التنسيق الأمني والمدني: سرطان في الضفة الغربية

التنسيق الأمني والمدني: سرطان في الضفة الغربية

03 مارس 2015
التنسيق الأمني أحد أوجه التغلغل الإسرائيلي بالضفة(أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
يتصدر موضوعا قطع التنسيق الأمني ومراجعة العلاقة مع الاحتلال أجندة اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني المقرر عقده غداً الأربعاء وبعد غد الخميس. وفي ظل التصريحات المتتالية للقيادة الفلسطينية بأن الاجتماع سيسفر عن قرارات صعبة وحاسمة، وتحديداً في ما يتعلق بمصير التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، يعرف الفلسطيني الذي سمع ذات التصريحات مراراً وتكراراً أن ليس هناك من جديد قد تقوله أو تفعله القيادة الفلسطينية.
ويرى خبراء وسياسيون أنّ السلطة الفلسطينية من المستحيل أن تقطع التنسيق الأمني وتقوم بمراجعة علاقتها مع الاحتلال بشكل جذري، لارتباطها باتفاقية "أوسلو" التي تعتبر جذر كل ما يحدث حالياً.
ويعتبر هؤلاء أن وقف التنسيق الأمني يتنافى مع الوظيفة البنيوية التي تم تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية على أساسها، وبالتالي كل ما يحدث لن يكون أكثر من تخفيض في عدد اللقاءات الأمنية وذلك تبعاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً.
لكن آخرين يؤكدون أن اجتماع المجلس المركزي هام، لدرجة أن الإدارة الأميركية أوعزت لوزير خارجيتها جون كيري أن يتواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس هاتفياً قبل أيام ليضغط عليه ويطلب منه عدم اتخاذ أي قرارات تنطوي على إلغاء اتفاقيات سياسية أو أمنية أو اقتصادية مع إسرائيل.
ويوضح مصدر في القيادة الفلسطينية، اشترط عدم ذكر اسمه لـ"العربي الجديد"، أن الإدارة الأميركية "تريد الإبقاء على الاتفاقات لأهداف سياسية وقانونية وهي أن تقول للعالم أن كل شيء على ما يرام والأمور تحت السيطرة، في ما يتعلق بالفلسطينيين والإسرائيليين، على الرغم من أنها تعلم أن الواقع عكس ذلك تماماً، إذ يعيش الفلسطينيون تحت صفيح ساخن قابل للانفجار في أي لحظة بسبب انسداد كل الآفاق أمامهم".
وما بين الأوساط التي ترى أن السلطة تستطيع، كما فعلت مرات عدة على عهد عباس، أن تهدد ملوّحة بورقتي "حل السلطة" ووقف التنسيق الأمني، والرأي الآخر الذي يقول إنها لن تفعل ذلك رهبة ورغبة من الولايات المتحدة الأميركية، يبرز رأي آخر يستند على المعطيات الحياتية للواقع الفلسطيني مفاده بأن ورقتي التهديد هاتين لم تعودا فاعلتين أصلاً، إذ باتت حكومة الاحتلال تتعامل مع السلطة كعنوان من ضمن عشرات العناوين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتشير المعطيات الواقعية إلى أن الاحتلال نجح خلال السنوات الماضية بخلق عناوين وقنوات تواصل فلسطينية رسمية وغير رسمية، تستطيع إسرائيل التعامل معها بدلاً من السلطة الفلسطينية، من دون أن تتأثر الحكومة الإسرائيلية سلباً، أو أن يكون هذا التأثير طفيفاً وفي حدوده الدنيا فقط. وبذلك لا يقتصر تهديد "حل السلطة" على الرئيس الفلسطيني بل بات مطلباً لبعض وزراء الاحتلال ومنهم وزير الاستخبارات يوفال شتاينتش، الذي هدد بحل السلطة نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2014 في حال توجهت لمجلس الأمن.

