3 فرضيات حول المسؤول عن كارثة سد كاخوفكا في أوكرانيا

"ذا هيل": 3 فرضيات حول المسؤول عن كارثة سد كاخوفكا في أوكرانيا

12 يونيو 2023
أحد سكان خيرسون يراقب وصول فرق الإنقاذ عبر قوارب نجاة (Getty)
+ الخط -

لا يزال غريما الحرب الروسية الأوكرانية يتبادلان الاتهامات حول تدبير العمل التخريبي الذي أصاب سد كاخوفكا، الواقع على امتداد نهر دنيبرو جنوب شرقي أوكرانيا؛ وكلّ يسوق أدلّته، من الحديث عن حالة طوارئ أحدثتها الفيضانات من طرف موسكو، إلى إعلان كييف اعتراض اتصالات لمسؤولين روس يتفاخرون فيها بتفجير السد.

لكن في واقع الأمر، ما من دلائل تبدو مقنعة وموضوعية تمامًا ضد أي من الجانبين، رغم أنهما يتبادلان الاتهام منذ الخريف الماضي حول التخطيط لهجوم؛ وهذا الاستنتاج خلص إليه تقرير لموقع "ذا هيل" الأميركي، نشر الأحد. ومع غياب الدليل القطعي، استعرض الموقع 3 فرضيات حول الواقعة، والقرائن التي تدعم كلّ واحدة منها: أوّلًا مسؤولية روسيا؛ ثانيًا مسؤولية أوكرانيا؛ ثالثًا الإهمال.

  • القرائن ضد روسيا

مع غياب الدليل الملموس، يبقى الدافع هو خيط الاستدلال المتاح. في هذا الصدد، يشير "ذا هيل" إلى أنّ الدافع الرئيسي بالنسبة لروسيا في عمل كهذا هو إبطاء الهجوم الأوكراني المضاد، الذي بدأ الأسبوع الماضي من دون إعلان رسمي، ويشق طريقه نحو المناطق الجنوبية في زابوريجيا ودونيتسك.

لكن الفيضانات خلقت ما سماه الموقع "خطًّا ساحليًّا جديدًا"، مع كتلة كبيرة من المياه تغطي الضفتين الغربية والشرقية لنهر دنيبرو على حد سواء؛ وهو ما يعسّر أي إنزال أوكراني على الجانب المقابل.

وما يعزز هذا الافتراض أنّ روسيا هي من تحتل المنطقة المحيطة بالسد منذ ما يزيد عن العام، والمنشأة تحت يد مهندسيها، ما يعني أنه سيكون من السهل عليها زرع قنابل داخل السد.

وفي الاتصال الذي أعلنت أوكرانيا اعتراضه، كان مسؤول روسي يبلغ محدثه على الجانب الآخر بأنّ "مجموعة تخريب تتواجد" في السد، وأن الغاية من تدميره "تخويف الناس".

وتعتقد الزميلة في مركز تحليل السياسة الأوروبية، إلينا بيكيتوفا، في حديثها للموقع، أنّ التسجيل الذي عرضته أوكرانيا "حقيقي". وتردف بيكيتوفا -وهي مواطنة أوكرانية- أن هناك "أسبابًا متعددة للشك في روسيا، وأسبابا ضئيلة للشك في أوكرانيا".

  • القرائن ضد أوكرانيا

الدافع بالنسبة لأوكرانيا أقلّ وضوحًا، كما يطرح الموقع، سوى أنّ كييف اتهمت سابقًا بالتورط في "هجمات خبيثة"، على حد تعبير "ذا هيل"، ومنها الهجوم بالمسيّرات على الكرملين الشهر الماضي، وكذلك تفجير أنابيب "نورد ستريم" العام الماضي.

وكشفت "سي أن أن"، في تقرير نشرته قبل أيام، عن معلومات استخبارية أميركية تفيد بأنّ أوكرانيا زرعت شبكة عملاء في مختلف أنحاء روسيا وزوّدتهم بطائرات مسيّرة؛ منها التي استخدمت في الهجوم على الكرملين.

