الجزائر: هل تُسقط "جمعة الرحيل" تكليف بدوي؟

الجزائر: هل تُسقط "جمعة الرحيل" تكليف بدوي؟

الجزائر
60244E7B-773C-460F-B426-426EBC60D89E
عثمان لحياني
صحافي جزائري. مراسل العربي الجديد في الجزائر.
15 مارس 2019
+ الخط -
يتّجه الوضع في الجزائر إلى المزيد من التعقيد، فرئيس الحكومة المكلف نور الدين بدوي، لم يقدّم أمس الخميس في مؤتمره الصحافي الأول بعد تكليفه تشكيل الحكومة، أي أجوبة للأسئلة السياسية المتعلقة بالتطورات الحاصلة في البلاد، ولا أي تصوّر للحل، وهو الأمر الذي دفع قوى معارضة للتعبير عن خيبة أملها، ورفضها خارطة الطريق التي تطرحها السلطة، وذلك قبيل تظاهرات مقررة اليوم الجمعة تعتبرها المعارضة والحراك الشعبي "محورية".

ويستعد الحراك الشعبي اليوم لرابع جمعة غضب منذ 22 فبراير/شباط الماضي، وصفها الناشطون وكوادر الحراك بـ"جمعة الرحيل". ومن جمعة إلى أخرى، يرتفع سقف مطالب الحراك، من إلغاء الولاية الخامسة إلى رحيل الحكومة ورموز النظام، فيما شعارات الجمعة الرابعة تستهدف منع بدوي من تشكيل حكومته، ودفع الرئاسة إلى الإقرار بالواقع السياسي الذي فرضه الشارع، والقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية تقودها شخصية سياسية معارضة، وبدء حوار مباشر مع المعارضة والحراك، خارج إطار ندوة الوفاق التي تسعى الحكومة إلى طرحها.

وتوقّع القيادي البارز في الحراك الشعبي، عبد الوكيل بلام، أن تكون الجمعة الرابعة "الأكبر في تاريخ الجزائر، وبكل سلمية"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد": "حققنا جزءاً من مطالب الحراك المتعلقة بوقف كارثة العهدة الخامسة، لكن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يريد أن يحصل بالتمديد على ما لم يحصل عليه بالانتخابات، وهذه مراوغة لأنه يريد أن ينفذ نفس أفكار رسالة الترشح التي نشرها في الثالث من مارس، بطريقة مغايرة". وأشار إلى أن "السلطة تعتبر أنها يمكن أن تربح عامل الوقت لصالحها، والحقيقة أنها تخسر أكثر من جمعة إلى أخرى، وإذا كانت تراهن على إرهاق الشارع فهي واهمة".

في المقابل، كان بدوي يعلن، في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ تعيينه، عن بدء مشاورات لتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة تضم كفاءات، سيتم الإعلان عنها بداية الأسبوع المقبل، وسط دعوات للمعارضة للمشاركة في الحكومة والمساهمة في التوجّه بالبلاد إلى "الجزائر الجديدة" عبر مرحلة انتقالية. وقال بدوي إنه بدأ المشاورات الأولية "لتشكيل حكومة تكنوقراطية تضم كفاءات من الشباب الجزائري، ولن تتجاوز مهمتها السنة"، موضحاً أن "مهمة حكومتي محددة بوقت أقل من سنة، وسيتم بعد تشكيل الحكومة الإعلان عن الهيئة التي ستشرف على ندوة الوفاق الوطني، وهي ندوة حرة وسيدة ستحدد المعالم الدستورية وخطوات المرحلة الانتقالية". وهذه المرة الأولى التي يقر فيها رئيس حكومة ومسؤول جزائري عن حاجة الجزائر إلى المرور عبر مرحلة انتقالية، بعد فترة كانت فيها السلطة وقادة أحزاب الموالاة، تهاجم بحدة قوى المعارضة عند حديثها عن الحاجة إلى مرحلة انتقالية.

ودعا بدوي المعارضة وقادة الحراك الشعبي إلى الحوار، قائلاً "أبوابنا مفتوحة للجميع لأن الوطن يتطلب منا العمل معاً، يجب أن يتكاتف الجميع لحساسية الظرف في البلاد". وتعهد "بأن تكون أبوابنا مفتوحة للجميع ونستمع للجميع". واللافت أن هذه الدعوات الملحّة للمعارضة من قبل الحكومة، تعبّر عن تحوّل كبير في خطاب السلطة، إذ أجبر الحراك الشعبي الحكومة والسلطة في كل مفاصلها السياسية إلى الخضوع لمنطق الحوار، بعد عقود من العناد السياسي وتجاهل قوى المعارضة.
وتهرّب رئيس الحكومة عن الرد على سؤال حول عدم وجود أي مستند دستوري يسمح للرئيس بإرجاء الانتخابات، عدا حالة الحرب وتهديد السلامة الوطنية وفقاً للمادة 107 من الدستور، مشيراً إلى أن بوتفليقة قدّر وفقاً لمسؤولياته السياسية والوضع الراهن اتخاذ القرار الذي يخدم مصلحة البلاد. وفي سياق آخر، نفى بدوي إصداره كوزير للداخلية في الحكومة المقالة، أي تعليمات للأجهزة الأمنية تخص مراقبة الناشطين وملاحقتهم، كما تعهد برفع القيود عن تنقّل بعض الناشطين والأفراد، ومراجعة قرارات فرضت ضغوطاً على الصحافة ومؤسسات إعلامية مستقلة.


