ضجيج دعم النظام السوري لروسيا: تظاهرات بالإكراه وتسهيل تجنيد مرتزقة

ضجيج دعم النظام السوري لروسيا: تظاهرات بالإكراه وتسهيل تجنيد مرتزقة

11 مارس 2022
طالبات يتظاهرن تأييداً لروسيا في جامعة دمشق، أول من أمس (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

لا يترك النظام السوري وسيلة إلا ويتبعها لإعلان دعمه روسيا في اجتياحها أوكرانيا، بعدما كان سبّاقاً في إعلان تأييده هذا الغزو منذ بدئه في 24 فبراير/شباط الماضي. ومن إجبار طلّاب الجامعات الحكومية على الخروج بمسيرات تأييداً لموسكو، إلى تحويل شبّان سوريين إلى مرتزقة للقتال ضد الأوكرانيين مقابل رواتب مغرية، تتنوع مظاهر هذا الدعم، ومنها إخراج الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وحزب "البعث"، بشكل يومي، مسيرات في المدن التي يسيطر عليها النظام دعماً للجانب الروسي. وآخر هذه المسيرات كان خروج العشرات من السوريين، أمس الخميس، بمسيرة في المربع الأمني الخاضع للنظام في مدينة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي من سورية.

النظام يضغط على الطلاب لتأييد حرب بوتين

ومنذ بدء الحرب، انتشرت في الشوارع الرئيسية في العاصمة السورية دمشق صور كبيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مذيلة بعبارات تأييد له ولجيشه في غزوه الأراضي الأوكرانية. ورصد ضغط النظام على طلاب الجامعات الحكومية (حلب، دمشق، البعث، تشرين) للخروج في مسيرات تأييد للروس، ولتنظيم فعاليات في أروقة هذه الجامعات و"وقفات تضامنية مع الشعب والقيادة الروسيين"، وفق تعبير وكالة "سانا" الرسمية للأنباء.

منذ بدء الحرب، انتشرت في الشوارع الرئيسية في دمشق صور كبيرة لبوتين، مذيلة بعبارات تأييد له ولجيشه في غزوه الأراضي الأوكرانية

وفي هذا الإطار، نظّم فرع حزب البعث في جامعة حلب، كبرى مدن الشمال السوري، أمس الخميس، وقفة للطلاب والأساتذة والعاملين في الجامعة، حمل خلالها المشاركون العلم الروسي. وكان حزب "البعث" الحاكم قد نفّذ ما سمّاها بـ"تجمعات جماهيرية"، أول من أمس الأربعاء، داخل حرم جامعة دمشق "دعماً للحليف الروسي"، وفق تعبير الحزب.

من جهتها، خدعت إدارة جامعة "البعث" الحكومية في مدينة حمص، وسط سورية، الطلاب، الثلاثاء الماضي، إذ طلبت منهم القدوم إلى مقر الجامعة لمناقشة قضايا تخصّهم ليفاجأوا بأنهم مجبرون على الخروج بمسيرة تأييد لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.

المليشيات تشارك في حملة دعم بوتين

وفي السياق ذاته، أجبرت مليشيات محلية تابعة للروس في بلدة سقيلبية، في ريف حماة، السكّان على الخروج بمسيرة لإعلان الدعم لروسيا، بينما نظمت المليشيا التي يقودها نابل العبد الله، متزعم "الحرس الوطني" الذي يضم أكثر المؤيدين للنظام قسوة (الشبيحة)، فعاليات داعمة للروس في شوارع البلدة وأمام كنائسها، حيث يشكل المسيحيون الغالبية من سكّان سقيلبية.

وتعد روسيا الداعم الأبرز للنظام السوري سياسياً وعسكرياً، حيث تنشر قواتها في أغلب المناطق السورية التي تقع تحت سيطرة هذا النظام. وباتت موسكو متحكمة بمفاصل القرار لدى النظام الذي منح الروس والإيرانيين امتيازات في البلاد تكاد ترقى إلى مستوى الاحتلال المباشر والمعلن. ويُدين النظام بالفضل إلى الجانب الروسي في استمراره، حيث كاد أن يسقط أواخر عام 2015 تحت ضربات فصائل المعارضة السورية، لولا التدخل الروسي الذي بدّل مسار الصراع برمته لصالح النظام.

