جدل بشأن قرارات وتعيينات في الجزائر: هي فوضى؟

جدل بشأن قرارات وتعيينات في الجزائر: هي فوضى؟

07 فبراير 2020
مخاوف من عودة الهيمنة الأمنية على التعيينات (بلال بنسالم/Getty)
+ الخط -
أعادت حادثة إقالة المدير العام للجمارك الجزائرية وتعيين مدير جديد لمدة 24 ساعة فقط، قبل أن يتم إلغاء القرار وإبقاء المدير السابق في منصبه، إلى الأذهان حادثة مماثلة وقعت في يونيو/ حزيران 2017، عندما تم تعيين مسعود بلعقون وزيرا للسياحة لمدة 48 ساعة، قبل أن تتم إقالته وتعيين وزير آخر دون أسباب واضحة.

وألغى رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد قرارا كان قد أصدره وزير المالية يقضي بإقالة المدير العام للجمارك محمد وارث وتعيين حكيم برجوج في المنصب، بعد يوم واحد من إعلان القرار، في أول حادثة من نوعها في عهد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، وهو القرار الذي أثار جدلا بشأن وجود ما يعرف بـ"حكومة ظل"، أو عودة قوية لتأثير الأجهزة الأمنية في صناعة القرار والتعيين في المناصب العليا، في مقابل الفريق الحكومي.  

وكانت وكالة الأنباء الجزائرية قد أفادت، نقلا عن المديرية العامة للجمارك، بقرار تعيين حكيم برجوج مديرا عاما للجمارك خلفا لمحمد وارث، الذي عين في إبريل/ نيسان الماضي، قبل أن تعود مديرية الجمارك لتصدر بيانا يؤكد أن "محمد وارث يمارس دائما مهامه بصفته مديرا عاما للجمارك". 

ويعتقد أن وزير المالية، باعتبار الجمارك تتبع للوزارة، هو الذي يقف وراء قرار التعيين الجديد دون إشعار رئيس الحكومة والسلطات العليا. 

وعقب هذه الحادثة، وجه رئيس الحكومة تعليمات إلى مجموع الوزراء، تتضمن انتقاداته بشأن عمليات إنهاء مهام وتعيين الأطر المسيرة لكبرى المؤسسات الحكومية أو المجمعات والشركات الاقتصادية الكبيرة، بسبب عدم التقيد بالقواعد والضوابط التي تحكم في الغالب إجراءات التعيين وإنهاء المهام.

وطالب جراد بضرورة إخضاع كل التعيينات أو إنهاء مهام الأطر العليا لموافقته الشخصية المسبقة، مع تعليل دواعي الإقالة أو التعيين.

وأكد توجيه جراد أن "كل تعيين يجب أن يخضع لإجراء التأهيل، وكذلك الشأن بالنسبة لعمليات إنهاء المهام التي يتعين أن تكون موضوع تقرير مفصل يبرر طلب الإقالة، ثم وجوب مصادقة رئيس الحكومة على قرارات التعيين والإقالة لتفعيلها". 

وجرت العادة في الجزائر على أن تسبق التعيينات تقارير تعدها الأجهزة الأمنية حول المرشح للتعيين، وحول مساره وارتباطاته وماضيه العائلي ومواقفه السياسية، تساعد السلطة السياسية على اتخاذ قرار، وفي الغالب تضع الأجهزة الأمنية بصمتها على التقارير، وترسم صورة للمرشحين للتعيين في المناصب العليا في مختلف المؤسسات، وفقا لرغبة القائمين عليها.

وبالتزامن، وقعت حادثة تتعلق بإصدار المفتش العام لوزارة العدل توجيهاً إلى القضاة، يأمرهم بإرسال أي قرارات وأحكام تصدر من زملاء لهم تكون غير مؤسسة قانونا، وهو ما يعني تحويل القضاة إلى مخبرين لدى مفتش وزارة العدل، قبل أن يسارع وزير العدل والأمين العام للوزارة إلى التدخل لإلغاء هذا التوجيه.

وأرسلت وزارة العدل توجيها جديدا إلى رؤساء المجالس القضائية يدعوهم إلى عدم الاعتداد بالمذكرة الصادرة عن المفتشية العامة التي أثارت جدلا كبيرا.

ويعتقد المحلل السياسي نور الدين هدير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذا الوضع لا يؤشر إلى أن البلاد دخلت فعلا مرحلة جديدة، ولا يعطي صورة واضحة على تركيز السلطة الجديدة ممثلة في الرئيس تبون لأدوات حكم تنهي الفوضى السالفة"، موضحا أنه "إذا كانت حادثة وزير السياحة السابق في عام 2017، والذي عين لمدة 48 ساعة قبل إزاحته، مرتبطة بوضع مرتبك كانت تعيشه البلاد بسبب مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وتلاعب شقيقه السعيد بوتفليقة ومحيطه المقرب بالختم الرئاسي، وبقرارات التعيين، فإن تساؤلات عديدة تطرح بشأن استمرار فوضى التعيينات وتداخل القرارات الرسمية في الوقت الحالي، وما إذا كان هناك استمرار لتصادم بين الدوائر وتداخل في الصلاحيات يخلق وضعا كهذا، رغم مزاعم السلطة والخطاب الرسمي الذي يتحدث عن دخول البلاد عهدا جديدا منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون".

وأعقب هذه الحالات ظهور نكتة سياسية جديدة في الجزائر، تقول إنه يتعين انتظار ثلاثة أيام على الأقل للتأكد من أن قرار تعيين مسؤول جديد أو توجيه رسمي يصبح ثابتا ولن يلغى كما ألغيت قرارات تعيين مدير الجمارك وتوجيه وزارة العدل للقضاة.

دلالات