التطبيع مع انقلابَين

التطبيع مع انقلابَين

01 أكتوبر 2019
يدفع المدنيون ثمن الانقلابَين (محمد حمود/Getty)
+ الخط -
مرّ أكثر من 50 يوماً على الانقلاب الذي نفذته الإمارات وأتباعها في مدينة عدن، جنوبي اليمن، من دون أن تفلح مختلف الجهود في إقناع حلفاء أبوظبي في "المجلس الانتقالي الجنوبي" المطالب بالانفصال، بالتراجع خطوة إلى الوراء، وكأنما الوضع الذي يراد أن تبقى عليه المدينة لا يختلف كثيراً عما هو الحال في العاصمة صنعاء، من سيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وإن كان ذلك يتم بشعارات ووجهات ولاء خارجية مختلفة.

في عدن، يعزز "المجلس الانتقالي الجنوبي" من تصرفاته كـ"سلطة أمر واقع" جديدة، يسطو قادتها على المناصب والمؤسسات الحكومية، فيما ينهمك آخرون بانتهاكات واقتحامات لمنازل المعارضين المفترضين، وتزداد في الوقت ذاته نسب الجريمة المروعة، وحوادث العثور على جثث قتلى من المدنيين.
صنعاء بدورها، والتي ورث فيها الحوثيون هياكل أجهزة دولة منظّمة، أكثر من تلك التي في مدينة عدن، تعيش في أسوأ الأوضاع منذ سنوات، ولا تتوقف جماعة "أنصار الله" عن حملات نهب شركات الصيرفة وما تبقّى من شركات ومؤسسات خاصة، خسرت الغالبية منها في الأصل. كما وصل سعر البنزين في السوق السوداء خلال الأيام الماضية، إلى 20 ألف ريال يمني (نحو 80 دولاراً) مقابل 20 ليتراً، علماً أن الجماعة اجتاحت العاصمة بمبرر رفع الحكومة آنذاك الأسعار إلى أربعة آلاف ريال.

يتفق تمردا صنعاء وعدن في أن كليهما يعبّران عن جماعات أقل من مشروع دولة، تلمّ شتات اليمن، ويخدم وجود كل منهما الآخر، إذ إن سيطرة الانفصاليين في عدن تُضعف من وضع السلطة الشرعية، مثلما أن وقوع صنعاء في أيدي الحوثيين يخدم التقسيم، والأمر نفسه بالنسبة لأبوظبي وطهران، إذ تخدم سياسات كل منهما في اليمن توجّه الطرف الآخر.

كل ما يمكن سرده عن المآسي التي يعيشها اليمنيون تحت سيطرة انقلابَين في صنعاء وعدن، تبقى غيضاً من فيض، واللافت أن كلاً من "المجلس الانتقالي" والحوثي، لا يتورعان عن الحديث عن الاتفاقات وعن أهمية السلام... لكن على أي أرضية؟
الواقع أن أي سلام في اليمن لن يتم ما لم تكن هناك أرضية صلبة تحمي حقوق اليمنيين بالحد الأدنى، لا أن تسعى فقط إلى التطبيع مع الأمر الواقع، بطريقة تهيئ البلاد لمراحل عنف، ربما أشد، تتحوّل معها مراحل التهدئة إلى فرص لتمديد الحرب القائمة منذ ما يزيد على أربع سنوات.

المساهمون