انتخابات الرئاسة الأوكرانية: رهانات روسية على خسارة بوروشنكو

انتخابات الرئاسة الأوكرانية: رهانات روسية على خسارة بوروشنكو

31 مارس 2019
عانت روسيا مع بوروشنكو (يوري دياشيشين/فرانس برس)
+ الخط -
يتوجه الناخبون في أوكرانيا، اليوم الأحد، إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية تتجاوز نطاق الأحداث المحلية، كونها ستحدد ملامح السياسة الخارجية الأوكرانية للسنوات المقبلة وطبيعة علاقة كييف مع كل من موسكو والغرب، في ظل أكبر أزمة بين روسيا وأوكرانيا منذ تفكك الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة.

وفي الوقت الذي تتابع فيه موسكو الرئاسيات الأوكرانية عن كثب، آملة في تراجع وتيرة تقارب جارتها مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، تظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة على التأهل لجولة الإعادة باتت محصورة في ثلاثة مرشحين فقط، وهم الرئيس الحالي، بترو بوروشنكو، وزعيمة حزب "باتكيفشينا" (الوطن)، رئيسة الوزراء السابقة، يوليا تيموشنكو، والممثل، فولوديمير زيلينسكي، بطل المسلسل السياسي الساخر "خادم الشعب".

في موسكو، اعتبر مدير "مركز بحوث المجتمع ما بعد الصناعية"، فلاديسلاف إنوزيمتسيف، أن "أكبر رهانات الكرملين في الرئاسيات الأوكرانية، هو خسارة بوروشنكو وفوز مرشح قابل للتفاهم مع موسكو". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الكرملين ليس معنياً بفوز أي مرشح، بقدر رهانه على خسارة بوروشنكو الذي أظهر نفسه كخصم حازم، وألحق عدداً من الضربات الأليمة بالمصالح الروسية، بدءاً من الترويج لفرض عقوبات على روسيا، وصولاً إلى إخراج الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية من تحت إدارة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية".

وحول الشخصية الأنسب في عيون الكرملين بين المرشحين الثلاثة الأوفر حظاً، قال إنوزيمتسيف: "لا شك أن تيموشنكو هي المرشحة الأكثر قابلية للاتفاق مع موسكو، كونها مهندسة صفقة الغاز مع روسيا عام 2009، كما أنها لم تصوت في الرادا العليا (البرلمان الأوكراني) لصالح إنهاء اتفاقية الصداقة مع روسيا، ولا لدعم توجه البلاد نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والأطلسي، وهي بذلك النظيرة الأنسب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين".

ومع ذلك أوضح أن "فوز تيموشنكو لن يعني تحول أوكرانيا نحو التقارب مع موسكو، وإنما إبطاء توجهها غرباً، واستعادة الكرملين قنوات النفوذ المفقودة، وتخفيف التوتر، وتسليم منطقة دونباس (تضمّ إقليمي دونيتسك ولوغانسك) الموالية لروسيا والواقعة شرق أوكرانيا إلى كييف، مقابل تثبيت ضم شبه جزيرة القرم لروسيا عام 2014".
أما ردود الأفعال المتوقعة من موسكو في حال إعادة انتخاب خصمها بوروشنكو، فلخصها إنوزيمتسيف قائلاً: "على الأرجح، سيستمر تشديد اللهجة المعادية لأوكرانيا وإدارة مناطق دونباس من الخارج، كما ستستكمل روسيا بناء خطوط أنابيب الغاز للالتفاف على أوكرانيا وستوقف ترانزيت الغاز عبر أراضيها، وستقلل من حجم التجارة البينية".

وعلى الرغم من خوض 39 مرشحاً سباق الانتخابات الأوكرانية، إلا أن كافة استطلاعات الرأي التي أجريت عشية الاستحقاق، تظهر تقدم زيلينسكي، ويليه كل من بوروشنكو وتيموشنكو، من دون أن يقترب أي منهم من عتبة الـ50 في المائة اللازمة للفوز من الجولة الأولى.

إلا أن الباحث الأكاديمي الأوكراني، إيغور سيميفولوس، اعتبر أن "تقدم زيلينسكي لا يعني تأهله لجولة الإعادة تلقائياً، نظراً لتوزع مؤيديه على الفئات الأقل مشاركة في الحياة السياسية، على عكس النواة الصلبة لأنصار بوروشنكو وتيموشنكو". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك ثلاثة مرشحين يتقدمون على غيرهم ويحظون بفرص متكافئة للتأهل للجولة الثانية. وعلى عكس القاعدة الثابتة لناخبي بوروشنكو وتيموشنكو، فإن مؤيدي زيلينسكي ينتمون إلى بضع فئات، وهي شريحة (ضد الجميع)، الذين يشعرون بالإحباط من أداء السلطات الحالية، فضلاً عن الناخبين الموالين لروسيا، والشباب، والمعجبين بأدائه كممثل، وهي الفئات الأقل مشاركة في التصويت".

وحول السياسات المتوقعة في حال فوز أي من المرشحين الثلاثة، رأى سيميفولوس أنه "في حال فوز بوروشنكو، سيستمر التوجه نحو التكامل مع الاتحاد الأوروبي والأطلسي، بينما ستنتهج تيموشنكو سياسات مغامرة على غرار أسلوبها أثناء توليها رئاسة الحكومة حين كانت تقود البلاد من أزمة إلى أخرى. أما زيلينسكي، فهو بمثاية الصندوق الأسود، وليس هناك أي وضوح بشأن سياساته".

وحول رؤيته لخيارات بناء العلاقات مع روسيا والتعامل مع ملفي القرم ودونباس بعد الانتخابات، قال سيميفولوس إنه "انطلاقاً من مبادئ ثورة التحرير الوطني، تجب مواصلة عملية الخروج من الإمبراطورية الروسية استكمالاً للسياسات المتبعة في السنوات الماضية، والعمل على استعادة السيطرة على القرم ودونباس. هناك خياران للمضي قدماً على هذا الطريق: إما تعزيز الجيش والعمل على تشديد العقوبات وزيادة الضغط على روسيا من أجل إضعافها، أو الدخول في المفاوضات معها، وهو خيار رفضه بوروشنكو".

ومع ذلك، أقرّ سيميفولوس بأن "المفاوضات غير واردة في الظروف الجيوسياسية الحالية"، قائلاً إن "الوضع الراهن بمثابة صراع وجودي بين موسكو وكييف. ففي حال إضعاف أوكرانيا، فإنها قد تقبل بنوع من التسوية بشروط روسية، بينما قد تخضع موسكو لضغوط دولية في حال تغيرت ظروفها السياسية أو بالأحرى، في حال سقط بوتين". وتعدّ انتخابات اليوم، ثاني استحقاق رئاسي في أوكرانيا بعد الإطاحة بالرئيس الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش، قبل خمس سنوات، بعد الانتخابات الأولى عام 2014، التي أسفرت عن فوز بوروشنكو من الجولة الأولى.

المساهمون