ترامب ينقض قراراً للكونغرس ينهي المشاركة الأميركية بحرب اليمن

ترامب يستخدم الفيتو ضد قرار للكونغرس ينهي الدعم الأميركي للتحالف بحرب اليمن

17 ابريل 2019
ثاني فيتو لترامب خلال رئاسته (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -
قال البيت الأبيض، الثلاثاء، إنّ الرئيس دونالد ترامب استخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار للكونغرس؛ يسعى لإنهاء الدعم الأميركي للتحالف السعودي- الإماراتي في حرب اليمن، الأمر الذي أثار سخط نواب أميركيين، لاسيما الذين عملوا على صياغة مشروع القرار، بينما رحّبت الإمارات وحدها بالفيتو.

وقال ترامب، في الرسالة التي أعلن فيها استخدام الفيتو، وفق ما أوردت "رويترز"، إنّ "هذا القرار محاولة غير ضرورية وخطيرة لإضعاف سلطاتي الدستورية، وهو ما يعرّض للخطر مواطنين أميركيين وجنوداً شجعان، في الوقت الحالي وفي المستقبل".

وشدد على "حماية أمن أكثر من 80 ألف أميركي يعيشون في بعض دول التحالف التي كانت عرضة لهجمات الحوثيين من اليمن". وقال ترامب أيضاً إنّ القرار "يؤذي السياسة الخارجية للولايات المتحدة" و"علاقاتنا الثنائية".

وأقرّ مجلس النواب مشروع القرار، في إبريل/نيسان، بينما أقرّه مجلس الشيوخ في مارس/آذار الماضي، في أول مرة يقرّ فيها مجلسا الكونغرس مشروع قانون بشأن صلاحيات الحرب، والذي يقيّد قدرة الرئيس على إرسال قوات للمشاركة في عمليات.

ولم يكن تصويت مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، بأغلبية 247 صوتاً مقابل 175، ولا تصويت مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بأغلبية 54 صوتاً مقابل 46، كافياً لإبطال الفيتو الذي يحتاج إلى أغلبية الثلثين في المجلسين.

ويقول مؤيّدو التشريع إنّ حملة القصف التي يشنّها التحالف بقيادة السعودية في اليمن، فاقمت الأزمة الإنسانية، وينتقدون الرياض بشدة بسبب مقتل مدنيين.

وقالوا أيضاً إنّ المشاركة الأميركية في اليمن، تنتهك الإلزام الدستوري بأنّ الكونغرس، وليس الرئيس، هو من يقرر متى تخوض البلاد الحرب.

وأسفرت الحرب المستمرة منذ أربع سنوات في اليمن، بين التحالف بقيادة السعودية والمسلحين الحوثيين المدعومين من إيران، عن مقتل عشرات الآلاف، وتسببت فيما تصفها الأمم المتحدة "بأسوأ أزمة إنسانية" في العالم.

وقرار الكونغرس كان بمثابة تقريع لترامب من قبل الديمقراطيين والجمهوريين، وخطوة تاريخية تنتقص من صلاحيات الرئيس في اتخاذ قرارات الحرب.

ضوء أخضر لاستمرار الحرب

واعتبر رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند، أنّ نقض القرار هو "ضوء أخضر لاستمرار استراتيجية الحرب التي تسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم".

وأضاف، بحسب ما ذكرت "فرانس برس"، أنّ "هذا الفيتو من قبل الرئيس ترامب خاطئ على الصعيد الأخلاقي والاستراتيجي. إنّه يحبط آمال الشعب اليمني في فترة هدوء، ويترك الولايات المتحدة متمسكة باستراتيجية فاشلة".

ولفت إلى أنّ "اليمن عند نقطة الانهيار حيث يوجد 10 ملايين شخص على حافة المجاعة. هناك ما يصل إلى 100 ضحية مدنية في الأسبوع، ومن المرجحّ أن يُقتل اليمنيون في منازلهم أكثر من أي مكان آخر".


وهذا الفيتو هو الثاني في فترة رئاسة ترامب، إذ سبق أن نقض قراراً للكونغرس يهدف إلى إلغاء حالة الطوارئ الوطنية التي أعلنها من أجل تأمين المزيد من التمويل للجدار الذي يريد أن يبنيه بين الولايات المتحدة والمكسيك.

واعتبر ترامب أنّ قرار الكونغرس "يؤثر سلباً على جهودنا المستمرة لمنع الإصابات بين المدنيين، ومنع انتشار التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة في شبه جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية، ويشجع نشاطات إيران الخبيثة في اليمن".