اقرأ أيضاً: عباس يوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل... تحذيرياً

الحاكم العسكري الإسرائيلي

الخطيئة التي ارتكبتها السلطة الفلسطينية تمثلت برضاها أن تقوم بعمل الإدارة المدنية الإسرائيلية وذلك حسب الاتفاقات الموقعة. وعوضاً أن يتوجه الفلسطيني إلى الارتباط الإسرائيلي ليحصل على تصريح سفر أو علاج، كما كان عليه الأمر قبل اتفاقية "أوسلو"، بات يذهب إلى مكاتب وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، والتي ترسل الطلب بدورها إلى الارتباط الإسرائيلي، فيقرر إذا ما كانت المعاملة مقبولة أم مرفوضة، وتقوم الشؤون المدنية الفلسطينية بنقل الجواب إلى المواطن الفلسطيني.
ويعتبر أحد الخبراء في هذا الشأن لـ"العربي الجديد" أن "ما حصل أن الاحتلال خفف الضغط عليه، فبدل أن يعمل لديه 30 ضابطاً إسرائيلياً في تلقي المعاملات الفلسطينية، بات الموظفون الفلسطينيون يتلقونها ويرسلونها إلى الطرف الإسرائيلي، ما يعني أعباء بشرية أقل على الاحتلال، وأكثر على الفلسطينيين". ويوضح أن "الأمر الأهم أن ما تم الاتفاق عليه لم يغير أي شيء من قواعد العمل والمعايير المعمول بها إسرائيلياً".
لكن ما حدث في السنوات السابقة أن هناك ظاهرة فلسطينية تمثلت في تجاوز "البوسطجي"، كما يطلق بعض الفلسطينيين على الشؤون المدنية الفلسطينية، والذهاب مباشرة إلى الإدارة المدنية الإسرائيلية.
التعامل المباشر ما بين الفلسطيني والإدارة المدنية الإسرائيلية قبل "أوسلو" كان دائماً ضد العرف الفلسطيني، وينظر لمن يقوم به بشك وريبة كبيرة، لكن هذا الأمر كان دائماً موجوداً، ولا سيما لدى بعض العائلات الكبيرة وكبار رؤوس الأموال والملاكين، الذين ربطتهم علاقات تتعدى أحياناً علاقة العمل مع الاحتلال.
ويتكرر الأمر اليوم لكن بنسخة بالغة السوء، وبهامش أوسع، إذ بالإمكان العثور على فلسطينيين من جميع الفئات الاجتماعية في مستوطنة "بيت أيل" المقامة على أراضي رام الله، أو في معسكر "جبل منوح" جنوب الخليل، أو قرب معسكرات الاحتلال حيث مكاتب الارتباط الإسرائيلي. وهؤلاء يأتون ليحصلوا على تصاريح تبدأ من العلاج الطبي ولا تنتهي بتسهيلات تجارية للقطاع الخاص.
حالة الفوضى العارمة وصلت الجميع إلى حد ما؛ مؤسسات القطاع الخاص، البنوك، المؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية، لكن كل جهة بمقدار.
يقول أحد كبار رجال الأعمال الفلسطينيين لـ"العربي الجديد" إن "الجميع يريد التصريح من الحاكم العسكري الإسرائيلي، من القيادة الفلسطينية وحتى أبسط مواطن فلسطيني".

