أي سيادة ليبية؟

أي سيادة ليبية؟

09 يناير 2020
مليشيات حفتر شنّت هجمات عدة أخيراً(حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
لا يكاد يصدر بيان عن الدول المتدخلة في ليبيا إلا ويشدد على "السيادة الليبية". فهل لدى ليبيا سيادة؟ 
 الدول الفاعلة في ليبيا لا تبالي بالمواطن، وتمثّلها أطراف محلية بالوكالة. ولا تختلف تصريحاتها ومواقفها في الملف اليمني أو السوري أو غيرها كثيراً في الملف الليبي. وهو الأمر الذي دفع الجميع في ليبيا وخارجها، إلى مراقبة القمة التي عُقدت أمس الأربعاء، في تركيا، بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين. كذلك راقب الجميع اللقاء الذي جمع ممثلي مصر وإيطاليا وفرنسا واليونان وقبرص في العاصمة المصرية القاهرة، بعد أن كانت هذه الأطراف مهتمة بعقد مؤتمر برلين المخصص لليبيا. بالتالي، تحوّل الليبيون إلى متابعين لما يحصل في أراضيهم، ما قد يبشّر بأمل وقف القنابل والقذائف التي تسابق المطر سرعة وعدداً في شتاء البلاد القاسي.

 الواقع يقول إن أمر ليبيا أصبح بيد غيرها، ليس ترجمة لنظرية المؤامرة، بل بسبب جهل النخبة السياسية لفنون السياسة وغياب قيمة الوطن وضياع حق المواطن. حتى إن رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج (المعترف به دولياً)، أدار ظهره للنخب الوطنية ولمقاتلي الجبهات، منطلقاً في رحلة مكوكية منذ قرابة الشهر، من دون أن يرجع حتى الآن. وتنقل السراج بين تركيا وتونس والجزائر، قبل وصوله إلى العاصمة البلجيكية بروكسل أخيراً، من دون احتساب الزيارات غير المعلنة، وذلك بحثاً عن منفذٍ يخترق به مواقف الدول الداعمة للواء المتقاعد خليفة حفتر أو الحصول على دعم عسكري، من دون أن يلاحظ أن المساحة الجغرافية المحيطة بطرابلس تتضاءل كل يوم، ومن دون أن يصدّق أن المعارضة بين القبائل لحفتر تزداد في الاتساع، حتى بات رفضهم إرسال أبنائهم للقتال مع مليشيات اللواء المتقاعد علنياً، ما قد يُشكّل أرضية صلبة لبناء ظهير يبين حقيقة الوعي الوطني أمام العالم لمشروع حفتر وانكشاف عمالته. 

اليوم، وبتأكيد الدول استمرار سعيها إلى حلحلة خلافاتها في برلين من دون حضور ليبي، لم يعد خفياً أن حل الأزمة بيد الليبيين، وهو ما يحاول المبعوث الأممي غسان سلامة، فعله عملياً، من خلال الدعوة إلى منتدى اقتصادي يجمع رؤساء المؤسسات الاقتصادية، من أجل توحيدها بعيداً عن الأجسام السياسية الحاكمة في ليبيا، حتى التشريعية منها، التي من المفترض أنها تمثل الشعب الذي انتخبها. فأي سيادة بقيت لليبيا؟​

المساهمون