سقطرى آخر محطات التصعيد الإماراتي في اليمن

01 نوفمبر 2019
القوات الإماراتية تسعى للمحافظة على سقطرى (صالح العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن جزيرة سقطرى اليمنية، باتت المساحة الأخيرة للتهور الإماراتي، إذ صعّد حلفاء أبوظبي في الأرخبيل المدرج على قائمة التراث العالمي، مجدداً ضد السلطات المحلية، بالتزامن مع إعلان الإماراتيين الانسحاب من عدن وتسليمها للقوات اليمنية والسعودية في إطار تفاهمات احتواء الأزمة، التي فجّرها الدعم الإماراتي للانفصاليين وبلغت أوجها منذ أشهر. وخلال اليومين الماضيين، وبالتزامن مع الحراك الدبلوماسي لتوقيع اتفاق الرياض، كانت سقطرى ساحة لتصعيد إماراتي، استهدف السلطة المحلية التي وقفت بوجه محاولات أبوظبي لفرض نفوذها على الجزيرة الاستراتيجية، الأكبر على مستوى المنطقة العربية. وأكد محافظ سقطرى رمزي محروس، في رسالة رسمية إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، اطلعت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن التصعيد الذي بدأ الأربعاء الماضي، بنشر مليشيات ما يُعرف بـ"الحزام الأمني" التابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، جاء في أعقاب لقاء قيادات بالمجلس مع مندوب مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، ويدعى علي عيسى أحمد، وأعقبته محاولة مسلحين تدعمهم أبوظبي إنشاء تجمعات وإغلاق الطريق العام، في مدينة حديبو، مركز المحافظة.

وتحتل سقطرى موقعاً استراتيجياً عالمياً، إذ تقع عند ملتقى البحر العربي مع المحيط الهندي، وتُعَدّ الأكبر عربياً، فضلاً عن كونها إحدى أجمل المناطق الطبيعية في العالم، لما تتمتع به من تنوّع طبيعي جعلها عنوان حملة لمنظمة "اليونسكو"، الشهر الماضي، سعت للدفاع عن التراث العالمي المهدد بالجزيرة، نتيجة الممارسات الإماراتية وما تثيره أنشطة أبوظبي من تهديد في تلك المنطقة الآمنة، والواقعة أبعد ما يكون عن مختلف التجاذبات السياسية داخل اليمن.

ومنذ ما يقرب عامين، كانت سقطرى أحد أهم عناوين الأزمة بين الحكومة اليمنية والإمارات، إذ سعت الأخيرة إلى احتلال ميناء المدينة ومطارها بالقوة العسكرية في مايو/أيار 2018، وهو ما اضطر اليمن إلى التقدّم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، ترافقت مع وساطة سعودية، سعت إلى احتواء التوتر في الجزيرة وإقناع الإماراتيين بالانسحاب من المطار والميناء. إلا أن أبوظبي لم تكفّ عن محاولات فرض السيطرة عبر الأذرع المحلية المتمثلة بمناصري ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي" الانفصالي، ومجندين من أبناء الجزيرة، استقطبتهم لتأسيس ذراع أمنية موالية لها، على غرار "الحزام الأمني" في عدن.



وعلى الرغم من تلقي الإماراتيين انتكاسات موالية، بالرفض المحلي للخضوع لهم وبالموقف اليمني عموماً، وصولاً إلى فشل العديد من جولات التصعيد، منها ثلاث محاولات في أقل من شهرين، إلا أن أبوظبي تواصل المحاولات، نظراً للأهمية الاستثنائية التي تحتلها الجزيرة (محافظة بالتقسيم الإداري اليمني)، فضلاً عن محاولات تعويض خسارتها النفوذ في عدن. في السياق، كان لافتاً حصول التصعيد في سقطرى، بالترافق مع الإعلان رسمياً لعودة القوات الإماراتية من عدن، بعد تسليمها لقوات يمنية وسعودية، إذ بقيت أبوظبي لسنوات صاحبة القرار الأول في المدينة، إلى حد كبير، ورتبت ودعمت بمختلف الإمكانات انقلاب الانفصاليين للسيطرة على المدينة في أغسطس/آب الماضي.

الجدير بالذكر، أن الإماراتيين بعد مغادرة عدن، لا يزالون يمتلكون وجوداً عسكرياً يتوزع بين الساحل الغربي، حيث المعركة مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، التي توقفت باتفاق استوكهولم المبرم في ديسمبر/كانون الأول 2018، بالإضافة إلى وجود عسكري في مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت شرقاً، وتحديداً في المنطقة العسكرية الثانية، التي تضم قوات ما يعرف بـ"النخبة الحضرمية". في المقابل، وعلى الرغم من هذا الوجود، فإن الخيارات الإماراتية بعد المآل الذي وصلت إليه أحداث عدن، بخسارة إماراتية للقرار في المدينة، تبدو محدودة للغاية، باستثناء الاعتماد على أذرعها المحلية في إثارة الفوضى هنا أو هناك، كما هو حاصل في سقطرى.