واشنطن تضغط لتوسيع مهام "اليونيفيل" في جنوب لبنان

واشنطن تضغط لتوسيع مهام "اليونيفيل" في جنوب لبنان

30 اغسطس 2018
خلاف أميركي - فرنسي حول مهمة اليونيفيل(دومينيك روتر/فرانس برس)
+ الخط -
يعقد مجلس الأمن الدولي اليوم جلسة مشاورات لمناقشة مسودة مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل"، لكنها على خلاف المرات السابقة التي كانت تشهد تمديداً من دون أي عقبات، من المتوقع أن تشهد خلافاً أميركياً – فرنسياً.

وكانت الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل طلبتا قبل أشهر طويلة تعديل مهام القوة، التي تقتصر اليوم على الحدود الجنوبية، الفاصلة بين لبنان والأراضي المحتلة، لتشمل الحدود الشرقية والشمالية، والمعابر البرّية والبحرية والجوية.

وشهدت جلسة التمديد السابقة أجواء متشنجة، إذ طالبت المندوبة الأميركية نيكي هيلي بتوسيع مهام القوة الدولية، متهمة إياها بالتقاعس عن منع ما وصفته بـ"الأنشطة غير الشرعية والإرهابية" لـ"حزب الله" في جنوب لبنان.

وكشفت تقارير إعلامية أن جلسة اليوم لمجلس الأمن قد لا تخرج بموقف، ما قد يستدعي اجتماعاً آخر، علماً أن جلسة تمهيدية عُقدت عبر اجتماع مصغّر الخميس الماضي، ومن المفترض أن تكون الجلسة النهائية لبتّ التمديد في 30 أغسطس/آب الحالي.

ويريد الجانب الأميركي وضع مهمة "اليونيفيل" تحت الفصل السابع وتوسيعها، بحيث تشمل صلاحياتها أيضاً ضبط الحدود البرية والبحرية والجوية ومراقبتها، لمنع تسلل المسلحين وتهريب السلاح، في إشارة ضمنية إلى "حزب الله" الموجود في سورية منذ العام 2013.

من جهتها، تصر فرنسا على تجديد ولاية القوة الدولية من دون تعديل في المهمة الموكولة إليها، وهو ما يريده لبنان الرسمي أيضاً، وأكّده مراراً رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.

ويبدو أن الموقف الفرنسي مدعوم بقوة من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً أن وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا كانت زارت لبنان بداية الشهر الحالي، بالتزامن مع تولي مواطنها ستيفانو ديل كول مهمة قيادة الـ"يونيفيل" خلفاً للجنرال الأيرلندي مايكل بيري، كما أن الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيريني أكدت في رسالة بعثتها سابقاً إلى وزير الخارجية اللبناني "أهمية الدور الذي تضطلع به قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في الحفاظ على الاستقرار في مناطق الجنوب اللبناني".

وعلمت "العربي الجديد" أن نيويورك شهدت حراكاً ديبلوماسياً لبنانياً عبر السفيرة أمل مدللي، في محاولة لإقناع الدول الأعضاء بالتمديد للقوة الدولية، من دون إدخال تعديلات على مهمتها، وتأكيد التزام لبنان بالقرار الدولي 1701، ودعوة إسرائيل إلى وقف خروقاتها.

وكان عون وباسيل، إضافة إلى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أكدوا مراراً خلال الأسابيع الماضية، وفي لقاءات عدة جمعتهم بمسؤولين في "اليونيفيل" أو بمسؤولين دوليين، الموقف اللبناني، ودعم القوة الدولية، والتزام لبنان بالقرار الدولي، وتطلعه إلى التمديد للقوة الأممية دون أي تعديلات.

من جهتها، تتهم إسرائيل، كما الولايات المتحدة، القوة الدولية بالتقصير. وكان قائد القوة الجديد، ديل كول، زار إسرائيل قبل أيام، والتقى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، الذي دعا الـ"يونيفيل" إلى فرض سلطتها على أنشطة "حزب الله" في جنوب لبنان.

وأنشئت قوات الـ"يونيفيل" وفقًا لقرارات الأمم المتحدة المتعاقبة لتأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وفرض السلام والأمن، ومساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها الفعلية في المنطقة، كما أوكلت إليها بعد حرب تموز/يوليو 2006 رصد وقف الأعمال العدائية، ومرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جميع أنحاء الجنوب اللبناني، كما تنفيذ القرار 1701 الداعي إلى إنشاء منطقة من الخط الأزرق الحدودي إلى نهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة.

من جهته، أكد "حزب الله" مراراً، على لسان أكثر من قيادي، رفض أي تعديل على مهام القوة الدولية، بوصفها رسالة تستهدفه. في المقابل، برز خلال الأسابيع الماضية وقوع صدام بين دورية من "اليونيفيل" وبين أهالي بلدة مجدل زون في قضاء صور، ما عُدّ أنه رسالة من الحزب إلى المجتمع الدولي.

وقد طرح موضوع توسيع مهام "اليونيفيل" مراراً منذ بدء الأزمة في سورية، وخصوصاً في العام 2013 عندما تدخل "حزب الله" في هذه الحرب، منتقلاً إلى القتال في الداخلي السوري. وطلبت قوى "14 آذار" مراراً توسيع مهام "القوة الدولية"، في مسعى لحماية حدود لبنان، ومنع تسلل بعض العناصر الإرهابية، كما وقف تسلل "حزب الله" إلى سورية.

وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن أحداً في لبنان ليس على استعداد اليوم للدخول في مواجهة مع "حزب الله"، ورفع هذا الشعار، خصوصاً الحريري، الذي يسعى إلى تأليف حكومته الجديدة، وخصوصاً أيضاً بما أن الطلب اليوم ترفعه إلى جانب الولايات المتحدة، إسرائيل.

وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع التطورات في سورية على أكثر من صعيد، خصوصاً عودة النظام السوري إلى الجنوب، وانتشار القوات الروسية على حدود الجولان، ثم عودة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك "أندوف" إلى المنطقة، وتراجع إيران والمليشيات الإيرانية عن حدود الجولان بطلب روسي، نسق مع الحكومة الإسرائيلي. كما أنها تأتي بالتزامن مع المطالب الأميركية الداعية إلى انسحاب إيران والمليشيات التابعة لها، وخصوصاً "حزب الله"، من سورية كلياً، وتهديدات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون لإيران على خلفية ملفها النووي ودورها في المنطقة.


وتربط المصادر بين الدعوة إلى توسيع مهام "اليونيفيل" والتطورات في المنطقة عموماً، وسورية خصوصاً، مشيرة إلى أن قواعد فضّ الاشتبالك التي أفضت إلى إقرار الـ1701، تزعزعت مع ما حصل في سورية في السنوات الأخيرة، وبالتالي بات هذا القرار بالنسبة لإسرائيل وكذلك الولايات المتحدة، لا يخدم المرحلة الحالية، التي شهدت توسعاً للنفوذ الإيراني، ونفوذ "حزب الله"، لافتة أيضاً إلى أن أي مفاوضات مع روسيا بشأن انسحاب إيران و"حزب الله" لا يمكن أن يتحقق إن كانت العودة إلى لبنان سهلة، ومن دون ضوابط، ومخلّة بما أرسي بعد حرب تموز.