مؤشر الرأي العربي: روسيا تسعى للهيمنة وصورتها سيئة بالمنطقة

مؤشر الرأي العام العربي: روسيا تسعى للهيمنة وصورتها سيئة في المنطقة

04 مارس 2018
تم عرض نتائج الاستطلاع في الندوة (معتصم الناصر/العربي الجديد)
+ الخط -

كشفت نتائج مؤشر استطلاع الرأي العام العربي، عن فجوة معرفية كبيرة تجاه روسيا في العالم العربي، فيما اتجهت أغلب آراء المستطلعين، إلى اعتبار أنّ لموسكو دوراً سلبياً في المنطقة.

وتم عرض النتائج، اليوم الأحد، خلال ندوة "السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط، صناعة سلام أم مفاقمة نزاعات؟"، والتي نظمها برنامج ماجستير إدارة النزاع والعمل الإنساني، في معهد الدوحة للدراسات العليا، بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو.

وعرض المدير التنفيذي للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والمنسق لمشروع مؤشر الرأي العام العربي في المركز، محمد المصري، بعض النتائج المأخوذة من استطلاع للرأي العام العربي حول روسيا، موضحاً أنّ نتائج الاستطلاع، كشفت عن "تحوّل الموقف العربي نحو روسيا خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى سلبي، بنفس الموقف تقريباً الذي يتبنّاه العرب نحو أميركا وسياساتها في المنطقة".

وطالب أندريه كوروتاييف، وهو باحث روسي مشارك في الندوة، بترجمة نتائج الاستطلاع إلى اللغة الروسية ونشره في روسيا، لإطلاع الرأي العام والحكومة الروسية على نتائجه. وقال إنّ "نتائج الاستطلاع قد تأتي ببعض الإيجابيات في مجال فهم السياسة الخارجية الروسية".

وحسب نتائج الاستطلاع الذي يغطّي ما نسبته 92% من سكان الوطن العربي، فإنّ 3% من المستطلعة آراؤهم يعرفون روسيا تماماً، و13% بشكل جيد، وهؤلاء في الفئات العمرية المتقّدمة بالسنّ، بينما أكثر من الثلثين لا يعرفون شيئاً عنها.

كما رأى 70% من المواطنين العرب المستطلعة آراؤهم، أنّ السياسات الروسية تهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وتساهم في النزاعات، من أجل زيادة سيطرتها في المنطقة.

وقال المصري إنّ "الخبر الجديد الوحيد في هذا الاستطلاع، هو أنّ المواطنين العرب يفصلون في مواقفهم بين المواطنين الروس والسياسات الحكومية الروسية".


وكان رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا بالوكالة، ياسر معالي، قد أوضح في كلمة افتتاحية، أنّ الهدف من هذه الندوة هو "محاولة تدارس وفهم الدور الروسي في المنطقة الشرق أوسطية، مع ما تعيشه من صراعات وتجاذبات بين مختلف الفاعلين الدوليين، كأميركا وروسيا وأوروبا، أو الإقليميين مثل إيران وتركيا".

وقال إنّ "ثمة أهمية للدور الروسي في التأثير في النزاعات التي تشهدها الساحة العربية في سورية وليبيا وفلسطين وغيرها، وهذا الدور أثار الكثير من التساؤلات حول مساهمته في تعقيد نزاعات المنطقة أو المساهمة في تسويتها، وهو سؤال يبقى ذا جدل عميق".


من جهته، رأى ليونيد إساييف، الخبير الروسي والمحاضر في قسم العلوم السياسية التابع لمدرسة الاقتصاد العليا في موسكو، أنّ "الندوة تتيح للباحثين وللمجتمع الأكاديمي، تبادل الخبرات الأكاديمية بين الروس والعرب، ثم مناقشة الأدوار المهمة التي تلعبها روسيا في المنطقة، في السنوات الأخيرة".

وتحدّث إبراهيم فريحات، رئيس برنامج ماجستير إدارة النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة، عن "الدور الروسي النشط والفاعل في المنطقة، خصوصاً في النزاعات"، مشيراً إلى أنّ "هذا النشاط يتعارض مع حالة الاحتكار السياسي الذي مارسته الولايات المتحدة في نزاعات المنطقة".

