مصر: خطة من 3 محاور لإفشال مقاطعة القضاة للاستفتاء

مصر: خطة من 3 محاور لإفشال مقاطعة القضاة للاستفتاء

19 ابريل 2019
النظام يضغط لرفع نسبة الإقبال على الاستفتاء (فرانس برس)
+ الخط -
وضع النظام المصري خطة لتلافي المشكلات المتوقعة خلال أيام الاستفتاء على التعديلات الدستورية، المحددة من يوم غد السبت إلى الإثنين المقبل داخل مصر، جراء دعوات القضاة في العديد من الهيئات القضائية، لمقاطعة الإشراف على الاستفتاء والاعتذار، احتجاجاً على مضمون التعديلات الذي يهدر ما تبقى من استقلال القضاء، ويقلّص صلاحيات مجلس الدولة والمحكمة الدستورية، ويجعل رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي رئيساً أعلى لمجلس يجمع الهيئات القضائية، فضلاً عن كونه صاحب سلطة اختيار جميع رؤساء الهيئات.

وقالت مصادر في الهيئة الوطنية للانتخابات، المشرفة على إجراء الاستفتاء، إنّ إدارتي مجلس الدولة ومجلس القضاء الأعلى، أبلغتا منذ أيام عدة بتلقيهما مئات الاعتذارات من قضاة مجلس الدولة والاستئناف والمحاكم الابتدائية عن الإشراف على الاستفتاء، وذلك بصورة غير مسبوقة منذ استفتاء دستور 2012، في استجابة متوسطة لدعوات المقاطعة المتداولة على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت المصادر أنّ الهيئة، وللتغلّب على دعوات المقاطعة هذه، وضعت خطة من 3 محاور وبدأت في تنفيذها بالفعل. أول محاور الخطة هو زيادة المقابل المالي للقاضي المشرف، حيث سيتم تخصيص مبلغ 15 ألف جنيه (871 دولاراً) لكل قاض في اللجان العامة، و14 ألف جنيه لكل قاض في اللجان الفرعية. أي أنّ بند بدلات القضاة فقط، سيكلف ميزانية الدولة نحو 220 مليون جنيه في هذا الاستفتاء، لأكثر من 15 ألف قاض يشاركون في الإشراف عليه. علماً بأن أكبر بدل تقاضاه القضاة في السابق كان 7 آلاف جنيه في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

وبحسب المصادر، فإنّ زيادة المقابل المالي أفلحت في اجتذاب عشرات القضاة الذين لم يكونوا مطلوبين للمشاركة في الإشراف على الاستفتاء بسبب تأخر درجاتهم الوظيفية أو لانشغالهم في إدارة جلسات وأعمال ملحة، إذ تلقّت الهيئة طلبات من بعض القضاة للانضمام للإشراف، والحصول على هذا البدل الكبير بالنسبة للرواتب الشهرية التي يتقاضاها معظمهم، خصوصاً في القضاء العادي.

المحور الثاني للخطة، هو دمج اللجان، مع زيادة عدد أيام الاقتراع إلى ثلاثة. إذ خفضت الهيئة عدد اللجان الإجمالي على مستوى الجمهورية إلى 13 ألفاً و919 لجنة فرعية فقط، مع مضاعفة عدد الناخبين في كل لجنة، ليصل إلى أكثر من 4 آلاف ناخب في المتوسط. وهو ما اقتضى بطبيعة الحال، زيادة عدد الموظفين الذين يساعدون القضاة في إدارة اللجان إلى نحو 120 ألف موظف، سيحصلون على مكافآت متفاوتة القيمة، تبدأ من 500 جنيه وتصل إلى 1500 جنيه، بحسب أقدميتهم والجهات التي ينتمون إليها.

أمّا المحور الثالث من الخطة، فيتمثّل في الشقّ الأمني والاستخباراتي والرقابي، إذ تمّ التنبيه على جميع القضاة قبل توزيع أوراق الاقتراع عليهم، بضرورة الالتزام بالمشاركة، مع التهديد باتباع إجراءات قاسية مع المعتذرين والمقاطعين لأسباب غير المرض وظروف الأسرة، بموجب مستندات رسمية تُقدّم لإدارة الهيئة القضائية.

وفي سياق هذا المحور أيضاً، نبّهت إدارات الهيئات القضائية على أندية القضاة، بضرورة اقتصار عمل غرف عمليات مراقبة الاستفتاء على التواصل مع القضاة لحلّ المشاكل اللوجستية والمادية التي قد تواجههم في المناطق النائية، وتسهيل تواصلهم مع الهيئة الوطنية، لكن من دون إعلان أي بيانات عن سير عملية الاقتراع أو رصد أي مخالفات داخل اللجان وخارجها، أو نشر تفاصيل عنها في وسائل الإعلام، كما كان يحدث في الانتخابات الماضية.

لكنّ الخطة التي تبدو محكمة لمواجهة أي مشاكل محتملة، لم تكفِ للحدّ من ارتباك الهيئة الوطنية للانتخابات حتى الآن، وقبل ساعات من انطلاق التصويت داخل مصر. وبحسب المصادر، هناك سبب آخر للارتباك، يكمن في عدم تحديد الحكومة إلى الآن، ما إذا كانت ستمنح الموظفين عطلات رسمية أو إجازات غير معلنة، ليشاركوا في الاستفتاء بالإقبال الذي يرجوه النظام.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة في بيان أمس الخميس، أنها لن تمنح العاملين بها إجازات في أيام الاستفتاء، فإنّ المؤشرات المتاحة للمصادر القضائية داخل الهيئة الوطنية للانتخابات ترجح "منح العاملين بمختلف جهات الدولة عطلات كل على حدة، أو السماح لهم بالمغادرة لمنازلهم مباشرة بعد التصويت، كنوع من المكافأة والتحفيز على المشاركة". وأوضحت المصادر أنّ الإقدام على هذه الخطوة سيتوقف على حجم الإقبال في يوم الاستفتاء الأول، ونوعية المشاركة أيضاً، في ظلّ انتشار الدعوات الإلكترونية للمشاركة والتصويت بـ"لا"، وعدم المقاطعة.

وأشارت المصادر إلى أنّ "تمكين النظام من التحكّم في نسبة الإقبال ونوعيته، كان هو الهدف الرئيس لجعل الاقتراع على مدى 3 أيام"، بشكل يتيح ذلك معالجة آثار نجاح حملة المعارضة المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبدأت الأذرع الميدانية للاستخبارات العامة والأمن الوطني، الأسبوع الماضي، عملها في القاهرة الكبرى والمحافظات، لحشد المشاركة في الاقتراع، وترغيب المواطنين من خلال مزايا نقدية وعينية، مقابل التصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية، مع إجبار أصحاب رؤوس الأموال على الدعاية للتعديلات، والمساهمة في نفقات وسائل الحشد كحقائب الأغذية (شنط رمضان) وسيارات نقل الناخبين.