انطلاق باكورة الحراك الشعبي الفلسطيني ضدّ ورشة البحرين

انطلاق باكورة الحراك الشعبي الفلسطيني ضدّ ورشة البحرين

15 يونيو 2019
من المسيرة التي انطلقت في رام الله اليوم(العربي الجديد)
+ الخط -
أطلق الفلسطينيون، اليوم السبت، باكورة حراك شعبي ضد ورشة المنامة الاقتصادية المزمع عقدها نهاية الشهر الجاري، بدعوة من الولايات المتحدة الأميركية، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، حيث انطلقت مسيرة ضد الورشة بعد ظهر اليوم، من وسط مدينة رام الله، وبينما أكدت الرئاسة ومنظمة التحرير الفلسطينية والفصائل والقوى الفلسطينية رفضها لتلك الورشة، يجري الاستعداد لعقد مؤتمر شعبي عربي مطلع الشهر القادم في العاصمة اللبنانية بيروت.

وشارك في المسيرة، التي أعلنت عنها القوى الوطنية والإسلامية ومنظمات المجتمع المدني والحراكات الشعبية، العشرات من الفلسطينيين الذين هتفوا ضد "صفقة القرن"، وورشة البحرين، و"الحكام العرب"، ووصل الحد في بعض الهتافات إلى وصف المشاركة بالورشة بـ"العمالة"، فيما رفع مشاركون لافتات اعتبرت أن "صفقة ترامب" قد ولدت ميتة، ولافتات أخرى طالبت الدول العربية بالتراجع عن المشاركة في ورشة المنامة.

المشاركون هتفوا ضد صفقة القرن (العربي الجديد) 

ومن المقرر استمرار الفعاليات وصولاً ليومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الجاري، موعد انعقاد ورشة المنامة، كما صرح لـ"العربي الجديد" منسق القوى الوطنية والإسلامية في رام الله عصام بكر.

وأكد بكر أن المسيرة اليوم تأتي في سياق إقرار تلك الفعاليات في اجتماعات موسعة ضمت قوى وفصائل واتحادات شعبية وممثلين عن الفعاليات والمقاومة الشعبية، مشدداً على موقف الإجماع الرسمي والشعبي في رفض التعاطي مع أية صيغ ومقترحات من شأنها القفز على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.



وأشار بكر إلى أن شكل التحرك الفلسطيني المقبل سيكون موحداً بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وستُنظم مسيرات في مراكز المدن، والداخل الفلسطيني، وقطاع غزة، والشتات، وسترسل عدة رسائل للجاليات الفلسطينية، والأحزاب العربية، والاتحادات النقابية والمهنية على مستوى العالم العربي، والشركاء في دول العالم، لتنظيم فعاليات أمام ممثليات مملكة البحرين لثنيها عن استضافة الورشة.

وقال بكر: "إن الولايات المتحدة تريد من خلال ورشة البحرين وصفقة القرن استبدال الأولويات، من إنهاء الاحتلال وحق تقرير المصير، إلى تحسين الأوضاع المعيشية للسكان". مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يناضل من أجل حقوق سياسية، وليس من أجل تحسين الحياة اليومية للسكان تحت الاحتلال.

ووجه بكر حديثه للدول العربية قائلاً: "لطالما قال العرب نقبل ما يقبل به الشعب الفلسطيني، واليوم الشعب الفلسطيني موحد برفض هذه الورشة، باعتبارها إحدى حلقات صفقة القرن المشبوهة، وبالتالي السؤال المطروح: لماذا يقبل العرب بما يرفضه الفلسطينيون؟ إلا إذا كان ذلك جزءاً من الدوران بالفلك الأميركي، ومحاولة القفز عن الحقوق الفلسطينية المشروعة"؟

الرئاسة الفلسطينية للإدارة الأميركية: لا تجربوا حلولاً جُربت

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في تصريح له، إن "المؤامرة الأميركية تعثرت، وتغير اتجاهها والسبب أن الرفض الفلسطيني وموقف الرئيس الواضح من القدس واللاجئين والثوابت الوطنية هو حجر الزاوية الذي أدى إلى تعثر مسار المؤامرة على الشعب الفلسطيني، وهذا يؤكد أن فلسطين الأرض مسكونة بالتاريخ والتراث والدين، والقدس تمثل الروح لهذا الوجود المقدس"، مشيراً إلى أنه "ربما يصبح ما يصدر عن ورشة البحرين وثيقة خارجة عن القانون الدولي والشرعية العربية، بعد تراجع الموقف الأميركي من صفقة القرن إلى ورشة".

وأضاف أبو ردينة، أن "موقف الرئيس عباس في قمم مكة، ووحدة الموقف الفلسطيني والإجماع العالمي على الحفاظ على حل الدولتين والقانون الدولي هو نتيجة هذا الخط السياسي، حيث لا يمكن تجاهل إرث الذين خاضوا النضال، فذلك هو جوهر الخط الوطني المتواصل للتاريخ عبر كل العصور".

وأشار إلى أن "هدف الوثيقة الاقتصادية الحقيقي هو لتجنب مفاوضات سياسية على أسس الشرعية الدولية، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى طريق مسدود"، مشدداً على أنه يجب على الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي "ألا يُجربوا حلولا جُربت وفشلت عبر السبعين عاماً السابقة، خاصة أنه منذ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، عندما صوتت الجمعية العامة بأغلبية ساحقة على قبول دولة فلسطين على حدود 1967، بعاصمتها القدس الشرقية كعضو مراقب، كان ذلك نهاية لخطط الاستعمار والذي بدأ بوعد بلفور وحتى هذه اللحظة من خلال صفقة ولدت ميتة".