الإقبال على مكاتب الإدارة المدنية الإسرائيلية يقابله صمت من الأجهزة الأمنية، التي لا تتخذ أي إجراء لمنع هذ التدحرج نحو الإدارة المدنية الإسرائيلية، على الرغم من التعميم الذي تصدره وزارة الشؤون المدنية مطلع كل عام وترسل نسخاً منه إلى جميع المؤسسات الفلسطينية بضرورة إبقاء التواصل مع الإدارة المدنية مقتصراً عليها أي الشؤون المدنية الفلسطينية، وعدم التواصل المباشر، لكن الطوابير البشرية التي تقف أمام مكاتب الارتباط الإسرائيلي تؤكد أن لا أحد يأخذ هذا التعميم على محمل الجد.
وقد حاولت "العربي الجديد" مراراً التواصل مع مدير التنسيق في الضفة الغربية وقطاع غزة في وزارة الشؤون المدنية، أيمن قنديل، لاستيضاح بعض النقاط منه والوقوف على رأي الوزارة في هذا الأمر، لكنه رفض.
وحسب مسؤول فلسطيني، اشترط عدم ذكر اسمه، فإن نحو 170 ألف فلسطيني يحصلون سنوياً على تصاريح علاج وعمل ومعاملات تقتضي موافقة الاحتلال.
ويلفت المصدر إلى أن التواصل المباشر ما بين الفلسطيني والإدارة المدنية الإسرائيلية "يترتب عليه الكثير من المخاطر أبرزها أولاً كسرالحاجز النفسي مع العدو، والتعامل معه كميسِّر لخدمة. ثانياً إيجاد قنوات وعناوين بديلة عن السلطة الفلسطينية ما يعني زعزعة سيادتها ومركزيتها، وثالثاً تقديم معلومات للاحتلال من مصادر مختلفة ومتنوعة وبشكل طوعي وغير مقصود غالباً".
ويقول المصدر لـ"العربي الجديد" إن "كل مواطن أو فلسطيني يذهب إلى هناك على الأقل يحتاج إلى نصف ساعة إلى 45 دقيقة ليحصل على رد على معاملته، في هذه الأثناء يدور حديث ودي يديره ضابط لطيف حول الأولاد ومتاعب الحياة وغلاء المعيشة". ويؤكد أن "وقف التنسيق المدني المباشر سيكون أكثر ضرراً على إسرائيل من وقف التنسيق الأمني، فإسرائيل تحصل على 10 في المائة من معلوماتها عبر التنسيق الأمني، لكنها تحصل على 90 في المائة منها عبر التنسيق المدني المباشر".
وحول سبب عدم منع أمن السلطة لهذا التواصل المباشر، يقول المصدر إن "هناك سببين؛ الأول هناك تضارب مصالح بين قيادات السلطة التي تحرص على امتلاك بطاقة "شخصية مهمة"، وبالتالي لا تستطيع أن تصرح للفلسطينيين بعدم الذهاب إلى الإدارة المدنية الإسرائيلية للحصول على امتيازات مشابهة".
وسبق وعاقب الاحتلال مسؤولين فلسطينيين مثل جبريل الرجوب، ونبيل شعث وهما عضوا لجنة مركزية في حركة "فتح"، والمتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية عدنان الضميري بسحب بطاقة "رجل مهم" منهم، وذلك رداً على تصريحاتهم التي اعتبرها الاحتلال تحريضية.
والتواصل مع ضباط الإدارة المدنية الإسرائيلية المختصين بهدف الحصول على تصريح، أمر يكاد لا يقتصر على فئة محددة. على سبيل المثال الضابطة المكلف بملف الصحة في الإدارة المدنية لديها من العلاقات سواء في المؤسسات الرسمية وغير الرسمية الفلسطينية ما يذهل أي مسؤول فلسطيني، إذ إن الجميع يتصل بها لتسهيل نقل الحالات المرضية الخطيرة إلى المستشفيات الإسرائيلية.

ولا تخلو مؤسسة فلسطينية من شخص لديه "مفتاح" أي رقم للتواصل مع الشخص المسؤول في الإدارة المدنية الإسرائيلية عن التصاريح. فهناك تخصصات سواء في الاقتصاد، التعليم الصحة، الأراضي، المجالس البلدية ...إلخ. والبعض يفضل عن سبق إصرار القفز عن الشؤون المدنية الفلسطينية، والقفز أيضاً عن العلاقة الرسمية.
ويقول أحد رجال الأعمال في نابلس لـ"العربي الجديد" إنه "قبل أشهر توفي والد ضابط في الإدارة المدنية الإسرائيلية، فما كان من بعض رجال الأعمال إلا أن ذهبوا إلى تل أبيب وتقديم العزاء فيه".
المفارقة أيضاً، التي يرويها أحد كبار تجار رام الله، هو ذهاب وفد رجال الأعمال الصيف الماضي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، وتقديم "درع" للضابط لشكره على خدماته وتفانيه في عمله.
وأمام الاستغراب من هذا الفعل، يوضح رجل الأعمال نفسه أن "هناك برتوكول تقوم به الشؤون المدنية الفلسطينية يقضي بذهاب وفد من رجال الأعمال للترحيب بضابط الإدارة المدنية الإسرائيلي عندما يستلم عمله، ووفد آخر لوداعه عندما تنتهي فترة عمله".
وما كانت تقوم به الشؤون المدنية الفلسطينية على نطاق "برتوكول ترحيبي" بات بعض رجال الأعمال يبدعون فيه عبر زيارات ضباط الإدارة المدنية وقبول دعواتهم في أعياد الميلاد والأعراس والمناسبات المختلفة.

