قرار "إخراج القوات الأجنبية" من العراق.. هل يقبل التطبيق؟

هل يمكن للعراق تطبيق قرار البرلمان و"إخراج القوات الأجنبية"؟

06 يناير 2020
البرلمان صوت على إخراج جميع القوات الأجنبية (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
استبعدت جهات عراقية إمكانية تطبيق قرارات مجلس النواب بشأن إخراج القوات الأجنبية، في المقابل فقد حذّرت من تبعات تلك القرارات المستقبلية على الوضع الأمني والعسكري وحتى على الاستقرار المجتمعي.

وصوّت البرلمان العراقي في جلسة استثنائية، مساء أمس الأحد، على قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد. وتضمن القرار فقرات عدة، أبرزها إلزام الحكومة بإلغاء طلب المساعدة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش"، بعد انتهاء العمليات العسكرية والحربية، والعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية.

كما طالب البرلمان الحكومة بالتوجه لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ضد الولايات المتحدة الأميركية "بسبب ارتكابها خروقات للسيادة العراقية"، فضلاً عن قيام الحكومة بالتحقيق في عمليات القصف الأخيرة التي حدثت في العراق وإعلام مجلس النواب بالنتائج.


وتأتي جلسة البرلمان الطارئة بهدف مناقشة الهجوم الأميركي في بغداد، الذي أسفر عن مقتل قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، فضلاً عن ضباط وعناصر من "الحرس الثوري" و"الحشد".

وأثار قرار البرلمان العراقي غضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هدّد، فجر الإثنين، بفرض "عقوبات شديدة" على العراق، إذا أُجبِرت القوات الأميركية على مغادرة أراضيه، بعد ساعات من مطالبة البرلمان العراقي الحكومة بـ"إنهاء وجود" القوّات الأجنبيّة في البلاد.

وحول قرار البرلمان، قال القيادي في "جبهة الإنقاذ" العراقية، أثيل النجيفي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "القرارات التي صدرت عن مجلس النواب العراقي غريبة، والمقصود منها ليس إخراج القوات الأميركية وإنهاء الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، وإنما إرباك الوضع وإبقاء التحشيد الشعبي ضد أميركا".

ورأى أنّ "الهدف من قرارات مجلس النواب إبقاء الحملة التي شنتها الفصائل والقوى الموالية لإيران ضد الولايات المتحدة الأميركية، ومحاولة للهروب من استحقاقات التظاهرات الموجودة".

وأوضح النجيفي أن "قرارات مجلس النواب طالبت الحكومة العراقية بسحب طلبها من الولايات المتحدة الأميركية الدعم والمساندة، الذي طلبته بغداد في 2014، وهذا يعني انسحاب العراق من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وهذا يعني ترك العراق لوحده في محاربة التنظيمات الإرهابية، دون أن يتلقى أي دعم أو إسناد دولي في هذه المعركة، وهنا سيكون العراق في خطر كبير".

ولفت إلى أن "قرارات البرلمان العراقي لم تتطرق إلى الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن، وإنما طالب الحكومة باتخاذ إجراء إخراج التواجد الأجنبي من العراق، وهذا مفهوم مطاط، ليس فيه قضية محددة، وبالتأكيد من سينفذ ذلك هو الحكومة الجديدة، وليس حكومة عادل عبد المهدي".

وأشار القيادي في "جبهة الإنقاذ" إلى أن "واشنطن أكدت أن عادل عبد المهدي لا يحق له تقديم مثل هذا الطلب، وهذا يعني أنهم سيرفضون أي طلب تقدمه الحكومة العراقية الحالية، بل ترفض استلامه".

وبحسب النجيفي، فإنّ "الجهات المدعومة من إيران لا تريد الدخول في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة الأميركية، ولا تريد أن تصل الأمور إلى تلك المواجهة، فهي تعرف أن المواجهة مدمرة بالنسبة لها، وما تملكه من ترسانة أسلحة لا تقدر على مواجهة واشنطن وإنما هي للمواجهة الداخلية فقط".

وأكّد أن "أي مواجهة عسكرية بين الجهات الموالية لإيران والولايات المتحدة الأميركية تعني القضاء على تلك الجهات. ولهذا الجهات المدعومة من إيران سوف تعمل دائماً على إبقاء الأزمة مشتعلة ما بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، دون وجود حسم لتلك الأزمة، والغاية من ذلك استمرار المشروع الإيراني وديمومته في العراق".

وفي السياق ذاته، رأى المستشار السابق في غرفة التحالف الدولي ببغداد، كاظم الوائلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "البرلمان العراقي استعجل جداً في اتخاذ قرارات كهذه"، لافتاً إلى أنه "اتخذت هذه القرارات بشكل عاطفي على قاعدة: اشهدوا لي عند الأمير. فالقرارات كانت كمزايدة على طرد القوات الأميركية، دون أي حسابات وتبعات مستقبلية، وهذه القرارات جاءت من أجل إرضاء إيران وامتصاص الغضب في الشارع الشيعي العراقي والشارع الإيراني".

وبين الوائلي أن "كل أعضاء مجلس النواب الذين صوتوا على القرار بطرد القوات الأميركية من العراق، هم من مناطق لا وجود للأميركيين فيها"، مشيراً إلى أن "القوات الأميركية موجودة في مناطق شمال وغرب العراق الكردية والعربية السنية، ونوابها لم يصوتوا على القرار، والقوى التي صوتت فعلت ذلك بناء على مصالح إيران وليس مصالح العراق".

وقال إن "الرئيس الأميركي بالنهاية رجل أعمال وتاجر ويرى أن الانسحاب سيوفر له ما لا يقل عن مليار دولار سنوياً، ويستطيع تقديم هذه الورقة للناخبين، ويقول لهم أنا وفرت مليار دولار من بلد يكرهنا ويريد قتلنا، رغم أننا حررناهم"، معتبراً أن "الأميركيين لن يخسروا إذا انسحبوا من العراق، بل العراق هو الذي سيخسر الكثير".

وتوقع أن "تسحب الولايات المتحدة اتفاقها بشأن سرب المقاتلات الأميركية الـ(16 f)، في حال انسحبت من العراق، خوفاً من أن تكون تقنية الطائرات تلك تحت تصرف إيران".

من جهة ثانية، أشار المستشار السابق في التحالف الدولي إلى أن "إقليم كردستان يستطيع دعوة القوات الأميركية إلى أراضيه، ولا يمكن أن تمنع بغداد ذلك، بإمكانها الاعتراض فقط. لكن على الأرض لا يستطيعون فعل أي شيء".


أمّا الخبير القانوني أمير الدعمي، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "ما صدر من قرارات عن مجلس النواب، عبارة عن تفريغ شحنات، باعتبار أنه ليس من صلاحيات المجلس إلغاء أي اتفاقية أو معاهدات دولية، فلا يمكن إلغاء اتفاقات بقرارات".

وبين الدعمي أن "تشريع القوانين لا يأتي إلا من خلال مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء الآن هو بحالة تصريف أعمال فقط، فلا يمكن له تقديم أي مشاريع قوانين إلى البرلمان".

ورأى الخبير القانوني العراقي أن "ما اتخذه مجلس النواب من قرارات هو استعراض فقط، وهو يعرف ذلك جيداً".

المساهمون