمارات استهدفت تعسفياً وافدين باكستانيين

"هيومن رايتس ووتش": الإمارات أخفت قسراً ورحّلت وافدين باكستانيين على خلفيتهم الدينية

22 يونيو 2021
رحلّت الإمارات قرابة ستة باكستانيين دون تفسير (Getty)
+ الخط -

أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، أنّ سلطات الإمارات أخفت قسراً قرابة أربعة رجال باكستانيين منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ورحلّت قرابة ستة آخرين دون تفسير، بناء على خلفيتهم الدينية فقط على ما يبدو.

وأوضحت المنظمة، في تقرير لها، أنّ السلطات الإماراتية أفرجت عن الستة ورحلتهم فوراً في أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2020 بعد إخضاعهم أيضاً للإخفاء القسري والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، بين ثلاثة أسابيع وخمسة أشهر.

وبيّنت أنّ "جميع الرجال العشرة هم مسلمون شيعة مقيمون في الإمارات، وعاش معظمهم في البلاد وعملوا فيها لسنوات عديدة مديرين وموظفي مبيعات ورؤساء تنفيذيين لشركات صغيرة وعمالاً وسائقين. كان بينهم رجل يعيش ويعمل هناك منذ أكثر من 40 عاماً، وآخر وُلد وترعرع في الإمارات".

ولفتت إلى أنّ السلطات الإماراتية "لم توجه أي اتهامات ضد أي من الرجال الستة المفرج عنهم، لكنها رحّلتهم بإجراءات موجزة دون منحهم أي فرصة للطعن في ترحيلهم".

 

وقال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة: "لطالما مارست قوات الأمن الإماراتية الإخفاء القسري وأفلتت تماماً من العقاب، ما يترك المحتجزين وأفراد عائلاتهم في حالة ذعر وارتباك ويأس"، مضيفاً أنّ "سلوك السلطات الإماراتية غير الخاضعة للمساءلة هو استهزاء صريح بسيادة القانون ولا يترك أي شخص في مأمن من الانتهاكات الجسيمة".

ووفقاً للمنظمة الحقوقية ومقرّها نيويورك "لم تكن هذه أول مرة تستهدف فيها السلطات الإماراتية المقيمين الشيعة تعسفاً، بما في ذلك من خلال الاحتجاز التعسفي دون تهمة والترحيل بدون أساس"، مشيرة إلى أنّ "تقارير كثيرة تحدثت عن استهداف السلطات الإماراتية تعسفياً للمقيمين الشيعة، سواء أكانوا لبنانيين أم عراقيين أم أفغاناً أم باكستانيين أم غير ذلك، في أوقات التوترات الإقليمية المتزايدة".

ويحدث الاختفاء القسري عندما يقوم أعوان الدولة، أو أشخاص أو جماعات تعمل بتفويض أو دعم حكومي، بحرمان الشخص من حريته ثم رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية أو إخفاء حالة الشخص أو مكان وجوده.

بيج: سلوك السلطات الإماراتية غير الخاضعة للمساءلة هو استهزاء صريح بسيادة القانون

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنها تحدثت إلى أفراد عائلات الرجال العشرة الذين اعتقلتهم السلطات الإماراتية بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وكذلك أحد الرجال الذين أُطلق سراحهم في أواخر 2020. ووفق التقرير، "قال كل فرد منهم إنه سمع عن مسلمين شيعة باكستانيين آخرين اعتقلتهم قوات أمن الدولة الإماراتية منذ منتصف سبتمبر/ أيلول، ما يشير إلى أنّ عدد المحتجزين تعسفياً والمخفيين قسراً قد يكون أكثر من أربعة".

وقال ابن أحد المحتجزين، الذي تحدثت إليه المنظمة  شريطة عدم الكشف عن هويته، إنّ السلطات سمحت لواحد فقط من الرجال الأربعة الذين ما زالوا محتجزين بالاتصال بأسرته، وفقط بعد ستة أشهر من إبقائهم في "ظلام دامس"، في حين ما زالت أسرة الرجل تجهل مكان احتجازه أو سبب اعتقاله.

كذلك ذكرت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها أنّها اطّلعت على وثيقة جمعها أفراد عائلات المحتجزين تضم قائمة بـ 27 مواطناً باكستانياً من بلدة باراتشينار في شمال باكستان، اعتُقلوا في الإمارات في سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول. ونقلت عن عضو بالبرلمان الباكستاني، لم تذكر اسمه، أنه يعتقد أن القائمة دقيقة، إذ التقى شخصياً بكل أسرة.

وقال الأقارب للمنظمة إنّ الرجال المحتجزين لم تكن بحوزتهم جوازات سفرهم، وإنّ قوات الأمن داهمت منازلهم لاحقاً بحثاً عنها.

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنّ السلطات الإماراتية أخذت، في بعض الحالات، وثائق أخرى متعلقة بالهجرة والعمل. وقال معظم أقارب الرجال المحتجزين، للمنظمة، إنهم حاولوا الاستفسار عنهم في مختلف أقسام الشرطة والسجون ومراكز الترحيل، لكن لم يعترف المسؤولون الإماراتيون، حتى باعتقال أقاربهم، فضلاً عن إخبارهم بمكان احتجازهم وسببه.

وأفاد شاب محتجز سابق بعد ترحيله، كان مفقوداً منذ أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني بعد استدعائه إلى مركز للشرطة في دبي، بعد منتصف الليل بقليل "إنهم أساءوا معاملته، بما في ذلك تقييد يديه وعصب عينيه أثناء نقله من مكان إلى آخر، وإجراء جلسات استجواب لمدة خمس وعشر ساعات، وحرمانه من النوم والملابس الدافئة ليومين بينما كان وحيداً في غرفة باردة مضاءة طوال الوقت"، وفق التقرير.

وتقلت المنظمة في تقريرها، عن أفراد عائلات مقيمين "شيعة" باكستانيين آخرين أفرِج عنهم منذ ذلك الحين، إفادتهم بأنّ أقاربهم لم يواجهوا أي اتهام، ولم يحصلوا على مستشار قانوني أو تمثيل قنصلي، ورُحّلوا فوراً بعد الاحتجاز دون أن تتاح لهم فرصة تسوية شؤونهم بعد العيش في الإمارات لسنوات، مشيرة إلى أنّ أفراد الأسرة يقولون إنهم ما زالوا لا يعرفون أساس احتجاز أقاربهم وترحيلهم، ويعتقدون أنّ ذلك بسبب التمييز الطائفي.

 

ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات الباكستانية إلى "التحقيق في الاستهداف التعسفي للمواطنين الباكستانيين المسلمين الشيعة في الإمارات، والمطالبة بالكشف عن مكان مواطنيها المفقودين وأسس الاعتقالات، وكذا تواصل المعتقلين فوراً مع ممثلين قنصليين".

كما طالبت سلطات الإمارات بـ"الكشف عن أسماء ومكان وجود وأساس اعتقال كل من اختفوا قسراً أو احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي".

وقال بَيْج: "تدّعي الإمارات احترامها للحرية الدينية والتنوّع، لكن يشير الإخفاء والترحيل التعسفي للمقيمين الشيعة منذ فترة طويلة إلى هذا التسامح والاحترام لا يشملان جميع الطوائف الدينية".

المساهمون