واستدرك بالقول إنّ "الدور الروسي في المنطقة، على أرض الواقع، في الفترة الحالية، بات يشكل مشكلة لدى الرأي العام العربي، انطلاقًا من الصورة التي باتت ترتبط بروسيا من حيث دعمها الأنظمة التي عانت منها الشعوب العربية وثارت ضدها، بدءاً بدعمها المطلق للرئيس السوري بشار الأسد، وصولاً إلى تحالفها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وخليفة حفتر في ليبيا".
وأضاف أنّ "السياسة الروسية في العالم العربي عملت على تفاقم وتعقيد صراعات المنطقة بالنهج الذي تتبعه والمشابه لحلول غروزني المدمرة والمستثنية لأطراف رئيسية في النزاع".

ورأى أنّه "إذا أرادت روسيا أن تبني علاقة مفيدة لها وللعالم العربي، فإنّ عليها التحالف مع الشعوب وليس مع الأنظمة المستبدة في المنطقة".


ووصف كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية في روسيا، أندريه كوروتاييف، السياسة الخارجية الروسية، بأنّها "صانعة السلام، ومفاقمة للنزاعات في نفس الوقت"، معتبراً أنّ "الأمر ينطبق على السياسة الخارجية لكل اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، في محاولة تحقيق مصالحهم العليا".

وقال الباحث في العلاقات الروسية العربية، محمد الحمزة، إنّه "مع وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسلطة عام 2000، بدأت مرحلة جديدة تتسم بالبراغماتية، ومن أبرز معالمها إعادة الاعتبار للدولة، وإعادة روسيا للساحة الدولية، كقوة عظمى".

وتابع "من هنا، يمكن فهم السياسة الخارجية الروسية، وإمكانية استخدام القوة في الخارج، بغية الحفاظ على التنمية والتطور في الوضع الداخلي من جهة، والدفاع عن مصالح روسيا في العالم، والتي يمكن أن تكون من خلال صداقة الشعوب، وليس كما تفعل في سورية، حيث تتعامل مع نظام شمولي يمثّله بشار الأسد".


روسيا والأزمة الخليجية

ورأى أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر، ماجد الأنصاري، في جلسة ناقشت أزمة الخليج، أنّ "على روسيا تعبئة الفراغ الأميركي في المنطقة، والكسب الاستراتيجي من خلال لعب دور وسيط سياسي أكثر فعالية في الأزمة الخليجية، التي تسبّب فيها التحالف السعودي الإماراتي، والذي يسعى إلى فرض سيطرته على المنطقة".

وقال الأنصاري، إنّ "بمقدور روسيا التحوّل إلى شريك اقتصادي، والسعي مع دول المنطقة لفك ربط النفط بالغاز وتأسيس سوق للغاز مستقلة، وخلق حالة توازن، بحيث تكون ضابط إيقاع للصراعات في المنطقة".

ورأى أنّ "ذلك يمكن أن يحصل، في حال نجحت روسيا في تفكيك أسباب الخلاف بينها وبين دول المنطقة، بوقف دعمها المطلق لإيران، واستغلال علاقات الدول العربية والإسلامية بالمسلمين داخل وخارج روسيا، لتحقيق مصالحها، حيث يوجد في روسيا 20 مليون مسلم، وإيقاف الحرب ووقف قصف طائراتها في سورية، لإعادة إنتاج صورتها في المنطقة التي تجاوزت في السوء الولايات المتحدة الأميركية".


واعتبر الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي، يوري بارمين، أنّ رؤية موسكو للأزمة الخليجية، "تقوم على أساس اعتبارها أزمة داخلية منتجة في السعودية، افتعلت للسماح لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتحقيق مكاسب سريعة".

وأضاف أنّ "الحصار المفروض على قطر، يهدف إلى السماح للقيادة السعودية الجديدة، بالتغطية على ما يحصل من تغيرات في الداخل السعودي".

وقال إنّ "روسيا ترى قيمة كبرى في التعامل مع جميع الأطراف، وهي لا تريد تصعيداً للأزمة، ولا يمكن أن تنحاز لطرف دون آخر في الأزمة، لأنّ ذلك يؤثر على تحالفاتها وعلاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة".

ونفى بارمين وجود أي رغبة لروسيا في التدخل في الأزمة الخليجية، لافتاً إلى أنّ "العلاقات الروسية الخليجية قائمة على المصالح الاقتصادية وليس السياسية، وموسكو تسعى للحفاظ على مكاسبها الاقتصادية، وفي غياب أي أجندة سياسية لديها، فلا يمكن لروسيا أن تتوسط في الأزمة الخليجية".

المساهمون