والقرار الذي أقرّه مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، يُعدّ تاريخياً، إذ إنّها المرة الأولى التي يصل فيها إلى مكتب الرئيس قرار يستند إلى قانون "قوى الحرب" لعام 1973 الذي يمنح الكونغرس حق سحب القوات العسكرية إذا لم يكن نشرها قد تم بتفويض منه.



ويقول الديمقراطيون إنّ الانخراط في الحرب اليمنية من خلال المعلومات الاستخبارية والدعم اللوجستي وبيع الأسلحة وتزويد الطائرات بالوقود في الجو، الذي تم وقفه سابقاً، هو عمل غير دستوري من دون موافقة الكونغرس.

ويحذر المنتقدون للتدخل العسكري من أنّ القوات السعودية تستخدم على الأرجح الأسلحة الأميركية لارتكاب فظائع في الحرب المستمرة منذ أربع سنوات.

وقُتل في النزاع اليمني نحو 10 آلاف شخص على مدار السنوات الأربع الماضية، وفق منظمة الصحة العالمية، على الرغم من أنّ منظمات حقوق الإنسان تقول إنّ عدد القتلى قد يكون أعلى بخمس مرات.

سخط من النواب

مشروع القانون الذي يدعو إلى إنهاء الدور الأميركي في الحرب اليمنية، قدّمه في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى مجلس الشيوخ، النواب: بيرني ساندرز، ومايك لي، وكريس ميرفي، بينما قدّمه إلى مجلس النواب، كل من: رو خانا، ومارك بوكان، وبراميلا جايابال.

واعتبر مشروع القانون الحكومة السعودية "نظاماً استبدادياً ذا سياسة عسكرية خطيرة، ومدمرة، وغير مسؤولة".

وتعليقاً على فيتو ترامب، قال ساندرز، في تغريدة على "تويتر"، الثلاثاء، إنّ " الشعب اليمني يحتاج بشدة إلى المساعدة الإنسانية، وليس إلى مزيد من القنابل". وأضاف "شعرت بخيبة أمل، لكنني لست مندهشاً من أنّ ترامب رفض القرار الثنائي للحزبين الجمهوري والديمقراطي، لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب المروعة في اليمن".


من جهته، قال النائب رو خانا، أحد الذين قدّموا مشروع القرار لمجلس النواب، إنّ "الفيتو من رئيس انتخب على أساس وعد بوضع حد لحروبنا التي لا تنتهي، يعد فرصة ضائعة مؤلمة".

وأضاف، في منشور على "فيسبوك"، أنّ  مشروع القرار "يرسل إشارة واضحة للسعوديين بأنّ عليهم رفع الحصار والسماح بالمساعدات الإنسانية في اليمن، إذا كانوا مهتمين بعلاقتهم بالكونغرس".


ووصف النائب كريس مورفي، أحد الذين قدّموا مشروع القرار إلى مجلس الشيوخ، فيتو ترامب بأنّه "خطأ كبير"، مشيراً إلى أنّ الجمهوريين والديمقراطيين، أجمعوا على إرسال رسالة واضحة مفادها بأنّ الولايات المتحدة يجب ألا تكون متورطة في الحرب على اليمن"، مشدداً على أنّه سيواصل العمل لتأكيد سلطة الكونغرس في مسائل الحرب.

وقال مورفي في تغريدة على "تويتر"، إنّ "أميركا لا تستند إلى شيء، إذ تشارك طواعية في ذبح المدنيين"، واصفاً فيتو الرئيس الأميركي بأنّه "واحد من أحلك أيام رئاسة ترامب".


وفي المواقف، قالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إنّ "الصراع في اليمن هو أزمة إنسانية مروعة تتحدى ضمير العالم بأسره. ومع ذلك، اختار ترامب بسخرية، مخالفة تصويت ثنائي لمجلسي الكونغرس، وإدامة مشاركة أميركا المخزية في هذه الأزمة المفجعة".

وأضافت بيلوسي، في تغريدات على "تويتر"، "هذا الصراع يجب أن يتوقف الآن. إنّ مجلس النواب يدعو الرئيس إلى تقديم السلام على السياسة، والعمل معنا للتوصل إلى حل دائم لإنهاء هذه الأزمة وإنقاذ الأرواح".


الإمارات تشيد بالفيتو

ووسط المواقف المنتقدة، وحدها رحّبت أبوظبي بخطوة الرئيس الأميركي، وأشاد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، باستخدام ترامب (الفيتو) ضد قرار الكونغرس.

وقال قرقاش، على "تويتر"، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء، "تأكيد الرئيس ترامب على دعم التحالف العربي في اليمن إشارة إيجابية". وأضاف أنّ القرار "استراتيجي وجاء في الوقت المناسب".