لجنة طبيّة دوليّة تبدأ التحقيق بمقتل "طفلي النكبة"

لجنة طبيّة دوليّة تبدأ التحقيق بمقتل "طفلي النكبة"

09 يونيو 2014
توقعات بتشريح جثة الطفل نديم نوارة (باتريك باز/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

تصل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، اليوم الاثنين، لجنة طبية دولية، للتحقيق في ظروف مقتل الفتيين نديم نوارة (17 عاماً) ومحمد الظاهر (16 عاماً) من محافظة رام الله، على يد قوات الاحتلال، وسط توقعات كبيرة بأن يتم تشريح جثمان نوارة، بعدما أعطت عائلته تفويضاً لـ"مؤسسة الحق" الفلسطينية بالبدء بالتحقيق الذي يُتوقع أن يترتب عليه تشريح الجثة.

وأكد رئيس "مؤسسة الحق"، شعوان جبارين، لـ"العربي الجديد"، أن طبيبين دوليين مختصين بالتشريح، الأول من الدنمارك، والآخر من الولايات المتحدة، سينضم إليهما أطباء فلسطينيون للتحقيق في جريمة قتل نوارة.

ولن يكون سهلاً الشروع بالتحقيق في ظروف مقتل "طفلي النكبة"، وهو الإسم الذي أطلقه الفلسطينيون على الطفلين، اللذين قُتلا يوم 15 مايو/ أيار الماضي، في ذكرى إحياء يوم النكبة الفلسطيني، إذ طالما نجا الاحتلال من تبعات جرائم قتل الآلاف من الفلسطينيين العُزّل.

في المقابل، لم يعتد الفلسطينيون على عبارة "تشريح جثة الشهداء". لكن إدانة دولة الاحتلال بقتل المواطنين العزل أمام الهيئات الدولية، يتطلب المرور بمسارات إجبارية مؤلمة تُشرّح فيها الجثة.

وأعطى صيام نوارة، والد نديم، موافقة العائلة على إخراج جثمان ابنه من القبر، وتشريحه. ويقول الوالد، لـ"العربي الجديد"، "ابني لن يعود بعد التحقيق في مقتله، لكن إخراج جثمانه من القبر سيحرج حكومة الاحتلال، وسيحد من قتل المزيد من الأطفال".

بعد خمسة أيام على مقتل ابنه، فتحت عائلة نوارة الحقيبة المدرسية التي كان يحملها الطفل الشهيد، حين شارك في المواجهات التي اندلعت أمام حاجز عوفر قرب رام الله، لتجد الرصاصة القاتلة بين كتبه المدرسية.

رفض الأب تسليم الرصاصة للشرطة الفلسطينية، التي فتحت تحقيقاً في الجريمة، وما زال يصر على أنه لن يسلّم دليل إدانة قاتل ابنه، إلا بحضور رسمي ودولي كبير، يضمن له أن حق ابنه لن يضيع.

أما عائلة الطفل ظاهر، فلا تزال ترفض، حتى اللحظة، تشريح جثمان ابنها، لكنها ستجتمع مع لجنة الأطباء الدولية، للوقوف على ملابسات قتله. وتعتمد مؤسسة "الحق"، التي تقود جهود التحقيق في مقتل الفتييْن، بالشراكة مع "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال"، وبعض المؤسسات الحقوقية الدولية ومؤسسة "بتسيلم"، على وجود العديد من الأدلة، التي تبدأ بشريط الفيديو كانت بثته الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، وهو مأخوذ من كاميرا تعود لمتجر يقع قرب المكان الذي قتل فيه جنود الاحتلال نوارة وظاهر، حيث يبدو في شريط الفيديو أن الطفلين لم يكونا يشكلان أدنى خطر على قاتلهما، إضافة لشريط آخر بثته قناة "سي إن إن" الأميركية، تؤكد الحقيقة نفسها.

وتسعى مؤسسة "الحق" لإحضار خبير أسلحة، ليكون حاضراً مع الأطباء وقت التشريح المتوقع لجثمان نوارة. ومن المتوقع أن يبقى مختصو التشريح الدوليين في الضفة الغربية في الفترة ما بين 9 إلى 11 يونيو/ حزيران الحالي.

وتطلب عائلة نوارة أن تكون لجنة التحقيق ثلاثية الأطراف، أي أن تضم أطباء تشريح دوليين وفلسطينيين وإسرائيليين، حتى لا تضرب حكومة الاحتلال بمصداقية التقرير الطبي الذي سيخرج به الأطباء.

وتعددت الروايات الإسرائيلية للتهرّب من مسؤولية قتل الطفلين، ففي حين بدأ الجيش بترويج رواية "عدم إطلاق رصاص حي بل مطاطي على الأطفال"، قام بعدها بترويج رواية أخرى مفادها أن "إطلاق النار جاء من الجهة الفلسطينية".

ولعل التحقيق أحادي الجانب، الذي قامت به حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أكبر دليل على رغبة الاحتلال العارمة بالتشويش على الأسباب الحقيقية لمقتل الطفلين، عبر تعدد الروايات لتخفيف الاهتمام بالجريمة، تمهيداً لإنهاء الحديث عنها.

وأكدت مصادر متطابقة، لـ"العربي الجديد"، أن طبيباً إسرائيلياً، ومسؤولة الملف الطبي في الإدارة المدنية الإسرائيلية، لم يفصح عن اسميهما، حضرا إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، بعد أسبوع على استشهاد الفتييْن، بعد تنسيق مع جهاز الاستخبارات والارتباط الفلسطيني، حيث أجريا تحقيقاً في مقتلهما، وقاما باستجواب الطفل الناجي من الموت محمد عبد الله العزة.

وأكد جبارين أن الطبيب الإسرائيلي الذي حضر للتحقيق، مختص بالمسالك البولية، وليس مختصاً بالطب الشرعي، وكان معه رجل آخر من الاستخبارات الإسرائيلية. وتابع: "يدّعي الاحتلال أنه حقق بالجريمة، لكن الأسئلة كانت استنكارية، وكان هدف الأشخاص الذين حضروا، تشويش المعلومات وليس الحصول على معلومات صحيحة، لأن سؤالهم الاستنكاري الدائم الذي وجهوه للطبيب الفلسطيني وللجريح وعائلته كان: كيف عرفت أنه رصاص حي؟