الانفجار الآتي... ولو بعد حين

الانفجار الآتي... ولو بعد حين

15 يناير 2019
من تظاهرة ضد التطبيع في الدار البيضاء، 2015(جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -
توسعت بقعة زيت الاعتراف بعمق الترابط الوجودي، العربي الرسمي مع الاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط بتصريحات أقطابه في الرياض وأبو ظبي والقاهرة على شاشات الاحتلال، تطويعاً وترويضاً وخنوعاً وتحريضاً لإنهاء قضية فلسطين، بل أيضاً عبر زيارات مكثفة لعسكر وأمنيي المحتل. اليوم، كل ممارسات الاستبداد ضد الربيع العربي تبشر بكوارث مستقبلية على أصحابها.
من بين ما على تحالف الثورة المضادة تسويقه، بأذرع تتنفس كذباً وتزويراً للواقع، أن الربيع العربي مجرد "مؤامرة صهيونية -غربية". ويبدو من تراكم مقدمات الانفجار القادم، وإن تأخر، أو ظن البعض أن الشارع العربي صار إلى موات، أن فلسطين لن تكون بعيدة عن شرارته ومركزه، انطلاقاً من تراكم دروس وتجارب الموجة الأولى للشارع الثائر.
بعض شواهد الحقيقة ليست فقط باعتراف رأس نظام الانقلاب في مصر، بالتخابر والتنسيق مع المحتل لقصف أرضه وشعبه في الوقت الذي يحاكم فيه الرئيس المعزول محمد مرسي بـ"التخابر" مع الفلسطينيين، ولا حتى باعترافات ساسة وإعلاميين صهاينة. أخيراً تسارعت وتيرة الاعتراف بتشابك مصالح الاستبداد مع المحتل، وافتضاح أطنان الكذب السابق ومن بينه ما قيل عن الثورة السورية، وانبطاح أنظمة عربية رسمية أمام النظام السوري المرضي عنه إسرائيلياً، والحليف لطهران، وكحارس حدود أمين للاحتلال، بعد تحول البوصلة باتجاه "العدو في أنقرة". هكذا تسابق المبشرون باستكمال رواية التلاقي الخليجي الإسرائيلي إلى نفخ الروح في نظام الأسد.
لن يسهل تسويق القصص المتوارثة عربياً، التي تتلمذ عليها جيل بروباغندا الأنظمة، حيث الانقلابات ضرورة كما الفساد والاستبداد.. وتأخر مشاريع التنمية، والحفاظ على نسب الجهل والأمية، باسم تحقيق "التوازن الاستراتيجي" تارة، ومواجهة "مؤامرة إسرائيل والغرب" ولتحرير الأرض العربية، تارة أخرى.
باختصار، لم يبق شيء لم يسمعه ويجربه الجيل العربي الجديد، مستفيداً من دروس وتجارب الماضي والحاضر، في محاولاته التخلص من الاستبداد. جرب هذا الجيل الانتهازية والنفاق الغربيين، والتدمير والتهجير والتعاطي معنا كبشر فائضين عن الحاجة لا نستحق الحياة والحرية. فحتى حيل الأنظمة ووسائلها لا تجدي، ففلسطين لن تكون شماعة "المؤامرة"، لا عند "الرجعية" ولا لدى "التقدمية". فتراكم الإفلاس، وإن بدا ينتصر، لن يتمكن سوى من إطالة تنفسه المصطنع.​