من جهته، دعا نائب رئيس الحكومة، وزير الخارجية رمضان لعمامرة، في المؤتمر الصحافي نفسه، المعارضة للمشاركة في الحكومة، وقال "يمكن للمعارضة الانضمام إلى الحكومة"، مضيفاً "مشاكل الجزائر أكبر من أن تدّعي أي مجموعة قدرتها على حل مشاكل البلاد". وأكد لعمامرة أن "الرئيس بوتفليقة قرر عدم حل البرلمان والإبقاء على المؤسسات لضمان استمرارية الدولة". وأكد أنه سيتم إطلاق "مشاورات تحضيرية للاتفاق على خطة تنظيم الندوة الوفاق وتنظيم الأعمال ومن يشارك والشخصية الوطنية التي ستتولى الإشراف عليها"، طارحاً إمكانية مناقشة الندوة "مدى حاجة المرحلة إلى هيئة رئاسية يكون الشباب فيها حاضرين". ويحيل مقترح لعمامرة إلى نفس مخرجات سيناريو يناير 1992، عقب وقف المسار الانتخابي، إذ تم حينها تشكيل المجلس الأعلى للدولة (مجلس رئاسي) يضم خمس شخصيات بقيادة الرئيس الراحل والقيادي في ثورة الجزائر محمد بوضياف.

تصريحات بدوي لم تجد فيها قوى معارضة أجوبة على الأسئلة السياسية المتعلقة التطورات الحاصلة في البلاد. واعتبرت حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب الإسلامية في الجزائر، أن كلام بدوي "غير موفق، ومخيب للآمال، ومن دون عنوان أو هدف أو رسائل سياسية صائبة، ويثبت أن هناك هوّة كبيرة بين الشعب وصانع القرار، وأن السلطة ليست لها آذان تسمع بها جيداً صوت الحراك الشعبي المتصاعد"، مضيفة أن تصريحات بدوي "توقّع على شهادة وفاة هذه الرموز السلطوية التي يُراد تسويقها في هذه المرحلة، وهي غير مقنعة، ولا تزال تخاطب هذه الأجيال بلغة الخشب".

من جهته، قال رئيس الحكومة الأسبق، رئيس حزب "طلائع الحريات" علي بن فليس، في تسجيل مصور رداً على كلام بدوي، "هذا الوزير منذ أسابيع وأيام وأشهر وهو يتنقل بين الولايات من أجل إقناع الجزائريين بأن العهدة الخامسة هي الحل". وتابع "منذ الاستقلال وضعوا العديد من قوانين الانتخابات، وأسوؤها على الإطلاق القانون الذي وضعه هذا الوزير الذي كان وزير الداخلية".
أما القيادي في حزب "العمال"، إسماعيل قودارية، فقال في تصريح إن "رئيس الحكومة أثبت أنه لا يحمل أي أجوبة لأية أسئلة، ولا يمكن لحزب العمال والمعارضة أن تتعامل مع حكومة لا تحمل أي مؤشرات ومعطيات عملية". فيما أكد المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية" لخضر بن خلاف، لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس الحكومة صبّ مزيداً من الغموض على الوضع السياسي، وخروجه في هذا الظرف الحساس من دون أن يقدّم أي تصورات لحل وتجاوز الوضع الراهن، أمر يعزز القلق ويعطي المعارضة الحق في مقاطعة خارطة الطريق التي تقترحها السلطة".




ذات صلة

الصورة

سياسة

أكدت فرنسا، يوم الجمعة، وفاة فرنسي و"احتجاز آخر في الجزائر، في حادث يشمل عدداً من مواطنينا"، بعدما أفادت تقارير صحافية مغربية، أمس الخميس، عن مقتل سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بنيران خفر السواحل الجزائري.
الصورة
كيف غيّر القائمون على فيلم "باربي" قواعد التسويق بتكلفة 150 مليون؟

منوعات

قرّرت وزارة الثقافة الجزائرية سحب ترخيص عرض فيلم "باربي" من صالات السينما في البلاد، بحسب ما ذكرته صحيفة الشروق الجزائرية. 
الصورة
عشرات الحرائق المستعرة في شرق الجزائر (فضيل عبد الرحيم/ الأناضول)

مجتمع

تتحدث السلطات الجزائرية عن طابع جنائي لعشرات الحرائق المستعرة، في حين يتواصل النقاش حول غياب خطط استباقية للوقاية، وقدرات السيطرة المبكرة على الحرائق، خاصة أنها تتكرر منذ عام 2018.
الصورة
استشهد عسكريون خلال مهمات إخماد حرائق الجزائر (العربي الجديد)

مجتمع

أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية أنّ 34 شخصاً لقيوا مصرعهم في حرائق ضخمة نشبت في غابات بمناطق متفرقة شرقي الجزائر، من بينهم 10 عسكريين، فيما أُجليت مئات العائلات من مجمعات سكنية وصلت إليها النيران.

المساهمون