جدل في المغرب بسبب توسيع الاقتراع الفردي بانتخابات2021

جدل في المغرب بسبب توسيع الاقتراع الفردي بانتخابات2021

12 فبراير 2021
تُجرى الانتخابات صيف السنة الحالية2021 (فيليبس يزيل/فرانس برس)
+ الخط -

أثار توجّه مشاريع قوانين الانتخاب التي أقرها المجلس الوزاري الذي ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس الخميس، نحو توسيع مجال تطبيق نمط الاقتراع الفردي خلال الانتخابات المقررة صيف السنة الحالية، وذلك بالتراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، جدلاً بشأن دوافعه وتأثيراته على الخريطة الانتخابية.

وبدا هذا التوجه مثيراً للجدل لكون مشروع القانون بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، الذي ينتظر عرضه على البرلمان خلال دورة استثنائية يتوقع عقدها في مارس/ آذار المقبل، يقضي بالتراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة، ما يشكل  توسيعاً في مجال تطبيق نمط الاقتراع الفردي، الذي كان المغرب قد سعى في عام 2002  في عهد "حكومة التناوب" بزعامة الراحل عبد الرحمن اليوسفي، إلى التخلص من مساوئه، بالتوجه نحو الاقتراع اللائحي النسبي.

وطفا مطلب العودة إلى النظام الفردي كنمط من الاقتراع بدل اللائحي على السطح بمناسبة تقديم الأحزاب المغربية، سواء الممثلة في البرلمان أو غير الممثلة، في يوليو/ تموز الماضي، لمذكرات تتضمن مجموعة من المقترحات المتعلقة بانتخابات 2021، وذلك في سياق المشاورات السياسية التي جمعت بين الأحزاب المغربية ووزارة الداخلية والتحضير للانتخابات بإدخال تعديلات على  القوانين التي ستؤطرها.

وقلّل الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية" المعارض، محمد نبيل بنعبد الله، من تأثير العودة إلى نظام الاقتراع الفردي على نتائج الانتخابات المقبلة، معتبراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ الأمر يهم 60 جماعة (بلدية) فقط من أصل 1500 جماعة، وأنه كان من الضروري توسيع نطاق الاقتراع الفردي ليشمل المدن التي يصل عدد سكانها إلى 50 ألف نسمة.

ويتفق القيادي في حزب "العدالة والتنمية"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي، عبد العزيز أفتاتي، مع ما ذهب إليه أمين عام "التقدم والاشتراكية" من حيث ضعف تأثير توسيع نظام الاقتراع الفردي ليشمل مدناً جديدة على نتائج الانتخابات، إلا أنه يرى أنه لم يكن هناك من داع لذلك على اعتبار أنّ المنطق هو محاربة الفساد وتسييس الانتخابات والتصويت على مجموعات ولوائح متجانسة.

ورأى أفتاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ اعتماد نظام الاقتراع الفردي "يمنح الفرصة للفساد وإن كان بشكل محدود، كما أنه قد يعطي إشارات على كونه مقتضىً قانونياً ضد محاربته".

وبالنسبة للباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، هشام عميري، فإنّ التراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن التي يقل عدد سكانها عن 50 ألف نسمة عوض 35 ألف نسمة كما كان معمولاً به سابقاً، "سيسهم لا محالة في تراجع بعض الأحزاب، خاصة الأحزاب الصغرى التي لا تتوفر على نسبة مهمة من المتعاطفين والمناضلين داخل تلك الجهات"، معتبراً أنّ النظام الفردي سيفتح الباب أمام عودة الوجوه ذاتها التي تمتلك المال، والتي تقدر على تمويل حملتها الانتخابية في المناطق التي تبلغ أو تفوق ساكنتها أكثر من 50 ألف نسمة.

وأوضح عميري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ تخفيض المشرع من الجماعات المعنية بنظام الاقتراع باللائحة، مقابل الرفع من عدد الجماعات التي ستكون خاضعة لنظام الاقتراع الفردي، سيفتح الباب أمام "السماسرة" وعودة تجار السياسة، لأن النظام الفردي يربط المرشح مع دائرته، في حين كان نمط الاقتراع باللائحة يقطع مع هذا الأسلوب في الاتجار في العملية الانتخابية، خاصة أنّ الجماعات المعنية بهذا النمط ستصبح قليلة عكس ما كان معمولاً به سابقاً.

في المقابل، يرى أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، رشيد لزرق، أنّ التراجع عن نظام الاقتراع باللائحة في المدن التي يقل عدد ساكنتها عن 50 ألف نسمة، "يروم تكريس ديمقراطية القرب لكون تقييم التجربة كشف أن هناك فجوة بين المواطن والمؤسسات، كما لم تمكّن تجربة نظام اللائحة من بروز جيل جديد من المنتخبين، يتداولون على المسؤولية"، لافتاً، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ اعتماد اللائحة "كان كذلك بغاية أن يكون للأحزاب برامج، وهو ما أوضحت التجربة أنه لم يتحقق".

ووفق لزرق، فإنّ تجربة نظام اللائحة "أظهرت عيوباً تتمثل في فجوة بين المؤسسات التمثيلية والمنتخبين، وتسجيل عزوف في المدن"، معتبراً أن اعتماد الاقتراع الفردي "قد يشجع المواطنين على التصويت والمشاركة وكذا على التغيير من خلال بروز قيادات شابة".

وكان المجلس الوزاري، المنعقد، مساء أمس الخميس، بالقصر الملكي بمدينة فاس، برئاسة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، قد أعطى الضوء الأخضر لبداية للتحضير الفعلي للانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية المنتظرة، صيف السنة الحالية، وذلك بالمصادقة على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية ستؤطر العملية الانتخابية. في حين ينتظر عقد دورة استثنائية للبرلمان في مارس/ آذار المقبل للمصادقة على تلك القوانين.

المساهمون