أختتام أعمال مؤتمر "القدس: تحديات الواقع وإمكانات المواجهة"

أختتام أعمال مؤتمر "القدس: تحديات الواقع وإمكانات المواجهة"

17 يونيو 2019
ركزت الجلسات الأخيرة على مبحث القدس في الإعلام(العربي الجديد)
+ الخط -
اختتمت في العاصمة الأردنية عمان، اليوم الإثنين، اعمال مؤتمر "القدس: تحديات الواقع وإمكانات المواجهة"، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالشراكة مع الجامعة الأردنية ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، ولمدة ثلاثة أيام.

وتناول المؤتمر، الذي شاركت فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين العرب المختصين بالقضية الفلسطينية، على مدار ثلاثة أيام وأربعة عشرة جلسة، في أربعة وثلاثين ورقة بحثية، العديد من المواضيع المرتبطة بالمدينة المقدسة؛ أبرزها: السياسات الأميركية تجاه القدس، والقدس في القانون الدولي والسياسات الأوروبية، والقدس وسياسات الاستيطان، والدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس، والاستعمار الإحلالي وسياساته الديموغرافية والعمرانية، وسياسات المحو الثقافي، والتعليم في القدس، والشباب المقدسي، والصراع على الصورة والمكان، والقدس في الإعلام الدولي.

وفي الجلسات الأخيرة من المؤتمر، التي كانت موضوعة الإعلام إطارها البحثي، دعا المشاركون إلى إيجاد خطاب وطني جامع، يتحلى بالمهنية والموضوعية، من أجل دعم صمود أبناء المدينة المقدسة، ومحاولة حسر الانعكاس الإعلامي للانقسام الفصائلي على المكونات السياسية الفلسطينية في المدينة.

وخلصت الإعلامية والباحثة الأكاديمية سجود عوايص إلى وجود اتجاهين سياسيين سائدين اليوم لتعريف المفاهيم الإعلامية الخاصة بالقدس؛ "أحدهما لحركة فتح والآخر لحركة حماس"، مشيرة إلى أن هناك اختلافًا بين التوجهين؛ "إذ إن حدود مدينة القدس بالنسبة لفضائيتي الأقصى (تابعة لحماس) وفلسطين (تابعة للسلطة) مختلفة، إذ تعتبرها فضائية فلسطين قدسا شرقية، أما (الأقصى) فتعتبرها مدينة واحدة كاملة، عاصمة لفلسطين".

وعرضت الباحثة التجاذبات السياسية والمحددات الحزبية التي تؤثر في قطبَي الإعلام الفلسطيني (فضائيتي فلسطين والأقصى)، ونقاط التوافق والاختلاف التي ميزت تغطية الفضائيتين، والأطر الإعلامية التي انبثقت القدس من خلالها بوصفها مفهومًا.

وقال المحاضر في الإعلام في جامعة فلسطين التقنية محمد اشتيوي، والذي تحدث عبر "سكايب"، بعدما حالت دولة الاحتلال دون مشاركته شخصيا في المؤتمر، إن "الإشكالية الرئيسة التي تواجه الإعلام الفلسطيني تتمثل بغياب رؤية إعلامية فلسطينية موحدة، وتغطية موسمية لقضايا القدس لمصلحة أولويات حزبية وفصائلية في ظل الانقسام الفلسطيني، وفي ظل معاناة مدينة القدس منذ نكسة 1967 من سلسلة إجراءات احتلالية تستهدف تهويدها".

وأضاف أن أهم التحديات التي تواجه المقدسيين تتمثل بـ"سعي الاحتلال لتدمير النواة الصلبة المتمثلة بالعائلة المقدسية؛ وذلك من خلال سلسلة إجراءات تهدف إلى اقتلاع المقدسيين من أرضهم، وتهويد التعليم، ونزع الهوية العربية الإسلامية، وفرض الطابع اليهودي عَبْر الاستيطان وجدار الفصل العنصري والحفريات".

أما المعوقات التي تواجه الإعلام الفلسطيني في القدس، فلخّصها الباحث بـ"غياب الخطاب الإعلامي الموحد، والرؤية الإعلامية الموحدة، في ظل التوجهات الحزبية الضيقة، إضافةً إلى معوقات يضعها الاحتلال على عمل المؤسسات الإعلامية".

