مصر: الطواقم الطبية بين الموت بكورونا وتهديدات "الأمن الوطني"

مصر: الطواقم الطبية بين الموت بكورونا وتهديدات "الأمن الوطني"

08 يونيو 2020
تعاني مصر من نقص في أعداد الأطباء(أحمد حسان/فرانس برس)
+ الخط -


في الوقت الذي يرتفع فيه عدد ضحايا الأطقم الطبية في مصر بسبب وباء كورونا، تواصل السلطات تهديداتها للأطباء والمدافعين عنهم والمطالبين بحقوقهم. ويتطور الأمر في الكثير من الأحيان للقبض عليهم بتهم "بث وإشاعة أخبار كاذبة".

وتقدّر نقابة الأطباء المصرية ضحاياها من وباء كورونا بنحو 350، منها 28 حالة وفاة، بعد وفاة 9 من الأطباء يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين. وعلى خلفية كتاباتهم عن أوضاع المستشفيات المصرية وتعامل الحكومة مع الوباء، ألقت السلطات القبض على عدد من الأطباء والنشطاء والباحثين، ووجهت إليهم اتهامات معتادة، بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية غرضها تكدير الأمن العام، ونشر وإذاعة أخبار كاذبة، وسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي".

وقال عضو سابق في مجلس نقابة الأطباء، فضّل عدم الكشف عن هويته، إن أكثر من 18 طبيباً ممن هددوا بتقديم استقالاتهم بعد وفاة زميل لهم في مستشفى المنيرة بالقاهرة، بعد تقصير الدولة في رعايته الصحية، تلقوا تهديدات بأنهم "خلايا إخوانية وسيتم تحويلهم للأمن الوطني"، على الرغم من أن ستة من هؤلاء الأطباء من المسيحيين. وأكد أن الأطباء في عدد من المستشفيات، التي حُوِّلَت إلى مستشفيات عزل، تداولوا رسائل صوتية لمسؤولين في وزارة الصحة تحمل تهديدات صريحة بـ"تعامل أمن الدولة مع أي طبيب يرفض المثول للتعليمات، لأن البلد في حالة طوارئ"، وهو ما حدث مع عدد الأطباء في محافظة البحيرة، حيث تلقوا تهديدات من وكيل وزارة الصحة في المحافظة ومدير مستشفى الدلنجات الذي حُوِّل إلى مستشفى عزل. كذلك هُدِّد أطباء الامتياز في مستشفى الدمرداش بالقاهرة، بإخضاعهم للعمل من دون إجراء مسحات طبية لهم، وإجبارهم على العودة إلى العمل دون فحص المخالطين منهم لحالات إصابة بكورونا، حسب المصدر.

الطبيبة والنقابية البارزة وعضو مجلس نقابة الأطباء سابقاً منى مينا، تعرضت للتهديد والتنكيل من نوع آخر، حيث تقدم محامي البلاغات الكيدية سمير صبري ببلاغ للنائب العام المصري ضدها، متهماً إياها بنشر أخبار كاذبة وتحريض الأطباء على الانقسام والإضراب.



وحسب الأرقام المسجلة لدى الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، فقد أُلقي القبض على نحو 500 شخص، من بينهم ناشطون ومحامون و11 صحافياً، لأن "السلطات لا تريد أن ينقل أحد أي تقارير غير البيانات الرسمية الصادرة عنها". الحكومة نفسها كانت قد اعترفت قبل شهرين بإلقائها القبض على عدد من المواطنين، ادعت أنهم يروجون الشائعات بشأن فيروس كورونا. وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء نادر سعد، في تصريحات صحافية، إن "الوزارة تستقبل شائعات لا حصر لها عن فيروس كورونا، وجرى تفعيل القوانين لمروجي الشائعات، وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة 5 سنوات وغرامة مالية 300 ألف جنيه (نحو 18450 دولاراً)". وأكد أن وزارة الداخلية ألقت القبض على بعض الحالات، والنيابة تتخذ الإجراءات ضدهم، وعند ثبوت التهم سيُحالون على محاكمة عاجلة طبقاً للقانون.

تجدر الإشارة إلى أن مصر تعاني نقصاً شديداً في أعداد الأطباء لديها، وهجرة الأطباء والكوادر الطبية منذ سنوات. ويقدَّر عدد الأطباء في المستشفيات الحكومية والجامعية والخاصة في مصر، بنحو 82 ألف طبيب من التخصصات كافة، من أصل 213 ألفاً مسجلين، بنسبة 38 في المائة من القوى الأساسية المرخصة بمزاولة المهنة، وفق دراسة أعدتها أمانات المستشفيات الجامعية، والمكتب الفني لوزارة الصحة، ومجموعة من الخبراء والمختصين حول أوضاع مهنة الطب البشري واحتياجات سوق العمل من الأطباء البشريين في مصر.

ويقدَّر عدد الأطباء في وزارة الصحة وحدها بنحو 57 ألفاً، موزعين على كل القطاعات الحكومية في الوزارة، ما بين طبيب تكليف أو ريف أو تخصص، بينما العدد الأمثل لقطاعات وزارة الصحة هو 110 آلاف، أي إن هناك عجزاً قدره 53 ألف طبيب في الحكومة. وحسب الدراسة نفسها، فإن 62 في المائة من الأطباء البشريين يعملون خارج مصر، أو استقالوا من العمل الحكومي، أو حصلوا على إجازة. وأضافت الدراسة أن هناك طبيباً واحداً مخصصاً لـ1162 مواطناً، في حين أن المعدل العالمي هو طبيب لكل 434 فرداً، أو 8.6 أطباء لكل 10 آلاف مواطن، في ظل أن المعدلات العالمية هي 23 طبيباً لكل 10 آلاف مواطن.

دلالات