الجزائر: الانتهاء من صياغة مسودة الدستور الجديد

الجزائر: الانتهاء من صياغة مسودة الدستور الجديد

11 مارس 2020
يتسلّم تبون المسودة قبل يوم الأحد (Getty)
+ الخط -
أعلن مسؤول في الرئاسة الجزائرية، اليوم الأربعاء، أن المسودة الأولية للدستور الجديد باتت جاهزة وستُسلّم إلى الرئيس عبد المجيد تبون قبل يوم الأحد القادم، لعرضها بعدها للنقاش على المنتظم السياسي والمدني، وطرحها للرأي العام في البلاد، تمهيداً لعرضها على البرلمان والاستفتاء الشعبي.

وقال مساعد الرئيس الجزائري (المكلف بمهمة في رئاسة الجمهورية) محمد لعقاب، في مؤتمر صحافي، إن لجنة الخبراء المكلفة بإعداد مسودة الدستور انتهت من صياغة مسودة الدستور الجديد، وستسلّم الرئيس تبون النسخة الأولى يوم غد الخميس، أو الأحد المقبل كحد أقصى.
وأكد لعقاب أن 170 مؤسسة إعلامية ستتسلم مسودة الدستور الجديد، ودعا الصحافيين إلى المشاركة في إثراء الدستور ومناقشة مواده، خصوصاً المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام والحريات الديمقراطية، مضيفاً أن هذه المسودة ستسلّم إلى أكثر من 600 تنظيم مدني، وإلى مجموع الأحزاب السياسية في البلاد، لإبداء مواقفها وإثرائها قبل التوصل إلى المسودة النهائية.

ويُفهم من تصريحات المسؤول في الرئاسة الجزائرية، أن السلطة ماضية باتجاه تنفيذ خطة الإصلاح السياسي والدستوري التي أعدتها، دونما اعتبار لاستمرار الحالة المطلبية ومظاهرات الحراك الشعبي.

وكان الرئيس تبون قد كلّف لجنة دستورية تضم 17 خبيراً، برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، بإجراء مراجعة شاملة للدستور الجزائري، وصياغة مسودة دستور جديد في غضون شهرين، تُطرح للمناقشة مع القوى السياسية والمدنية، قبل طرحها على استفتاء شعبي عام. وسمح تبون للجنة بالتصرف في المسودة الجديدة، ومراجعة كل مواد الدستور، عدا المواد المتعلقة بالهوية الوطنية.

وتستهدف مسودة الدستور الجديد، بحسب الرئيس تبون، منع الانحراف مجدداً إلى الحكم الفردي، والحدّ من العهود الرئاسية بعهدين فقط، والحدّ من صلاحيات رئيس الجمهورية، وإعادة توزيع الصلاحيات بين الرئيس والحكومة والبرلمان، وفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية، وضمان استقلالية القضاة، وتوسيع الحريات وحرية التعبير، وإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة وعن السياسة، وإلغاء الأحكام الدستورية التي تحدّ من تولي الجزائريين المقيمين بالخارج بعض المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية.

ويعتزم الرئيس الجزائري طرح مسودة الدستور النهائية لاستفتاء شعبي، بعد إجراء المراجعات الضرورية في أعقاب الاستشارة التي سيباشرها مع القوى السياسية والمدنية والنخب البارزة في الجزائر، فيما أبدت بعض القوى السياسية موقفاً مسبقاً بالترحيب بمبادرة تعديل الدستور، وأنشأت فرق خبراء على مستواها لتحضير مقترحاتها بشأن الدستور الجديد، بينها حزب "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي" وحركة "مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الاسلامية التي أعلن القيادي فيها نصر الدين حمدادوش تشكيل لجنة لطرح مقترحات الحركة الخاصة بالدستور.
لكن أحزاباً أخرى، خصوصاً من كتلة "البديل الديمقراطي"، التي تضم أبرز القوى التقدمية كـ"جبهة القوى الاشتراكية"، و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، تبدي، في سياق مواقفها المعارضة لكامل مسار الإصلاح السياسي والدستوري الذي تنتهجه السلطة، اعتراضها على طريقة تعديل الدستور، عبر لجنة دستورية تعتبرها غير تمثيلية.

وقال الناشط السياسي العضو في مؤتمر كتلة "البديل الديمقراطي" ناصر حداد لـ"العربي الجديد"، إنه "من المبكر الحكم على مسودة الدستور الجديد، لكن من الناحية المبدئية، ثمة خلاف حول طريقة تعديل هذا الدستور، فالرئيس لجأ إلى نفس الطريقة التي كان النظام يطرح فيها الدساتير في العقود السابقة، عبر لجنة يشكلها من دون أي تشارك مع القوى السياسية والمدنية التمثيلية في صياغة الدستور".

وإضافة إلى قوى "البديل الديمقراطي"، والتي ما زالت أكثر حضوراً في مظاهرات الحراك الشعبي، فإنّ موقف الحراك ومكوناته المدنية نفسه قد يكون معارضا أيضاً لطريقة تعديل الدستور، خصوصاً أن السلطة لم تنفذ بعضاً من تدابير التهدئة التي يمكن أن تمثل إشارات إيجابية بالنسبة للحراك، مع استمرار الاعتقالات والتصريحات التي توصف بالمستفزة للمتظاهرين.
وفي السياق، يعتقد المحلل السياسي أحسن خلاص، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "السلطة ماضية في تنفيذ أجندتها السياسية، تماماً كما مضت السلطة في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أجندة تعديل الدستور في 2016، على الرغم من استمرار مظاهر الممانعة والرفض، كما أن تصريحات وزير الداخلية خلقت جواً مكهرباً لا يوفر الفرصة للنقاش"، مشيراً إلى أن "السلطة تريد الذهاب إلى كتلة سياسية تنال الأغلبية بمسميات جديدة وغطاءات شعبوية، مثل إشراك الشباب، ولا يهمها التعامل بأسلوب الشراكة".

ويختم "في المقابل، الحراك عاجز عن اقتراح دستور بديل، ولا خطة سياسية لبناء جديد"، وهذا ما قد يدفع ببعض مكونات الحراك نفسها للمشاركة في مشاورات تعديل الدستور، خصوصاً إذا تضمنت المسودة المطروحة مواقف ونصوصاً تقدمية، تخدم المسألة الديمقراطية، وتمثل استجابة للعناوين والمطالب المرفوعة منذ بدء الحراك الشعبي.

المساهمون