أوروبا تحذر من مخاطر انهيار الاتفاق النووي..وطهران تعيد شروطها

أوروبا تحذر من مخاطر انهيار الاتفاق النووي.. وطهران تعيد شروطها للتفاوض

14 يوليو 2019
دعت الترويكا الأوروبية إلى وقف التصعيد (Getty)
+ الخط -
دعت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي الايراني، في بيان مشترك اليوم الأحد، إلى "وقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار" في هذا الملف، فيما أعادت طهران وضع شروطها لأي عملية تفاوض مع الولايات المتحدة، وهي رفع العقوبات المفروضة عليها والعودة إلى الاتفاق المبرم في عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب.

وقالت فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان أصدره الإليزيه "نحن قلقون لخطر تقويض الاتفاق تحت ضغط العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وبعد قرار إيران عدم تنفيذ العديد من البنود المحورية في الاتفاق".

وأضافت الدول الثلاث أنه "عقب إعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران وقرار طهران عدم الوفاء ببعض التزاماتها بموجب الاتفاق، فقد بات من المحتمل انهيار الاتفاق" المبرم قبل أربعة أعوام.

وذكر البيان المشترك أن "المخاطر تستدعي من كل أطراف الاتفاق التوقف للنظر في التداعيات المحتملة للإجراءات التي اتخذتها". وأضاف "نؤمن بأن الوقت قد حان للتصرف بمسؤولية، والبحث عن سبل لوقف تصعيد التوتر واستئناف الحوار".

روحاني: التعامل بالمثل

من جهته، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، عصر اليوم الأحد، أن بلاده لا تملك خياراً في مواجهة "الغطرسة" الأميركية إلا الصمود، مشترطاً التفاوض مع واشنطن بتراجعها عن العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي، قبل أن يؤكد أن أي تفاوض يجب أن يجرى على أساس تخلي الإدارة الأميركية عن الظلم والتزامها بالمنطق والاحترام المتبادل.

وأضاف روحاني، في خطاب في اجتماع مجلس إدارة محافظة خراسان الشمالية، شمال شرقي إيران، أن بلاده "لن تستسلم" أمام الولايات المتحدة، وهي "ستتجاوز هذه الظروف منتصرة".

وأوضح أن واشنطن "فشلت في كافة المجاميع الدولية والسياسية والقانونية"، وأن "الشعب الإيراني أظهر قوته"، مشيراً في هذا السياق إلى أنها "فشلت في الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومحكمة العدل الدولية" في مواجهة إيران.

وحول تطورات الاتفاق النووي، أكد روحاني أن إيران لم تنكث بعهدها في الاتفاق، معللاً ذلك بالقول إن "اثنين من قادة العالم أكدا لي خلال مؤتمر شانغهاي (الأخير) أننا المنتصر أخلاقياً وسياسياً في ما يتعلق بالاتفاق النووي".

وقال إن "إسرائيل الخبيثة تسببت في انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، كما أن رجعيين في المنطقة اعترفوا أنهم ضغطوا عليها للخروج من الاتفاق".

وأضاف الرئيس الإيراني أن إيران استبدلت استراتيجية "الصبر الاستراتيجي" باستراتيجية "التعامل بالمثل" اعتباراً من الثامن من أيار/ مايو الماضي، للتعامل مع الاتفاق النووي.

وقال إن "الأوروبيين عجزوا أو لم يرغبوا في اتخاذ خطوات" بموجب الاتفاق النووي، مؤكداً أنه وفق استراتيجية التعامل بالمثل "ستكون التزاماتنا بقدر التزام الأطراف الأخرى بالاتفاق النووي".

وأشار روحاني إلى أن "للصبر أجلاً، وأن صبر الشعب الإيراني قد نفد"، لكنه في الوقت نفسه أكد أن إيران "ستتجاوز هذه الظروف منتصرة وأن أعداءنا قد فشلوا".

وشدد الرئيس الإيراني على "حق إيران في تخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق النووي"، معلنا أن ذلك يستند إلى القرار الرقم 2231، المكمل للاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وفي السياق، أشار إلى أنه "لم يسبق في التاريخ أن دعم مجلس الأمن الدولي أي دولة في تخصيب اليورانيوم"، لافتاً إلى أن ذلك حصل لإيران، إذ إن المجلس سمح لها بالتخصيب بموجب القرار 2231.

وقررت طهران اعتباراً من السابع من شهر يوليو/ تموز الجاري رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 4.5 في المائة، أي أكثر من 3.67 في المائة، الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، مع منح مهلة الستين يوماً الثانية للأطراف الأوروبية لتنفيذ مطالب طهران المتمثلة في تسهيل بيع نفطها ومعاملاتها النفطية.