عناوين متعددة... للتنسيق الأمني
لكن تعدد العناوين وتشتتها فلسطينياً وصل إلى المؤسسة الأمنية أيضاً. ويؤكد واحد من أقدم ضباط الأمن الفلسطيني لـ"العربي الجديد" أن "الترهل وتعدد عناوين وقنوات الاتصال طال المؤسسة الأمنية الفلسطينية، فبعد أن كان محظوراً التعامل مع الإسرائيليين إلا عبر ضابط فلسطيني واحد، باتت هناك اتصالات على مستويات مختلفة بين الضباط الإسرائيليين والفلسطينيين، وكل في منطقته".
ويعرف هذا الضابط التنسيق الأمني قائلاً إنه "كل الجهود التي يقوم بها الأمن لحماية جنود ومستوطني الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وإحباط كل محاولة لمهاجمتهم في إسرائيل، وذلك وفقاً للاتفاقية بين الطرفين التي تؤكد على الإسرائيليين باحترام مناطق السيادة الفلسطينية "أ" وعدم القيام باعتقالات واغتيالات داخلها".
ويضيف "لقد تخلى الإسرائيليون عن الاتفاق عام 2002 عندما داست دباباتهم كل شبر تسيطر عليه أراضي السلطة وقتلت المئات وما زالت، لكن السلطة لم تتوقف عن الجزء المتعلق فيها".
ويؤكد أن "وقف التنسيق الأمني مستحيل حالياً، إذ تعددت عناوين التواصل الأمنية، فضلاً عن أن شبكة الاتصالات التي جاءت بقرار من الجنرال الأميركي (كيث) دايتون، تلزم بوجود شبكة معلومات مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين.
ويرى محلل فلسطيني أن "الخرق اتسع على الراقع"، أي لا سبيل لأي إصلاح في الوقت الراهن".
من جهتها، تؤكد القيادية في الجبهة الشعبية خالدة جرار "أن المجلس المركزي لن يقرر قطع التنسيق الأمني، لأن هذا ضد ما قامت عليه اتفاقية "أوسلو".
وحول وجود أكثر من عنوان فلسطيني للتعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية، تقول جرار في حديث لـ"العربي الجديد" "نحن بحاجة إلى قرار سياسي ملزم بعدم التواصل مع الاحتلال، حينها سيتم نبذ كل من يخرج عن القرار".