وقدم الباحثان أسعد حمودة وإيهاب عوايص ورقة حول معالجة مواقع القنوات الفضائية الغربية الإلكترونية لقضية نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، ومدى الاهتمام وردّات الفعل بشأن هذه القضية، إضافة إلى التعرف إلى الوسائل والعناصر التفاعلية والخدمات المساعدة المستخدمة في إبراز الموضوعات التي تناولت قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والمقارنة بينها للوقوف على نقاط الاتفاق والاختلاف في معالجة كل موقع لهذه القضية.

وأشارا إلى "استخدام استراتيجية الصراع في تأطير الموضوعات المتعلقة بقضية نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس، مع قلة الاهتمام باستخدام العناصر التفاعلية وعناصر الإبراز في تغطية الحدث وتفاعلاته في الشارع العام"، ويعود هذا التباين في التغطية بين عيّنات الورقة، بحسب الباحثين، إلى "اختلاف أجنداتها وسياساتها التحريرية التي ترتبط بعدد من العوامل والمحددات السياسية والتمويلية التي تؤثر فيها وتتحكم في شكل هذه التغطية وطبيعتها".

بدورها، قالت الأستاذة المشاركة في قسم الاتصال الجماهيري في جامعة الشارقة عبير النجار إن عدم التكافؤ في القوة والموارد بين طرفَي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يشكل أهم سمات الصراع، ويتجلى في عدد من الصور، أهمها صورة الصراع وأطرافه في الإعلام الدولي.
وتابعت أن هذا الخلل أنتج تغطية إخبارية منحازة، إلى حد بعيد، إلى الرواية الإسرائيلية. وتاريخيًا، كانت إسرائيل حريصة على بناء وجودها في الأرض الفلسطينية على أسس دينية، ومن ثم حولت قصة الصراع على المدينة بعيدًا عن الاحتلال العسكري وحقوق الإنسان والقانون الدولي، تجاه رواية تتمركز حول المزاعم التوراتية و"الإرهاب الإسلامي".


بدوره، قدم المحاضر في جامعة البلقاء التطبيقية عمر الشخيبي، ومدرس التصميم في جامعة عمان الأهلية محمد الرنتيسي، ورقة حول العمارة في مدينة القدس، والتي امتازت بعناصر عدة، مثل "الزخرفة، والخط، والتكسيات، والأثاث الثابت، والإضاءة، واتسمت مبانيها الدينية، في الغالب، بعدة صفات مشتركة يربطها التخطيط العام، من خلال البساطة في تكوين شكل التخطيط والمظهر العمراني، والتفصيلات الهندسية الدقيقة".

ووفق الورقة البحثية، "تشترك تلك المباني في معايير تصميمية تحدد شكل الفضاء الداخلي للعمارة الدينية في مدينة القدس، مرتبطة بفهم سلوك المستخدم للفضاء الداخلي على أنه علاقة تبادلية مستمرة بين الإنسان والفضاء الداخلي المحيط به".

من جهتها، تطرقت الباحثة في نقد الفن التشكيلي مليحة المسلماني، إلى صورة المكان في المدينة المقدسة، التي "تتنازعها أضدادٌ نشأت عن تناقضات اشتمل عليها الفكر الصهيوني منذ البدايات، وما زال الموقف الأيديولوجي الإسرائيلي تجاه المكان في فلسطين، وتجاه الفلسطينيين، مُحتكمًا إلى أسسِ الفكر الصهيوني وركائزه".

وأوضحت أن "صورة المكان في فلسطين ترجمة بصرية واقعية لمخيِّلة المستعمِر وتصوراته تجاه ذاته، وتجاه المستعمَرين؛ فحين يتعلق الأمر بتصوّرات إسرائيل تجاه ذاتها، وتجاه ذاتها أمام الآخر، يصبح المكان، في الخطاب الرسمي الإسرائيلي، وفي أشكال وجوده على أرض الواقع، فضاءً لدولة (متقدمة وحضارية ومتطورة تهتم بالإنسان وبرفاهه وبالطبيعة وبالتكنولوجيا)، وحين يتعلق الأمر بتصوّرات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، يتحول المكان إلى سجن كبير يحاصر الفلسطيني باعتباره آخرَ معزولًا وغير مرئيّ"، أما تمثلات هذا السجن، فهي "الجدار والحواجز والوجود العسكري المكثّف في المكانِ الحافل بحوادث التنكيل والقتل والاعتقال".

المساهمون