"الالتفاف" بين الشرق والغرب... الطريق الوحيد لليبيين

"الالتفاف" بين الشرق والغرب... الطريق الوحيد لليبيين

17 يوليو 2021
الدبيبة شارك بنفسه في فتح الطريق البرية (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تستمر منذ أكثر من عام ونصف العام معاناة الليبيين في السفر بين شرق البلاد وغربها، بسبب إغلاق أطراف الصراع المسلح الطريق الساحلي الذي يربط بين الشطرين، وتحديداً عند نقطة العبور في مدينة سرت التي تقع في منتصف المسافة الممتدة بينهما. 
ويضطر المواطنون إلى قطع مسافة إضافية في اتجاه مناطق الجفرة التي تبعد نحو 600 كيلومتر من جنوب العاصمة طرابلس، من أجل الالتفاف حول مدينة سرت، تمهيداً لسلوك الطريق الساحلي مجدداً سواء في اتجاه الشرق أو الغرب.
وكان أعيد تسيير الرحلات الجوية بين طرابلس وبنغازي نهاية العام الماضي. لكن البر حيوي لتنقل غالبية المواطنين ونقل جزء كبير من خدمات نقل الأغذية والأدوية، بحسب ما يوضح لـ "العربي الجديد" سائق الباص في شركة السهم لنقل الركاب، سليمان خوجة، والذي يؤكد ضرورة استخدام طرق برية خطرة عبر الصحراء للالتفاف على نقطة المسلحين في سرت.
ولدى إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة فتح الطريق الساحلي في 20 من يونيو/ حزيران الماضي، والذي شهد  أيضاً مشاركته في قيادة جرافة أزالت سواتر ترابية كدّسها المسلحون في منطقة خطوط التماس غرب مدينة سرت، أبدت شريحة واسعة من الليبيين سعادتها بالخطوة.
وغرّد الدبيبة حينها على "تويتر": "ستطوي خطوة فتح الطريق الساحلي صفحة من معاناة الشعب"، فيما اعتبر المجلس الرئاسي الليبي أن "المبادرة تتوّج جهود المصالحة الوطنية عبر إزالة العوائق بين طرفي البلاد". لكن لم تمرّ ساعات على الخطوة فعلياً حتى رفضها جيش اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق ليبيا، وقرر عدم المبادرة في فتح الطريق من جانبه، رغم أنها أحد أهم بنود اتفاق وقف النار الذي وقعته الأطراف المتصارعة في البلاد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وحتى اليوم، لا تزال اللجان العسكرية التي تمثل الطرفين والمكلفة تنفيذ اتفاق وقف النار عاجزة أمام مماطلات جيش حفتر الذي يصرّ على رفض فتح الطريق، في حين ينتشر عشرات من المقاتلين المرتزقة قرب خطوط التماس.

وفي مواجهة ضغوط دولية لقبول خطوة الدبيبة، برر ممثلو جيش حفتر في اللجان العسكرية رفض تنفيذ بنود اتفاق وقف النار بأن "الطريق الساحلي غير صالح للتنقل ويحتاج إلى إصلاحات تقنية". وهنا يسأل خوجة: "أي طريق في كل مناطق ليبيا يصلح للتنقل، وهل نغلقها كلها فعلياً في هذه الحال".

معاناة وكلفة
يبدي المواطن من بنغازي، عبد الرزاق الكميشي، في حديثه لـ "العربي الجديد" سخطه من عدم اكتراث الأطراف المتصارعة بمعاناة الشعب، لكنه يستدرك أن "فتح المجال الجوي بين طرابلس وبنغازي خفف معاناتي، بعدما كنت مضطراً إلى قطع مسافات إضافية وطويلة عبر الصحراء من بنغازي الى طرابلس كل شهرين لمتابعة علاج ابنتي".

شاحنة صهريج تعبر بين الشرق والغرب (محمود تركية/ فرانس برس)
شاحنة صهريج تعبر بين الشرق والغرب (محمود تركية/ فرانس برس)


يضيف: "بسبب طول المسافة كنت أتوقف للراحة في منتصف المسافة في مدينة هون، وهي من مناطق الجفرة، حيث كنت استأجر بيتاً لفترة ليلة ويوم من أجل مراعاة صحة ابنتي، قبل أن أواصل مشواري، ثم أكرر الأمر ذاته في رحلة العودة".
ويشير الكميشي أيضاً إلى أنه "إلى جانب معاناة السفر الطويل، كنت أسافر بسيارة لا تغري عصابات السرقة والنهب، ما يضاعف معاناتي بسبب رؤيتي المرتزقة الذين يقيمون حواجز تفتيش للمارة في الجفرة، ما يقلص آمالي بنجاح الجهود المبذولة لإيجاد حل وتسوية في ليبيا".
ويؤكد خوجة مزاعم الكميشي في شأن الروايات عن تعرض سائقي الشاحنات للسرقة والنهب، ويقول: "إنه أمر معروف لدى الليبيين، لذا يتعمد كثيرون التنقل عبر قوافل تفاقم بالتأكيد حجم معاناتهم". يضيف: "إلى جانب رفع تكاليف الشحن من الشرق إلى الغرب بسبب الاضطرار إلى السفر لمسافة أبعد جنوباً، ما يرفع أسعار شحن المواد الغذائية أو الدواء، تضاعفت الفترة الزمنية لوصول أي شحنة، علماً أن السفر من الشرق الى الغرب عبر الطريق الساحلي مباشرة يحتاج إلى فترة يوم ونصف اليوم. أما السفر عبر الصحراء جنوباً فيحتاج إلى ثلاثة أيام".

أخطار للسائقين
من جهته، يقول سائق شاحنة نقل يدعى رجب الطاهر لـ "العربي الجديد": الطريق الساحلي شريان الحياة الذي يربط بين شطري ليبيا، لكن اضطرارنا إلى استخدام طرق بديلة يعرضنا الى أخطار كبيرة، خصوصاً أننا نواجه مخاوف وصعوبات، بينها أحياناً فقدان إشارات الاتصال في الهواتف الخليوية لمسافات طويلة".
وكانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي حثت في مناسبات عدة السلطات والأطراف المتناحرة في ليبيا على ضرورة إعادة فتح الطريق الساحلي من أجل إنهاء معاناة المواطنين، وتسهيل وصول شحنات الغذاء والدواء الضرورية إلى شطري البلاد.

المساهمون