وبيّن عدد من المصادر المحلية في دمشق، لـ"العربي الجديد"، أن الأولويات لدى المواطنين هي مواجهة الفقر وارتفاع الأسعار وغياب الخدمات. وأكدت المصادر أن الناس غير معنيين بحرب روسيا في أوكرانيا، ومن يخرج في المسيرات هم أعضاء في حزب البعث أو موظفون أو طلاب مجبرون على ذلك.

وفي السياق، أشار كاتب مقيم في دمشق، فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن "النظام عاجز عن تقديم شيء للروس إلا هذا الضجيج الإعلامي الذي لا قيمة له". وأوضح الكاتب أن اقتصاد النظام على حافة الانهيار، وقواته متهالكة غير قادرة على تفادي هجمات تنظيم "داعش" في البادية، ومن ثم ليس لديه إلا إجبار الناس على الخروج بمسيرات في الشوارع. وأعرب عن أسفه لأن النظام "حوّل الشباب السوريين إلى مجرد مرتزقة لخدمة الأهداف الروسية، كي يضمن استمرار الدعم الروسي له للبقاء في السلطة".

مصطفى البكور: قيام متزعمي مليشيات بتجنيد عناصر للقتال ضد الأوكرانيين

وأسف الكاتب نفسه إلى "الحال المؤلمة التي أوصلنا إليها هذا النظام". وأضاف: "قلوبنا مع الشعب الأوكراني الذي يتعرض لما تعرضنا له من قصف وتدمير من الطيران الروسي. لا يمكن أن يقف السوريون مع اجتياح الجيش الروسي للأراضي الأوكرانية، ما خلا النظام وأركان حكمه والمستفيدين من استمرار الأوضاع في سورية على ما هي عليه من خراب".

وبات مؤكداً أن النظام يسهّل عمليات تجنيد شبان سوريين للقتال إلى جانب الروس في غزوهم أوكرانيا، في محاولة لإظهار "الطاعة القصوى" لموسكو. وأكد القيادي في فصائل المعارضة في شمال غرب سورية العقيد مصطفى البكور، لـ"العربي الجديد"، قيام متزعم مليشيا الدفاع الوطني في بلدة محردة، المدعو سيمون الوكيل، بتجنيد عناصر من هذه المليشيا للقتال ضد الأوكرانيين. كما أكد أن "نابل العبد الله، متزعم مليشيا الشبيحة في بلدة السقيلبية، يجند هو الآخر عناصر من عصابته للغاية ذاتها"، مشيراً إلى أن "النظام بصدد نقل المئات من عناصر الفيلق الخامس الذي يشرف عليه الروس، ويضم عناصر أجروا تسويات مع النظام، إلى ساحات القتال في أوكرانيا دعماً للروس".

وكانت قاعدة حميميم الروسية في الساحل السوري منحت، أواخر العام الماضي، نابل العبد الله وسيمون الوكيل "وسام الكرملين"، نظير الخدمات التي يقدمانها للروس في سورية.

وبينما يجنّد النظام شباناً سوريين للقتال كـ"مرتزقة" مع الروس في أوكرانيا، زعم سفير النظام في موسكو رياض حداد أن وصول مقاتلين أجانب للدفاع عن أوكرانيا ضد روسيا سيحولها إلى "إدلب ثانية"، وفق تعبيره. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فتح الباب أمام الراغبين للقدوم إلى بلاده للمشاركة في الدفاع عنها، حيث من المتوقع تدفق مقاتلين من دول عدة للقتال مع الجيش الأوكراني.

وتعليقاً على ذلك، رأى الباحث المساعد في مركز "جسور" للدراسات بشير نصر الله، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن النظام "لا يملك الكثير ليقدمه للروس، ما خلا صوته في المحافل الدولية تأييداً لهم". وأضاف نصر الله أن "الروس يستفيدون من صوت النظام للإيحاء أن هناك دولاً في العالم تقف معهم وتؤيدهم، على الرغم من أن هذه الدول لا ثقل لها على الإطلاق". وبيّن أن النظام "ليس لديه إلا تجنيد مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب الروس"، مضيفاً أن "عدداً كبيراً من هؤلاء هم الآن في قاعدة حميميم الروسية، فيما نقلت دفعة بالفعل منذ أيام باتجاه بيلاروسيا".