مطار صنعاء والأسرى: حوافز سعودية للتهدئة مع الحوثيين

مطار صنعاء وإطلاق سراح أسرى: حوافز سعودية للتهدئة مع الحوثيين

27 نوفمبر 2019
الإعلان السعودي جاء متزامنًا مع جولة غريفيث (Getty)
+ الخط -
حوافز جديدة تعزز مسار التهدئة العسكرية يمنياً، وهذه المرة من قبل السعودية، بإعلان الإفراج عن مئتي أسير من جماعة أنصار الله (الحوثيين)، إلى جانب إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الخاصة بنقل المرضى، في أعقاب التسريبات عن تفاهمات غير مباشرة بين الرياض والجماعة، خلال الأسابيع الماضية، وبالتزامن مع الجولة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، في المنطقة.

وكشفت مصادر قريبة من الحكومة اليمنية، لـ"العربي الجديد"، الأربعاء، أنّ التفاهمات بشأن إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، "جرى التفاوض حولها منذ أسابيع، مع الأمم المتحدة، بحيث يعود إلى العمل جزئياً للرحلات الخاصة بنقل المرضى، خلال ديسمبر/ كانون الأول المقبل"، متهمة الحوثيين "بوضع عراقيل في مرحلة سابقة، أمام خطة لمنظمة الصحة العالمية لتسيير رحلات خاصة بنقل المرضى".

وفيما قال المتحدث باسم التحالف تركي المالكي، إنّ تسيير الرحلات الطبية إلى مطار صنعاء، في إطار مبادرة من قيادة التحالف لدعم جهود السلام، وباعتبارها خطوة إنسانية، ظل المطار أحد أبرز عناوين المفاوضات خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ إغلاقه من قبل التحالف في أغسطس/ آب2016، إذ بقيت الرحلات بعد ذلك محصورة بطائرات المنظمات الإغاثية، ودفع المدنيون، بمن فيهم المرضى على نحو خاص، ثمناً باهظاً لإغلاق المطار، الذي يُعَدّ شرياناً للملايين من اليمنيين.

وعلى الرغم من أنّ فتح المطار جزئياً أمام المرضى خطوة تأخرت، إذ كانت الحكومة اليمنية قد أعلنت الموافقة عليها منذ أكثر من عامٍ ونصف، إلا أنّه يحمل العديد من المدلولات السياسية، إذ سبق أن رفض التحالف في سبتمبر/أيلول عام 2018 مطالب الحوثيين بالسماح بنقل طائرة عُمانية عشرات الجرحى، يعتقد أن بينهم قيادات، ممن هم بحاجة ماسة إلى العلاج في مستشفيات خارج البلاد، ما أدى حينذاك إلى غياب الحوثيين عن حضور مشاورات جنيف في الشهر نفسه، قبل أن يسمح بنقلهم قبل انطلاق مفاوضات السويد.

ويتعزز الشق السياسي في "الخطوة الإنسانية" بإعادة فتح المطار أمام المرضى، بكون الإعلان من قبل التحالف جاء متضمناً إعلان الإفراج عن 200 أسير من المسلحين الحوثيين، وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار تذليل الصعوبات أمام تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن الأسرى والمعتقلين.

وعلى الرغم من أنّ قيادات للحوثيين أكدت عدم وجود أي خطوة عملية على صعيد الإفراج عن الأسرى، حتى يوم الأربعاء، إلا أنها بمثابة تدشين عملي لأولى خطوات التجاوب المعلنة من قبل السعودية، على صعيد السلام مع الحوثيين، بعد أكثر من شهرين على إعلان الجماعة وقف كل هجماتها باتجاه الجانب السعودي، وما لحق ذلك من خطوات شملت الإفراج عن سعودي واحد محتجز، على الأقل، وكذلك أكثر من 200 من المعتقلين اليمنيين في سجون الجماعة.

ويعيد الإعلان إلى الأذهان مفاوضات السعودية الثنائية مع الحوثيين، في النصف الأول من عام 2016، إذ تخللت التفهمات التي استمرت لما يقرب من ثلاثة أشهر هدنة حدودية، إلى جانب عمليات تبادل أسرى، لكن الفارق هذه المرة عدم وجود أي خطوات معلنة على صعيد لقاءات مباشرة بين الرياض وممثلين عن الجماعة.
من زاوية أخرى، جاء إعلان قيادة التحالف بالترافق مع الجولة التي يقوم بها المبعوث الدولي، حيث كان الأخير قد تلقى لوماً من الحوثيين في صنعاء بسبب التأخير في إعادة فتح مطار صنعاء وعدم اتخاذ خطوات محفزة للتهدئة على غرار ما أعلنته الجماعة، فيما كان غريفيث قد أشاد، في الإحاطة الأخيرة المقدمة لمجلس الأمن الدولي، بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبجهوده في "اتفاق الرياض" بين الحكومة و"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وكذا تراجع وتيرة الضربات الجوية أخيراً، لتأتي صيغة بيان التحالف متناغمة مع هذه الإشادة.

الجدير بالذكر أن التهدئة تسود في أغلب جبهات المواجهات يمنياً، إلى جانب تراجع في وتيرة الضربات الجوية، في الأسابيع الأخيرة، ومع ذلك، فإن الحديدة كانت ساحة لتصعيد خطير الأسبوع الماضي، تمثلت بهجمات للحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيَّرة تجاه منطقة المخا المحاذية للحديدة.

وفي المقابل، نفذ التحالف العديد من الغارات في الحديدة، بعد أن توقفت الضربات الجوية بنحو شبه كلي، منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. وتبقى الأيام المقبلة حبلى بالتطورات التي ستكشف ما إذا كان الإعلان السعودي خطوة سيتبعها المزيد من الخطوات المعلنة بالتفاهم للتهدئة مع الحوثيين، أو أنّ التطور لا يعدو كونه في إطار مناورات تمدد عمر التهدئة إلى حين.