الجزائر: مخاوف من صدامات مع قرب موعد الحملات الانتخابية

الجزائر: مخاوف من صدامات مع قرب موعد الحملات الانتخابية للرئاسيات

14 نوفمبر 2019
دخلت الأزمة مرحلة جديدة ببروز احتكاكات طفيفة بالشارع(العربي الجديد)
+ الخط -

دخلت الأزمة السياسية في الجزائر مرحلة جديدة بعد بروز احتكاكات طفيفة في الشارع بين متظاهرين كانوا يشاركون في مظاهرات تدعم خطة السلطة لإجراء الانتخابات الرئاسية وتؤيد الجيش ومواقف قائد الأركان الفريق أحمد قائد صالح، ومشاركين في مظاهرات مضادة، يعارضون إجراء الانتخابات في هكذا ظروف، وفي ظل بقاء رموز النظام السابق وحكومة نور الدين بدوي.

وشهدت مدينة قسنطينة شرقي الجزائر الخميس تجمع ما يقارب 20 شخصاً وسط المدينة، كانوا يرفعون شعارات تؤيد إجراء الانتخابات الرئاسية وتدعم الجيش وترفع شعارات مساندة لقائد الأركان، لكن عدداً كبيراً من الناشطين المناوئين للسلطة تجمعوا في محيط المظاهرة الأولى، وقاموا بترديد شعارات رافضة لإجراء الانتخابات، وتتهم مؤيدي السلطة بتلقي عمولات مالية مقابل النزول الى الشارع والمشاركة فيما يُعرف "بالمسيرات العفوية".

وحدثت ملاسنات طفيفة بين المجموعتين، لكنها لم تتطور إلى مشادات، حيث تم الحفاظ على الحالة السلمية، لكن رافضي الانتخابات عمدوا لاحقاً إلى استخدام مواد تنظيف مزيلة للروائح والمياه لتنظيف المكان، في إشارة رمزية إلى تطهير المكان مما يعتبرونه "رجساً سياسياً" يتسبب فيه مؤيدو السلطة.

وشنت السلطات حملة اعتقالات في صفوف الناشطين والمشاركين في المظاهرة المناوئة للانتخابات في قسنطينة، بينهم الفنان محمد عدلان بخوش، دون أن تقدم على فعل الأمر نفسه مع المشاركين في مظاهرة المؤيدة للانتخابات وللجيش وقائده الفريق أحمد قايد صالح، بعدما كانت السلطات قد اعتقلت ما يقارب 30 ناشطاً ومشاركاً في مظاهرة مماثلة ضد الانتخابات صدت مظاهرة عمال مركب الحديد وسط مدينة عنابة تم استقدامهم لدعم الانتخابات والجيش.

وشهدت مدينة عنابة الأربعاء أيضاً ملاسنات حادة بين المؤيدين والرافضين للانتخابات، وإذا كانت هذه الملاسنات لم تتطور سواء في مدينة قسنطينة وعنابة إلى صدام بين الطرفين، فإن صورها الأولى تطرح مخاوف جدية من إمكانية خلق حالة توتر في الشارع، أو استدراج الحراك الشعبي لمواجهة حادة للمظاهرات المؤيدة للسلطة، بما قد يمنح السلطة مبررات تبحث عنها للإقدام على الإغلاق الأمني للشارع، خاصة عشية بدء الحملة الانتخابية للمرشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة الاثنين المقبل.

مبررات للتدخل

ويعتقد الناشط السياسي ناصر حداد أن السلطة "كانت تدفع دائماً نحو خلق حالة من التوترات توفر لها المبررات الطبيعية للتدخل وغلق الشارع، وربما يكون دفعها أنصارها للخروج إلى الشارع هو سعيها لخلق حالة صدام بين الحراك الشعبي وأنصارها".

وأضاف حداد لـ"العربي الجديد"، أنه "يتعين على الحراك الحفاظ على سلميته وتلافي التصادم مع المظاهرات المسيرة من قبل السلطة لصالح الانتخابات أو مع قوات الأمن".

ويعزز قرب موعد الحملة الانتخابية من هذه المخاوف إزاء إمكانية حدوث مستويات متعددة من الانفلات أو التوترات الميدانية خلال تنشيط المرشحين لحملتهم في المدن والبلدات والأحياء الجوارية، خاصة بعد تعرض المرشح الرئاسي علي بن فليس لحادث تصادم ومضايقة من قبل رافضي الانتخابات خلال تواجده في مطعم في العاصمة الجزائرية، وكذلك المرشح عبد القادر بن قرينة الذي تعرض لهتافات مناوئة خلال تنشيطه لتجمع شعبي في منطقة تندوف أقصى جنوب غربي الجزائر.

وبرغم هذه الحوادث العابرة، إلا أن المرشحين يطمحون لإنجاز حملة في ظروف أقل توتراً، ويؤكد عبد النور زيام الناشط والقيادي في الحملة الانتخابية للمرشح علي بن فليس أن "الواجب يفرض احترام آراء الجميع بمن فيهم الرافضون للانتخابات، مسؤولية إخراج البلد من هذا الانسداد وعدم وجود رأس لهذا البلد يحتم علينا الاستماع للجميع وسنذهب للشعب أجمع ببرنامج متوازن شامل وعصري".

ويبدي المتحدث تفهماً لمواقف الرافضين للانتخابات ويقول "إن جابهتنا خلال الحملة الانتخابية عقبات فهي مخرجات لأحاسيس أبناء هذا الوطن".

وفي وقت سابق من اليوم الخميس دعا رئيس الهيئة العليا للانتخابات محمد شرفي كل الجزائريين إلى احترام مواقف كل طرف، سواء الداعمين لإجراء الانتخابات الرئاسية أو الرافضين لها.

وقال شرفي خلال زيارته إلى استوديو صُمّم خصيصاً لاستقبال مداخلات المرشحين الخمسة لانتخابات الرئاسة وممثليهم إن "كل مواطن حر في التعبير عن رأيه، لكن يقع على الجميع احترام حرية الآخر الذي يختلف معه في الموقف".

واعتبر شرفي أن "هناك من يقول لا للانتخابات، وهناك آخرون يقولون نعم وهم يتكاثرون يوماً بعد يوم، والفصل يكون بالاقتراع والكلمة الأخيرة للشعب السيد".

وبرأي الباحث في العلوم السياسية يحيى بوزيدي فإن هذه التصريحات تنطلق من أن "احتمال بروز صدام أو توترات خلال الحملة الانتخابية، يبقى وارداً ولا يمكن استبعاده، خاصة إذا وظفت الهوية في الموضوع كحمل رايات وما شابه ذلك".

وأضاف بوزيدي أن الخطاب السياسي والشعبي "خرج في كثير من الأحيان عن دائرة الاختلاف في الرأي إلى الاختبار في الوطنية عند الطرفين، كلاهما يتهم الآخر"، مشيراً إلى أنه يضع في الحسبان وجود "تقصد في خلق حالة استفزاز لدى أحد الأطراف، لصالح الذين يخدمهم العنف وتأزم الوضع".

ويتعقّد وضع الانتخابات الرئاسية في الجزائر شيئاً فشيئاً وتزداد المحاذير السياسية المرتبطة بها، مع قرب موعد الحملة الانتخابية والاقتراع ومع تصاعد الرفض الشعبي للانتخابات، وفقاً لما تبرزه مظاهرات الجمعات الأخيرة للحراك الشعبي، وفي ظل عجز السلطة عن إقناع الرأي العام بجدوى إجراء الانتخابات والضرورات التي دفعت إلى هذا الاتجاه دون بناء توافقات وطنية.

المساهمون