انقسام القطاع الخاص الفلسطيني
أحدث ردّات الفعل حول العلاقة مع الإدارة المدنية الإسرائيلية هو ما تسببت به زيارة نحو 120 رجل أعمال فلسطينياً من القطاع الخاص إلى ميناء اسدود في فلسطين المحتلة عام 1948. الدعوة التي نظمها اتحاد المستوردين الفلسطينيين، بدعوة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو أس إيد"، تسببت بردات فعل غاضبة لكن هادئة على المستوى الرسمي، إذ لم تصل إلى حدٍ إصدار بيان من أي جهة رسمية يدين قيام الاتحاد بترتيب دعوة للقطاع الخاص من دون تنسيق مع وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية.
تناقل صور المشتركين الذين حرص موقع الجيش الإسرائيلي على نشرها، أدى إلى نوبة غضب سرعان ما انطفأت من قبل رواد صفحات التواصل الاجتماعي.
لكن التناقض والترهل في التعامل مع هذه الدعوة كان جلياً، ليس فقط على مستوى القطاع الخاص بل على المستوى الرسمي.
على سبيل المثال، قامت وزارة الشؤون المدنية بمنع القطاع الخاص في الخليل من المشاركة، لكن الأمر لم يحدث في نابلس ورام الله، حسب ما صرح به أحد كبار رجال الأعمال لـ"العربي الجديد". ويصف نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية الفلسطينية خليل رزق لـ"العربي الجديد" زيارة اسدود وغيرها ممّا يقوم بتنظيمها بعض جميعات القطاع الخاص بالأمر المعيب". ويضيف رزق "ندعو لعدم الالتزام بأي نشاط اقتصادي على شاكلة هذه الزيارة إلا عبر الشؤون المدنية الفلسطينية".
ويناشد رزق "المسؤولين للحد من هذه الظاهرة، لأن وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية تقوم بدورها بشكل كامل، ولا حاجة للتعامل مع الإدارة المدنية الإسرائيلية بشكل مباشر"، مضيفاً "أتمنى أن تكون هناك إجراءات صارمة". لكن رزق يستدرك بالقول "توجهت لكل المسؤولين ولم يقم أحد بدوره، الجهة الوحيدة التي تفاعلت معنا هي الشؤون المدنية الفلسطينية". وحول دور الأجهزة الأمنية مما يجري، يقول رزق "ليس من الضروري أن أتوجه للأمن، هم من يجب أن يقوموا بذلك".
ويضيف "القطاع الخاص ليس غارقاً مع الإدارة المدنية الإسرائيلية، وأصواتنا هي ضد..". الحديث هنا مع "العربي الجديد" هو "بمثابة بيان، نحن لسنا مع لقاء أسدود لأنه لم يتم التنسيق له عبر المؤسسة الفلسطينية الرسمية".
وحسب رزق، فقد قامت الشؤون المدنية الفلسطينية بالتعميم عبر مكاتب الشؤون المدنية واتصلوا بالغرف التجارية ودعوها لعدم الذهاب، وهذا ما حصل مع القطاع الخاص في الخليل، حسب ما أكد رئيس غرفة تجارة الخليل محمد حرباوي أيضاً لـ"العربي الجديد". لكن العكس تماماً حصل مع الغرفة التجارية في نابلس، إذ أكد نائب رئيس الغرفة التجارية عمر هاشم لـ"العربي الجديد" أن "الشؤون المدنية الفلسطينية أبلغتهم بأسماء التجار الذين حصلوا على تصاريح للمشاركة في اجتماع أسدود قبل أسبوعين".
ويرفض هاشم تعامل رجال الأعمال المباشر مع الإدارة المدنية الإسرائيلية، ويقول إن "هناك شركات كبرى فلسطينية تفضل الذهاب مباشرة إلى الإدارة المدنية الإسرائيلية، والأخيرة قامت بإعطائهم حصصهم من التصاريح وبطاقة "رجل أعمال" من دون أن يمروا على الغرف التجارية والشؤون المدنية الفلسطينية". ويؤكد أن "هذا يعكس حالة من الفوضى والتسلط، فالإسرائيليين يحاولون أن يهزوا مركز السلطة عبر التعامل معهم مباشرة وليس عبر الشؤون المدنية الفلسطينية".
ويرد رئيس اتحاد المستوردين الفلسطينيين، محمود أبو عين، على ما سبق قائلاً "إنه لا يوجد قرار سياسي يمنع رجل الأعمال من التوجه مباشرة إلى الإدارة المدنية الإسرائيلية والحصول على تصريح، ولا يوجد قرار أيضاً بمنع العلاقات الاقتصادية المباشرة مع إسرائيل، فليصدر مثل هذ القرار ونحن جاهزون لإطاعته".

ويلفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "هناك حاجة أساسية لربط علاقة ما بين صاحب القرار في الميناء الإسرائيلي والقطاع الخاص الفلسطيني، لأنها منطقة عسكرية مغلقة على الفلسطينيين كما يعرف الجميع".
التناقض في القطاع الخاص لم يقف إلى هنا، بل إن هناك غرفاً تجارية لم توقع على وثيقة "نبذ الإرهاب" التي تشترطها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فيما وقعت غرف أخرى مثل الخليل.
وهناك نفوذ متزايد للوكالة الأميركية في القطاع الخاص الفلسطيني. وسبق أن قامت الوكالة الأسبوع الماضي بعمل اجتماع لأعضاء الغرفة التجارية الأميركية الفلسطينية، وأبلغتهم أنها بصدد قطع تمويلها عن مشاريع السلطة، بهدف نقل هذه الرسائل عبر أعضاء الغرفة إلى القيادة الفلسطينية وإحداث ضغط عليها، حسب ما يؤكد أحد رجال الأعمال الفلسطينيين الأميركيين لـ"العربي الجديد".

اقرأ أيضاً: استعدادات إسرائيلية تحسباً لحرب جديدة

دلالات

المساهمون