العراق: مواجهة مرتقبة عنوانها تعديل الدستور

العراق: مواجهة مرتقبة عنوانها تعديل الدستور

11 فبراير 2015
تعتبر مكونات عراقية أن الدستور لا يراعي حقوقها(فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أنّ البرلمان العراقي قد باشر باتخاذ خطوات لتشكيل لجنة نيابيّة دائمة، مهمتها، وفق ما يكشفه مقرّر البرلمان نيازي أوغلو لـ "العربي الجديد"، تعديل الدستور العراقي، وفقاً لبنود وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكّلت على أساسها الحكومة العراقية برئاسة رئيس الحكومة حيدر العبادي، وبتوافق وقبول جميع الكتل السياسية.

وكان الدستور العراقي النافذ قد كتب تحت حراب البنادق الأميركيّة وعلى عجل، من قبل لجنة ضمّت شخصيّات دينيّة وأخرى قوميّة، رشّحها الأميركيون لهذا الغرض. ولا يزال الدستور سبباً لمعظم مشاكل البلاد الحالية، وهو موضوع منذ ولادته في قفص الاتهام، بعد غياب المكونات السنيّة والمسيحيّة والتركمان وأقليات أخرى، كانت ترزح تحت كم هائل من المشاكل، عن المشاركة في الاستفتاء عليه، لناحية رفضه أو قبوله.

ويحاول العبادي الذي يواجه مشاكل عدّة في سلّة واحدة، فكّ العُقد وفق المقولة العراقيّة الشعبيّة "مأتم واحد والموتى كثر". ولعلّ خطوته لحلّ عقدة الخلاف السياسي حول الدستور الأكثر جرأة حتى الآن، إذ تطالب مكوّنات سنيّة وقوى وطنيّة وعلمانيّة ومسيحيّة بتغيير فقرات وبنود بأكملها من الدستور. ويعتقدون أنّها ترسّخ التقسيم الطائفي، وفيها غبّ لحقوق شرائح عراقيّة مختلفة، فضلاً عن امتهانها للمرأة، واحتمال بعض الفقرات أكثر من تفسير، استخدمها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، في السنوات الماضية، بشكل سيئ وبدوافع طائفيّة، وفقاً لسياسيين وقوى عراقية مختلفة.

وتضمّ اللجنة النيابيّة المكلفة تعديل الدستور، وفق ما يقوله أوغلو لـ "العربي الجديد"، "18 إلى 20 عضواً، يمثلون جميع الكتل السياسيّة والطوائف الدينيّة والقوميّة العراقيّة، الممثلة في البرلمان، ويترأسها رئيس البرلمان سليم الجبوري، على أن تبدأ بمراجعة شاملة للدستور، ومناقشة القضايا الخلافيّة فيه". ومن المقرر أن تطرح اللجنة، وفق المصدر ذاته، "التعديلات التوافقية الجديدة على البرلمان لإقرارها، قبل الانتقال إلى الشارع لإجراء استفتاء شعبي حولها، بحسب ما جرى الاتفاق عليه أيضاً".

وفي سياق متّصل، يشدد عضو جبهة "الحراك الشعبي العراقي"، محمد الدليمي لـ "العربي الجديد"، على أنّ "التعديلات الجديدة لن تكون موجّهة ضدّ أحد، بل تنصف شرائح كثيرة في الشارع العراقي، لم تشارك في كتابة الدستور ولم يُسمح لها أصلاً بالتصويت عليه، إذ كانت البلاد في ظلّ احتلال ومعارك مستمرة".

ويرى الدليمي أنّ "فقرات الدستور كانت، ولا تزال سبباً لمشاكل العراق، وينبغي أن يكون هناك دستور لكل العراقيين، وأن يتجاوز في فقراته الكثير من الإشكاليات التي حولت الشعب إلى أصناف مواطنين درجة أولى وآخرين درجة ثانية وثالثة وهكذا".

ومن المقرّر أن يصار إلى تعديل الدستور، بحسب ما أعلنته اللجنة القانونيّة في البرلمان العراقي، وفق "قانون يصوّت عليه مجلس النواب بعد أن تقدّم اللجنة النيابية التعديلات المقترحة على فقرات الدستور". وفي هذا الصدد، تعتبر عضو اللجنة، النائب ابتسام الهلالي، أنّ "تعديل الدستور مهم جداً لجميع الكتل السياسية، لأن هناك فقرات كُتبت عام 2005 لا تنسجم مع الوضع الحالي"، لافتة إلى أنّ "هذا التعديل سيكون عبر مشروع قانون يتسلمه مجلس النواب من اللجنة النيابيّة، ويُطرح على جلسات المجلس للتصويت عليه، ثم يجرى استفتاء شعبي بغرض قبوله أو رفضه".

ومن حقّ الحكومة، وفق ما توضحه الهلالي في تصريحات صحافيّة، "ارسال اقتراحاتها لتعديل الدستور، لكن القرار الأخير يبقى لمجلس النواب بشأن التعديل"، مشيرة إلى أنّ "جلسات البرلمان خلال الأسبوع الحالي ستشهد تصويت المجلس على تشكيل هذه اللجنة، على أن يستمرّ عملها حتّى نهاية الدورة النيابية الحالية، وجمع مقترحات وآراء الكتل السياسية حول المواد الدستوريّة المراد تعديلها وتقديمها إلى رئاسة المجلس، على شكل مشروع قانون يُقرأ كقراءة أولى وثانية ويُصوّت عليه".

في موازاة ذلك، يتوقّع الخبير في الشأن العراقي وأستاذ جامعة الأنبار، الدكتور وليد أحمد، "معركة سياسية جديدة لن تقلّ ضراوة عن معركة العراق العسكريّة مع تنظيم "داعش".  ويُعرب عن اعتقاده بأنّ "الدستور كُتب على ما يشتهي قادة الكتل السياسية التي جاءت مع الاحتلال، وهو يضمن لهم بقاء السلطة قريبة منهم، إن لم تكن تحت أيديهم، كما يضمن تفاصيل طائفيّة تُبقي على التصنيف المذهبي وتغلب على الطابع الوطني وهو ما يناسبهم فعلاً".

ويرجّح "وجود معوقات ومشاكل كبيرة، قد تصل إلى حدّ تدمير المشروع بالكامل، في حال المساس بفقرات تتعلّق بنوعيّة الحكم وتبادل السلطات والانتخابات والتعداد المذهبي، انتهاءً بعبارة مقدمة الدستور التي تجنّبت ذكر هوية العراق العربيّة".

المساهمون