كذلك، كانت "نيويورك تايمز" أوّل من يكشف عن استخلاصات استخبارية أميركية بأن أوكرانيا كانت وراء تفجير أنابيب "نورد ستريم"، وهو ما عزّزته "سي أن أن" في تقرير حديث هذا الشهر، ناقلة عن مسؤولين أميركيين أنّ حلفاء أوروبيين أبلغوا واشنطن باستنتاجاتهم حول مسؤولية كييف عن الهجوم.

واتهمت روسيا، في بيان رسمي، أوكرانيا باستهداف السد بالصواريخ بهدف منع أي هجوم روسي مستقبلي محتمل على المناطق الجنوبية لخيرسون، حيث استردّت القوات الأوكرانية رقعة كبيرة من الأراضي في هجومها المضاد الأول.

واستشهد مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، العام الماضي، بقائد الهجوم الأوكراني المضاد في خيرسون، الميجور جنرال أندري كوفالتشوك، حينما كان يناقش إمكانية قصف السد؛ لاختبار فرضية منع عبور روسي مستقبلًا، لكن من دون إغراق القرى. غير أنّ تلك المناقشات، كما تستطرد الصحيفة، كانت خلال ظرف حرج بالنسبة لأوكرانيا، التي كانت تواجه الهجوم الروسي الرئيسي على خيرسون.

بيد أنّ أحد أوجه القصور في هذه الفرضية هو أنّ السد بني ليتحمل من الخارج أضرارًا بحجم "قنبلة نووية"، كما كتب مسؤولو شركة الهندسة الحكومية الأوكرانية على "تليغرام". الحالة الوحيدة التي يمكن أن ينهار فيها، وفق الشركة ذاتها، هو أن ينفجر من الداخل.

  • الإهمال

من المحتمل أيضاً ألا يكون أي من الطرفين السبب المباشر في انهيار السد، وهنا يطرح الموقع فرضية الإهمال المتراكم مع تدهور الهيكل الداخلي له من جراء الضربات الصاروخية والتفجيرات في المنطقة على امتداد أشهر القتال.

خلال عمليات الانسحاب المتسرّعة التي نفّذتها القوات الروسية، في خضم الهجوم المضاد، كثيرًا ما عمد جنودها إلى تكتيكات تفجير الجسور وزرع الألغام. إضافة إلى ذلك، فقد تعرّض السد لبعض التدمير أثناء الانكفاء الروسي عن خيرسون العام الماضي.

ما يعزز معقولية هذه الفرضية، كما يبين الموقع، هو أن أيًّا من الجانبين لن يكسب الكثير من تدمير محطة الطاقة الكهرومائية على نهر دنيبرو الممتد على مساحات شاسعة. يوفّر السد المياه لمحطة زابوريجيا للطاقة النووية، والتي باتت تحت التهديد كذلك من أثر الفيضانات؛ ما سيجرّ كارثة بيئية أسوأ على الطرفين.

علاوة على ذلك، يوفر سد كاخوفكا المياه لشبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014؛ رغم أن موسكو ربما تحوز محطات احتياطية لإمداد سكان الجزيرة بالمياه.

سيترك السد المنهار كذلك عشرات الآلاف من السكان على الضفتين، الأوكرانية وتلك المحتلة من قبل الروس، بلا مياه صالحة للشرب. عدا عن ذلك، فقد جرف سيل المياه العارم التحصينات الدفاعية الروسية في المنطقة معه. 

لكن ما يناقض هذه الفرضية، كما يستدرك الموقع، هو ما أشير إليه سابقًا من قدرة السد على تحمّل الضربات الخارجية. يتقاطع مع ذلك أيضًا ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن مسؤولين أميركيين، عن أن صور الأقمار الصناعية أظهرت انفجارًا في موقع السد لحظة انهياره، على الرغم من أن سببه لا يزال غامضًا.