في سياق متصل، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، لـ"العربي الجديد"، والذي شارك في فعالية اليوم إن "الحراك الشعبي هو تعبير عن الموقف الفلسطيني وإجماعه في رفض ورشة البحرين، التي تأتي في إطار ما يسمى صفقة القرن الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، وفي إطار التطبيع المجاني مع الاحتلال".

وطالب أبو يوسف ببلورة موقف عربي داعم للموقف الفلسطيني، وقطع الطريق على أي اختراق لهذا الموقف. متوقعا أن تكون نتائج الورشة صفراً في ظل الموقف الفلسطيني، رغم إعلان دول عربية المشاركة.

وأشار أبو يوسف إلى وجود اتصالات جرت خلال الأسابيع الماضية مع الدول العربية، ومن خلال القمتين العربية والإسلامية، ومطالبة الدول العربية بعدم المشاركة.

أما أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات فذكر في تغريدة له على موقع "تويتر": "أن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين يواصلون اجتماعاتهم ليقرروا ما هو الأفضل للفلسطينيين، آخر النتائج أن المقاطعة لإسرائيل ليست في مصلحة الشعب الفلسطيني، في حين استمرار الاحتلال، الاستيطان، سرقة أرضهم وثرواتهم الطبيعية وأموالهم، والمياه، والعقوبات الجماعية، هي ما يخدم مصالحهم".

بدوره، أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، في تغريدة له على موقع "تويتر"، على رفضه لشعار "الازدهار مقابل السلام" في إشارة لورشة البحرين، على حساب الحقوق الفلسطينية، وقال الشيخ: "الحقوق لا تسقط، ولا تموت تحت بساطير المحتلين، لا لشعار الازدهار مقابل السلام كبديل عن الأرض مقابل السلام".

فتح تعلن عن الإضراب الشامل 
وفي قت لاحق، أعلنت حركة فتح، عن الإضراب الشامل في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، بالتزامن مع ورشة المنامة.

وجاء في بيان صادر عن مفوضية التعبئة والتنظيم التابعة لحركة فتح، أن برنامج فعاليات رفض مؤتمر البحرين، والذي يشارك فيه كل فصائل العمل الوطني وفعاليات المجتمع المدني سيكون وفق الآتي: يوم الإثنين 24 من الشهر الجاري (مسيرات في كل أنحاء الضفة الغربية)، ويوم الثلاثاء، 25 من الشهر الجاري يوم إضراب شامل.

ولم تقتصر الهتافات والمطالبات في الفعالية التي جرت اليوم على ورشة المنامة، ومطالبة الدول العربية بالتراجع عن المشاركة، بل أيضاً اشتملت على مطالبة الرئيس محمود عباس بحل لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي.


وقال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، الناشط خالد منصور، لـ"العربي الجديد": "إن ورشة البحرين هي شكل من أشكال التطبيع، لأنها قلبت المبادرة العربية من إقامة الدولة ثم التطبيع، إلى التطبيع أولاً، إن التطبيع الفلسطيني محرج، فحين نطالب بوقف التطبيع العربي سيقال لنا أوقفوا تطبيعكم، ولذلك وجهنا رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن وجود لجنة للتواصل مع الإسرائيليين، والذي شجع الكثير من أشكال التطبيع داخلياً وخارجياً".

وأضاف منصور: "لن ننجح بمواجهة صفقة القرن ولا يمكن أن ينظر لنا أننا جادون في ذلك، طالما لم نتوحد ولم نطبق قرارات المجلس الوطني وعلى رأسها وقف العلاقة مع الاحتلال وعلى رأسها التنسيق الأمني، وتحويل المقاومة الشعبية لمقاومة أكبر إيلاماً للمحتل"، فيما شدد قائلاً: "ما دمنا موحدين في مواجهة صفقة القرن، فلا بد لنا أن ننهي الانقسام الفلسطيني كخطوة أولى".

 

مؤتمر شعبي في بيروت لتفعيل الحراك العربي

في غضون ذلك، تجري محاولات أخرى لتفعيل الحراك الشعبي العربي عبر مؤتمر شعبي سيُعقد مطلع الشهر القادم، في العاصمة اللبنانية بيروت.

وقال عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح عزام الأحمد في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، إن "مؤتمراً شعبياً عربياً واسعاً سيُعقد في العاصمة اللبنانية بيروت في السابع من الشهر المقبل بمشاركة الأحزاب العربية والبرلمانيين العرب لتأكيد التلاحم العربي في مواجهة صفقة القرن، وإحباط أية قرارات تصدر عن ما تسمى ورشة البحرين، ودعوة الحكومات العربية لمقاطعتها". مشيراً إلى أن اجتماعات ستعقد في العواصم العربية بالتزامن مع ورشة البحرين رفضاً لها ولقراراتها.

في سياق منفصل، وعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، قال الأحمد: إن "هناك حراكاً مصرياً في ملف المصالحة يجري بكل هدوء بعيداً عن الإعلام بالتوازي مع تحركات من أطراف عربية أخرى لاسيما رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، دون أي تعارض مع الجهود المصرية".

وشدد الأحمد على أن الجميع لديهم قناعة أنه "لا حاجة لحوارات أو اتفاقات جديدة، وإنما تنفيذ اتفاق القاهرة 2017 ". مشيراً إلى أن حماس ما تزال تريد كسب الوقت عبر حوارات جديدة دون نتائج، لإيهام الجميع أنها ماضية في جهود المصالحة.