طائرة حفتر العسكرية تضع تونس في موقف محرج

طائرة حفتر العسكرية تضع تونس في موقف محرج

24 يوليو 2019
قوات حفتر تطالب بتسليم الطيار لها (Getty)
+ الخط -
ما تزال الطائرة العسكرية الليبية التابعة لمليشيا اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، والتي هبطت على الأراضي التونسية يوم الاثنين، تثير تساؤلات كثيرة، وتضع تونس في حرج بشأن حيادها فيما يخص الصراع في ليبيا.

وأكدت وزارة الخارجية التونسية مراراً أنها تتواصل مع كافة أطراف النزاع في ليبيا وتسعى لإقناع الجميع بضرورة العودة الى طاولة الحوار، مشددة على تعاملها مع حكومة الوفاق باعتبارها الحكومة المعترف بها دولياً.

وكانت طائرة من نوع L39 قد دخلت المجال الجوي التونسي بمنطقة بني غزال جنوب مدنين، وهبطت بمنطقة الجرف الأحمر بمدنين، وأظهرت التحقيقات الأولية أن الطيار الذي كان يقودها (ضابط برتبة عقيد) اضطر للهبوط على الأراضي التونسية جراء عطب في الطائرة.

وعلى عكس ما تداولته بعض الصفحات الليبية من أن الطيار عاد الى ليبيا، أكدت وزارة الدفاع التونسية، في بيان لها مساء أمس الثلاثاء، أن قاضي التحقيق العسكري، يواصل مباشرة التحقيقات مع قائد الطائرة العسكرية الليبية.

وقالت وزارة الدفاع التونسية إن التنسيق مستمر بين وزارتي الدفاع الوطني والشؤون الخارجية بخصوص الطائرة والطيار، مشيرة إلى أن الوزارتين ستتوليان تسوية القضية حسب الأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية. 

وفيما تطالب مليشيا حفتر بإعادة الطائرة والطيار إليها، مؤكدة أنها تتواصل مع السلطات التونسية، تقول حكومة الوفاق إنها شكلت لجنة للتواصل مع السلطات التونسية بشأن الطائرة.

وفي خطوة مفاجئة، وصل رئيس حكومة الوفاق فائز السراج مساء أمس الثلاثاء إلى تونس، كما التقى السراج بالسفير الألماني لدى ليبيا، أوليفر اوفتشا. وذكرت حكومة الوفاق أن اللقاء تطرق إلى الهجوم على طرابلس وضرورة العودة إلى المسار السياسي.

من جانبها، قالت السفارة الأميركية في ليبيا، التي تعمل في تونس بسبب الأوضاع هناك، إن القائم بأعمال السفارة بالنيابة جوشوا هاريس التقى رئيس الوزراء الليبي فايز السراج لمناقشة التعاون المستمر لمكافحة الإرهاب، مؤكدة أهمية الوقف الفوري للقتال في طرابلس والعودة السريعة للعملية السياسية بوساطة الأمم المتحدة.

وتجد تونس نفسها في موقف محرج بخصوص الطائرة والجهة التي ستعيدها لها، فالأعراف الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية تقتضي بالتعامل مع الحكومات الشرعية المعترف بها دوليا، بالاضافة إلى أن الطائرة بصدد إقحام تونس في الصراع الليبي الليبي الذي تحاول أن تتجنبه قدر الإمكان حتى تحافظ على مسافة تمكنها من القيام بدور الوسيط في النزاع.

وتشير المعلومات الفنية بشأن الطائرة والطيار إلى أن منطقة النزاع قريبة جدا من الحدود التونسية (70 كلم فقط)، وإذا تمكن هذا الطيار من دخول تونس اضطرارياً فبإمكان آخرين دخولها بشكل مختلف ولأسباب أخرى، إذا تخشى الحكومة التونسية من تسلل عناصر إرهابية تونسية مقيمة في ليبيا إلى أراضيها، خصوصا في هذه الفترة الانتخابية الحساسة التي تعتريها خلافات واضحة بين مؤسساتها وهشاشة في أدائها.

وتشير بعض المصادر إلى أن الطيار دخل تونس هارباً من الصراع، ورفض فيما يبدو قصف طرابلس، حيث يؤكد الخبير في الشأن الليبي مصطفى عبد الكبير أن "العقيد الطيار كان في مهمة قتالية داخل ليبيا ورفض قصف أبناء وطنه".

وكتب على صفحته في "فيسبوك" أن "السلطات العسكرية التونسية تعاملت مع الموقف بكل حرفية واستطاعت حماية مكان الهبوط وتجنب الكارثة".

ويوضح عبد الكبير في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التحقيق لا يزال جاريا مع الطيار، وأن نتائج التحقيق ستحدد كيفية تعامل تونس مع الطيار والطائرة، فقد يكون الطيار هبط طالبا للجوء أو الحماية، وأن نوايا هبوطه داخل الأراضي التونسية ستحدد طبيعة التعامل معه شخصياً.


أما بخصوص الطائرة التي يطالب بها طرفا النزاع في ليبيا، فيشير عبد الكبير إلى أن المعاهدات الدولية تمنع تسليم سلاح لبلد يشهد نزاعات عسكرية، لافتا إلى أنه ما يزال في تونس إلى اليوم معدات وطائرات عراقية لم تتم إعادتها إلى العراق.

وأضاف أنه "من الأرجح أن يتم الاحتفاظ بالطائرة والأسلحة التي كانت على متنها إلى حين عودة السلم إلى ليبيا وتسوية النزاع في هذا البلد".

المساهمون