وفي هذا السياق، أشار روحاني إلى أن الصين وروسيا، الشريكتين في الاتفاق النووي، "أبدتا تعاوناً جيداً مع إيران واتخذتا خطوات" بعد الانسحاب الأميركي منه، لكن "الأطراف الأوروبية لم تنفذ تعهداتها عجزاً أو لعدم وجود رغبة".

وفي تصريحات أخرى، أدلى بها الرئيس الإيراني، اليوم صباحاً، في اجتماع للمواطنين الإيرانيين في مدينة "شيروان" في محافظة "خراسان الشمالية" شمال شرقي إيران، قال إن "أميركا قد فشلت طيلة الـ 14 شهراً (أي بعد الانسحاب من الاتفاق النووي) في كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدولية في مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وفي إشارة إلى اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأربعاء الماضي، والذي عقد بطلب أميركي لمناقشة "انتهاكات إيران" للاتفاق النووي بتقليصها تعهداتها النووية، أكد روحاني أن نتائج هذا الاجتماع كانت لصالح بلاده وأظهرت "نجاح النظام والشعب في إيران"، قائلا إن "جميع الدول ما عدا دولة أو دولتين دعمت إيران ولم تول أي اهتمام للمزاعم الأميركية".

وتابع روحاني أن "محكمة العدل الدولية حكمت ضد أميركا في المرحلة الأولى، بعد أن رفعنا شكوى ضدها"، وذلك في إشارة إلى حكم مبدئي أصدرته المحكمة في الثالث عشر من فبراير/شباط الماضي، ينص على أن بإمكان إيران البدء في مساعيها لاستعادة مليارات الدولارات من الأصول المجمدة لدى واشنطن.

وأضاف روحاني أن بلاده تواجه صعوبات ومشاكل "لكننا لسنا محبطين"، قائلاً إنها "تحملت أقسى العقوبات التي تفرضها أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم".

ولتأكيده قساوة العقوبات وشدتها، لفت الرئيس الإيراني إلى أنها "لو فرضت على أي شعب آخر، لقضي عليه"، مضيفا أن الشعب الإيراني "صمد بكل قوته أمام هذه العقوبات".

ورأى روحاني أن "الرأي العام العالمي يندد بأميركا، وهي هزمت في أفغانستان والعراق وسورية واليمن"، مؤكدا أن "من يزعم أن الشعب الإيراني قد اهتز أمام الضغوط التي تمارس ضده فكلامه غير صحيح وخاطئ وكاذب".


وفيما تثقل العقوبات الأميركية كاهل الاقتصاد الإيراني، مستهدفة جميع مفاصله وتسببت في ارتفاع هائل في الأسعار وتراجع غير مسبوق للعملة الإيرانية، أكد روحاني أنه على الرغم من هذه الضغوط الاقتصادية، فقد انخفضت ديون إيران الخارجية، وكذلك نسبة البطالة فيها خلال العام الماضي". 

موسوي: الضربة بعشر ضربات

من جهته، أكد القائد العام للجيش الإيراني، عبد الرحيم موسوي، في تصريحات نقلتها وكالة "فارس"، أن "أميركا ستتلقى عشر ضربات في حال وجهت ضربة واحدة" لبلاده.

وأضاف أن "أي دولة تقدم الدعم لأميركا في الحرب على بلدنا، سنستهدفها بمقدار دعمها"، مضيفاً أن "القوات المسلحة الإيرانية تلقت تعليمات بأن ترد على أي ضربة بعشر ضربات على أميركا والكيان الصهيوني".

وتابع موسوي أن "هذه هي قدرة إيران القوية"، لافتاً إلى أن "الأميركيين يعرفون هذه القوة جيداً، وأن هذه القوة الرادعة هي التي أبعدت شبح الحرب عن البلاد".

وفي تصريحات أخرى له، في وقت سابق من اليوم، قال القائد العام للجيش الإيراني إن بلاده "لن تكون البادية في أي حرب".

وفي الوقت ذاته، أضاف موسوي أنه في حال شنت حرب على إيران "لن نعتمد الدفاع فحسب، بل قدرتنا الهجومية بعد بدء هجوم المعتدين، ستكون مدمرة تبعث على الندم".

ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية، عن موسوي قوله من مدينة تبريز شمال غربي إيران، إن "الظروف الحالية في العالم والمنطقة تفرض علينا أن نكون متأهبين أكثر من قبل"، مشيراً إلى أن "أعداء الثورة لديهم مخططات شيطانية"، على حد قوله.

وأوضح قائد الجيش الإيراني أنه "كلما يرتفع استعدانا الحربي، فإن قدرتنا على الهجوم بعد الدفاع الأولي ستزداد".​

المساهمون