لوكاشينكو يسعى لولاية سادسة: إقالة الحكومة البيلاروسية وقمع المعارضة

لوكاشينكو يسعى لولاية سادسة: إقالة الحكومة البيلاروسية وقمع المعارضة

06 يونيو 2020
روماس يتطلع إلى لوكاشينكو خلال جلسة حكومية سابقة (Getty)
+ الخط -

استهل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو حملته الانتخابية للانتخابات الرئاسية المقررة في 9 أغسطس/ آب المقبل بإقالة الحكومة بقيادة رئيس الوزراء سيرغي روماس، الأربعاء الماضي، عازياً السبب إلى ضرورة تحديد تشكيلة مجلس الوزراء الجديد قبل الانتخابات، حتى يدرك الناخبون عند تصويتهم من سيتولى قضايا التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. وبعد يوم على إقالة الحكومة، أفادت وكالة "بيلتا" البيلاروسية، الخميس الماضي، بأن لوكاشينكو قرر تعيين رئيس لجنة الدولة للصناعات العسكرية، رومان غولوفتشينكو، رئيساً للوزراء. وتجري حملة الانتخابات الرئاسية هذا العام وسط أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، نتيجة لاستمرار فيروس كورونا، وتختلف يومياتها كثيراً عن سابقاتها في ظل تزايد النشاط الاحتجاجي في البلاد، وبروز مرشحين غير متوقعين لمنافسة لوكاشينكو، الذي يحكم البلاد منذ عام 1994، وتراجع مستوى العلاقات مع روسيا في ظل سعي مينسك للمناورة بين موسكو والغرب.

في السياق، يرى عضو اتحاد الصحافيين البيلاروسيين، الصحافي المستقل إيغور كارنيه، أن الهدف الرئيسي من إقالة الحكومة هو تغيير رئيسها روماس المشكوك في ولائه للوكاشينكو عشية الانتخابات. ويضيف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك اعتقاداً سائداً في بيلاروسيا بأن الهدف الرئيسي هو تغيير روماس الذي لم تربطه علاقة طيبة مع لوكاشينكو منذ البداية، فلم تتم دعوته لحضور الاجتماعات إلا نادراً، وكاد ألا يرافق الرئيس في جولاته في أنحاء البلاد، ويمكن الافتراض أن الاعتراض الأساسي يعود إلى عدم ولائه".

وحول دلالات إقالة روماس في سياق حملة الانتخابات الرئاسية، يقول: "تشهد الحملة الانتخابية وضعاً متوتراً في ظل تراجع دعم المجتمع للوكاشينكو واعتماد سلطته على نخبة نومينكلاتورا (مصطلح أُطلق لوصف الطبقة الحاكمة في الدويلات السوفييتية)، بينما شغل روماس في السابق عضوية مجلس إدارة مصرف بيلغازبروم بقيادة فيكتور باباريكو، أبرز منافسي لوكاشينكو في الرئاسيات. وفي حال لم تكن هناك ثقة كاملة في رئيس الحكومة، فمن المنطقي أن يتم تغييره". ويوضح كارنيه أن "رئاسة مجلس الوزراء في بيلاروسيا وظيفة من دون صلاحيات واسعة ولا إمكانية لشاغلها لاتخاذ قرارات مستقلة"، معتبراً أن "تغييره لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى تغييرات كبيرة في نموذج الاقتصاد الذي تتحكم فيه الدولة، المستوحى من حقبة الاتحاد السوفييتي".



ولا تقتصر تحديات لوكاشينكو في سباق الرئاسة هذه المرة على المشاكل الداخلية الناجمة عن أزمة كورونا، بل تشمل أيضاً مواجهته مأزقاً في سياسته الخارجية بعدما عمل طويلاً على المناورة بين روسيا والغرب. وعلى مدى السنوات الأخيرة، خاض لوكاشينكو محادثات صعبة مع موسكو بخصوص أسعار الغاز والنفط المورَّد إلى المصافي البيلاروسية من جانب، ولكنه سعى من جانب آخر لتوطيد علاقاته مع الغرب الذي رفع العقوبات عنه ولم يعد يلقبه بـ"الدكتاتور الأخير في أوروبا"، وصولاً إلى الاتفاق على عودة سفير أميركي إلى مينسك هذا الصيف.

ومع ذلك، اعتبرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، في عددها الصادر أول من أمس، أن لوكاشينكو قد يجد نفسه بلا دعم روسي ولا غربي، مذكّرة بأن ردود الفعل الأوروبية على القمع في بيلاروسيا والتحذيرات بإعادة تفعيل العقوبات، كانت تضطره في السنوات السابقة إلى طلب العون من روسيا، ولكن هذا الخيار لم يعد قائماً اليوم. واعتبرت الصحيفة أن "وضع لوكاشينكو الذي قرر، على ما يبدو، التشبث بالسلطة بأي ثمن، تفاقم لأن التأرجح بين الشرق والغرب قد لا يفلح هذه المرة"، مرجحة أن موسكو لم تعد تنتظر قدوم لوكاشينكو إلا حاملاً الخريطة الـ31 للتكامل بين البلدين موقّعة.

وفي الوقت الذي تلتزم فيه روسيا الصمت حيال إجراءات لوكاشينكو بحق معارضيه، لم يتردد البرلمان الأوروبي في الإقرار بتدهور وضع حريتي التجمع والتعبير عن الرأي في بيلاروسيا، مندداً بتوقيف مدون الفيديو سيرغي تيخونوفسكي، وزعيم المعارضة نيكولاي ستاتكيفيتش، وعشرات المشاركين بالفعاليات السلمية لجمع التواقيع.

ومن العوامل التي قد تقلل أيضاً من فرص مينسك في الحصول على تمويل خارجي، إصرار لوكاشينكو على تجاهل وباء كورونا وعدم فرض الحجر الصحي رغم ارتفاع عدد الإصابات المسجلة إلى أكثر من 45 ألفاً، في ظل ربط الاتحاد الأوروبي تقديم دعمه لبيلاروسيا في مواجهة كورونا بوفاء البلاد بتوصيات منظمة الصحة العالمية.

وخلصت "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى أن تزايد عدد الراغبين في منح تواقيعهم لصالح منافسي لوكاشينكو، يعزز من التكهنات بأنه لن يتسنى له وقف موجة الاحتجاج الشعبي إلا بتشديد القمع. ومن المقرر أن تجري انتخابات الرئاسة البيلاروسية في 9 أغسطس المقبل، وقد عبر 14 مرشحاً عن نيتهم المشاركة فيها، ومن بينهم لوكاشينكو الذي يرشح نفسه للولاية السادسة في غياب الحد الأقصى للولايات الرئاسية بموجب الدستور البيلاروسي المعدل في عهده. ومن المنتظر أن تنطلق حملة الدعاية الانتخابية بعد استكمال إجراءات تسجيل جميع المرشحين بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل.



المساهمون