"النهضة" التونسية ترتب بيتها الداخلي بعد أزمة القوائم الانتخابية

"النهضة" التونسية ترتب بيتها الداخلي بعد أزمة القوائم الانتخابية

21 يوليو 2019
قضيتان "طرحتا بالنهضة وأدتا إلى التجاذبات التي حصلت"(Getty)
+ الخط -
تعيش حركة "النهضة" التونسية منذ بضعة أيام على وقع نقاشات وتجاذبات بين قواعدها المحلية والجهوية وقياداتها التاريخية، خاصة بعد تدقيق ومراجعة المكتب التنفيذي للترشحات المقدمة على رأس القائمات الانتخابية، وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن هذا المخاض مسألة عادية فرضها التنافس على الانتخابات التشريعية، يرى البعض الآخر أن مثل هذه التعديلات غير مقبولة لطابعها الإقصائي.

وأمام التداعيات المحتملة لما آلت اليه الأوضاع سارع المكتب التنفيذي للحركة برئاسة راشد الغنوشي إلى الانعقاد ودراسة الردود، وأكدت الحركة في بيان لها أن المكتب "حريص على التفاعل الإيجابي مع كل الملاحظات الصادرة بحسب ما تمليها السياسات العامة للحركة المصادق عليها من هياكلها التسييرية وما يتطلبه العمل النيابي القادم من كفاءة ومهنية وتمثيلية للثقل الديمغرافي والانتخابي".

وأشارت الحركة إلى "اعتزازها بثراء رصيدها البشري والنضالي وتقديرها الكبير لمختلف إطاراتها التي تقدمت للمنافسة على حيازة شرف تمثيل الحركة، وتذكر أن عدم الإدراج ضمن القوائم تمليه الضوابط المذكورة بالنظام الأساسي للحزب ومن أجل البحث عن التمثيل المناسب لمختلف المحليات والجهات، وكذلك ما يوجبه النظر الإجمالي إلى مختلف المرشحين المحتملين على المستوى الوطني، وما يقتضيه من جمع بين الخبرات البرلمانية والكفاءات السياسية المترشحة".

ودعت الحركة "مختلف هياكلها ومناضليها إلى حسن الاستعداد للانطلاق في تقديم قوائم  الحزب بمختلف الدوائر الانتخابية وإلى الهيئات الانتخابية الفرعية في الآجال القانونية، والعمل على تجاوز كل تداعيات تشكيل القوائم والعمل على إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي الوطني الهام، وافشال كل الحملات الدعائية المغرضة التي تستهدف وحدة الحركة ومكانتها الوطنية والتجربة الديمقراطية برمتها".

وفي هذا الإطار، أكد القيادي فر حركة "النهضة"، عبد الحميد الجلاصي في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ قضيتين "طرحتا في حركة النهضة وأدتا إلى التجاذبات التي حصلت، تتعلق القضية الأولى باحتجاجات في الدوائر الانتخابية لمسائل تقنية فنية انتخابية، فبعض المحليات ترى أن حقها مهضوم وبعض القوائم منقوصة من عناصر شبابية، وهي ردود فعل ذات طبيعة انتخابية يمكن معالجتها، وذلك في علاقة بالمكتب التنفيذي بالجهات وعلاقة المحليات بنفسها، وهي عادة من المشكلات الطبيعية المطروحة".

وبشأن القضية الثانية، والتي أثارت جدلا كبيرا، ذكر الجلاصي أنها تتعلق بـ"شبهة الخلفية السياسية في ترتيب القوائم، فمن المعلوم أن حركة النهضة منذ بضع سنوات حصلت فيها تباينات في وجهات النظر بقضايا سياسية كبرى في التموقع السياسي وفي الحياة الداخلية للحركة، وخاصة فيما يتعلق بالتجديد والديمقراطية والمحاسبة وفي عديد القضايا الجوهرية".

وأوضح أن "الاعتراضات التي حصلت هي شبهة استغلال المكتب التنفيذي لصلاحياته التي يمنحها القانون الأساسي والشطط في استعمالها من أجل إزاحة بعض القيادات على أساس الموقف والتصنيف السياسي".

واعتبر القيادي في الحركة أن هذا الأمر "جعل المناخ مؤخرا غير سليم وجعل بعض القيادات التاريخية تستاء ويتم إبعادها رغم التزكية التي حصلت لها من قبل الناخبين، ورغم أنها حصلت على نتائج كبيرة، وبالتالي فالتعديلات حتى لو كانت جزئية شكلية وقد ترضي بعض الجهات، إلا أنها تعطي رسائل سلبية حول التنوع والديمقراطية داخل الحركة".

وبين المصدر نفسه، أنه "طالما لم يتم تقديم القوائم الانتخابية بشكل رسمي إلى هيئة الانتخابات، فإن المراجعات تبقى ممكنة، رغم أن الوقت يحاصر الجميع، فتقديم الترشحات ينطلق الإثنين وينتهي يوم 29 يوليو، ولو توجد الإرادة فكل شيء ممكن بعيدا عن منطق التصفية السياسية، والنهضة في خضم كل هذا تواجه عديد الأسئلة، فهل متنافسون من المكتب التنفيذي هم الذين يقررون مصير متنافسين فازوا عليهم؟ وهل يمكن استبعاد عناصر حازت على ثقة كبار الناخبين بتعلات تقنية ولكن ذات خلفية سياسية؟

ويؤكد الجلاصي أن "قيادة حركة النهضة أمام امتحان كبير يتعلق بالممارسة الديمقراطية والأخلاق السياسية، وهما الركنان اللذان أديا إلى الانسجام التاريخي لحركة النهضة، والمساس بهما قد يؤدي إلى مرحلة خطيرة توشك أن تمس بأهم ركيزتين".

ولفت إلى أن "كل الاحتمالات ممكنة رغم أنه يغلب التفاؤل والرصانة في هذه المرحلة، وينتظر من عقلاء الحركة النظر إلى مختلف هذه المسائل بعقلانية لأن تونس لا تحتاج إلى إرباك آخر.


تدارس ردود الأفعال

إلى ذلك، بيّن الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة"، عماد الخميري أن "ردود أفعال أبناء الحركة وتفاعلهم مع القائمات المصادق عليها للانتخابات التشريعية يتم تدارسها".

وأضاف الخميري في تصريح إعلامي أن "كل محطة انتخابية منذ 2011 رافقتها ملاحظات ونقاشات حول ما يقع تشكيله من قائمات، وهو أمر يحصل في عديد الأحزاب"، مشيرا إلى أن المصادقة النهائية على القائمات هي من الصلاحيات التي يمنحها القانون الأساسي للحركة إلى المكتب التنفيذي.

المساهمون